أرشيف - غير مصنف

فلسطين أمام مذبح أبو عنتر!

بقلم:مهدي أنيس جرادات

للّه درّ فلسطين التي تطبخ فيها المصائب بفعل ساستنا وأئمتنا الّذين هم بارعون في تمثيل الأدوار المسرحية ،وإنّ المتباكون من أبناء شعبي فلا عزاء لهم،سوى أنّهم يتفرجون ليلاً ونهاراً على بطولات الجلاّدين وسماسرة أوباش باعوا أنفسهم للأعداء،حيث جعلوا من الوطن المغتصب جمعية إستثمارية توزع أرباحها بين أحفاد مسيلمة وشياطين بن أبي سلول وزبانية أبي لهب وزعران أبي جهل،حيث حوّلوا الوطن إلى دمية يتراقصون حولهاعلى الرغم أنّهم يعلمون بأنّهم
ملعونون في الأرض والسماء.

كلّما إنطفأ سطح المصائب خلقوا غيرها،وكلّما ضمّد جراح المغلوبين على أمرهم إشتعل من جديد بركاناً ولهيباً،وكلّما تقدمنا إلى الأمام برز من يؤخرها لترجع راضية مرضية إلى حسن الختام،وكلّما ترجّل الغرباء ضعفت فلسطين وإستكانت،فعندئذ برز المتفذلكون..فنتسائل ما هو الحل يا فلسطين؟

حكايتنا يا أخوة مع عصابة أبو عنتر وهو نسبة إلى مايسمّى رئيس وزراء السلطة الوطنية الفلسطينية "سلام فيّاض" ،حيث إرجعوا إلى الوراء وذلك عبر مقالي الذي نشرته في أيار 2009 تحت عنوان"حكومة أبو عنتر إذ تترجّل" ..حيث حذرت من أنّ هذه الحكومة قادمة على خلق سيناريوهات معقّدة ومنسقة ومتبادلة الأدوار مع الكيان الصهيوني ويقف ورائها شخص برجوازي يدعى أبو عنتر.

فقبل أيام قلائل روّجت القناة العاشرة في التلفزيون الصهيوني بكل شفافية فضيحة مدير مكتب محمود عباس ميرزا"رفيق الحسيني" من جهة،وهو في نفس الوقت كاتم أسرار الرئيس أبومازن من جهة أخرى ،وكذلك بالإضافة إلى كونه قيادي يساري ومحسوب على أحد الفصائل الفلسطينية،ونتسائل الآن لماذا جاءت تلك الفضيحة طالما حسم لها توقيت جاء في الزمان والمكان المناسبين،هذا بالعلم بأنّه تمّ الحديث عن تلك الفضيحة قبل عام تقريباًً ومن ثمّ إنطفأت
،ولكن لماذا الآن عادوا وأشعلوها؟

إنّي وحسب تقديري جاءت هذه الفضيحة المخزية وذلك بعد إستدعاء أبو عنترإلى مؤتمر هرتسيليا الخاص بالأمن وإلقائه خطاباً أمام القادة الصهاينة والّذي ينتمي إليهم عملاً وعقيدة،الأمر الّذي جعل من شمعون بيريز يطلق عليه لقب"بن غوريون فلسطين"،وحب باراك له وإعجابه بشخصه وهو يؤهله لأن يكون خليفة أبو مازن المقبل،لأنّه بارع في تقديم تنازلات حقيرة على حساب الشعب الفلسطيني،عدا على أنّه من مدرسة البنك الدولي التي أنشأت للسيطرة
على فقراء العالم وإستعبادهم.

إنّ ضرب مدير مكتب الرئاسة الفلسطينية في هذا الوقت هو ضربة لمحمود عباس ،ولكن هذا    ليس يعني أنّه بسبب موقفه المعارض لإجراء مفاوضات مباشرة وغير مباشرة مع الصهاينة وذلك حسب ما يروّج له الإعلام الصهيوني برمّته،بل إنّ هذا يشكل عامل ضغط صهيوني على على محمود عباس لتقديم إستقالته وتسليم الكرسي بهدوء إلى سلام فياض وذلك لأنّ هناك رضا أمريكي وصهيوني مشترك عليه حيث إستطاع فياض إستغلال ثلاثة أمور ليقف وراء إقناع
الصهاينة بإخراج ملفات فساد السلطة الوطنية الفلسطينية إلى العلن :

-إستغلاله الخلافات التي تجري بن أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، وذلك بعد ترشيح أبومازن عرّاب المفاوضات حياة، وخرّيج مدرسة إسحاق شامير"صائب عريقات" للإنتخابات الرئاسية الفلسطينية المقبلة عن حركة فتح.

-تعطيل أعمال المجلس التشريعي الفلسطيني والّذي لم يسن قانون تشريعي واحد منذ أربعة أعوام.

– الفضيحة دوّت مع بدء زيارات أبو مازن لهيروشيما اليابانية والهند ودول أخرى .

حيث أنّ سيناريو أبو عنتر اللاأخلاقي هذا جاء لتعزيز نظرية إنقلابه بالألوان على أبو مازن ،وهذا شبيه بإسقاط عرفات من قبل أبو مازن ومحمد دحلان ،هناك تناسق أمني فاضح بين المخابرات الصهيونية وحكومة أبو عنتر،ولهذا عندما تمّ إغتيال حاخام متطرف صهيوني بادر الشاباك وبالتواطؤ مع عصابة سعيد أبو علي بتصفية ثلاثة من كوادر فتح على الفورفي نابلس أمام زوجاتهم وأطفالهم.وعندما قام النقيب في الشرطة الفلسطينية محمود الخطيب إبن
يعبد الصامدة بطعن جندي صهيوني عند حاجز زعترة حتى الموت بادر فياض على الفور بالإستنكار والشجب،وهو الذي أغضب الفصائل الفلسطينية ،فعلى حساب من تحدث هذه التكتيكات ..أليس ذلك ما يدل بأنّ سلام فيّاض يستعد لإستلام الكرسي بهدوء كما يروق للصهاينة ذلك.

ونتسائل من هي الجهة التي ساعدت ضابط المخابرات الفلسطينية فهمي التميمي على تسريب مئات الوثائق إلى هذه القناة الصهيونية الغادرة للقيام بهذا العمل الآن؟ وكذلك من هي الجهة التي تؤمن الحماية  للسيد التميمي مقابل القيام بهذه المسرحية ؟ ولماذا أمهل فهمي التميمي محمود عباس أسبوعين لردع الفساد في مملكته؟

أليس مثل هذه التساؤلات تعزّز نظرية ما أقول حيث الأيام المقبلة ستشهد ذلك ،لأنّ عرّاب الدولة الفلسطينية المقبلة على خراب مالطا هو من طبخها ،حيث فلسطين ستشهد سيناريوهات مقبلة على مذبح أبو عنتر ،وعندئذ أستأذن لأقول لكم إسألوا لبيبة! حيث يرد شاعرنا في نفس الوقت على أبو عنتر ليقول له مستصرخاً:

فالنورُ كيف ظهوره أن لم يكن دمنا الوقود      والقدسُ كيف نعيدها أن لم نكن نحنُ الجنود

 

زر الذهاب إلى الأعلى