ليس في العراق مساحة للفتنة والدعوة لصفاء القلوب
خالد القرة غولي
كاتب وصحافي عراقي
لا أدري حقاً لمَ هذا الشغف بنقل الأكاذيب بين الناس، ولماذا التلذذ بعذاب الآخرين وانتهاك حرماتهم ..
وأبقي محتاراً بين ما يُفترض أن يؤديه السياسيين في العراق اليوم من واجبٍ مقدس أنيط بهم وإبداء المشورة والنصيحة وإصلاح ذات البين وتقريب وجهات النظر والسعي إلى استئصال كل جذور وبذور ودواعي الفتنة وقبرها أينما حلت ..
وبلادنا العزيزة الطاهرة قطَّعتها الفتنة إرباً وفتحت أذرع القيل والقال أبوابها مشرعةً أمام العدو
المحتل حتى وصل الأمر إلى وضع السلاح الشريف جانباً والإصغاء إلى الشائعات والأكاذيب والضحك علي الذقون وهكذا بقي عراقنا فريسة الجهل والفتنة والعبث وقساوسة وخسة المحتل فزاد عدد الأميين وتعددت سقوف الهزيمة وأغلقت أبواب الفرج!
وهو إن كان يدري أو لا يدري السيد بهاء ألا عرجي عضو مجلس النواب العراقي أصدر فتوى وهو ليس بعالم تيمناً بقول الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم (من فتي بغير علمٍ فليتبوأ مقعده من النار) وهو يضاف إلى سلسلة المغرضين الّذين تركوا كل هموم الناس ومشاغلهم وبدئوا بالهجوم علي صحابة الرسول
الكريم أي مبرر وهي تهم تعج بالتآمر ويغطيها غبار الجهل،
ألم يكن من المفترض لرجال الفضائيات أن يتأكدوا من نقل المعلومات التي تردهم قبل نقلها وإسماعها للناس تطبيقاً لقول الباري عز وجل (يا أيها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأٍ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ فتُصبحوا علي ما فعلتم نادمين) إنني أحذر هؤلاء من مغبة الاندماج مع أسوأ قائمة في التاريخ والانضمام إلى جمل الأمية والسعي إلى أعمامها بين الناس ونحن بأمس الحاجة الصادقة إلى كل قلب وعقل وإرادة لنشر
العلم والتعلم والوعي بين أبناء عراقنا الصابر ..وأدعو كل المرجعيات الدينية و العلماء والشرفاء وهم الأعم الأغلب إلى التصدي إلى أمثال هذا المدعي وإيقافه واتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بمقاضاته قانونا منذ آلاف السنين والبابليون والسومريون والمصريون واليونانيون والروم والهنود الحمر والصينيون والأفارقة ، يرسمون وينحتون وينقلون معاركهم وانتصاراتهم وهزائمهم ووقائعهم وحكاياتهم وعذاباتهم ومدنهم علي الرقم الطينية وأوراق البردي ، ثم تطور العالم وتطورت معه أساليب التدوين والتوثيق وصولاً إلي الصحف
والمجلات والكتب والأرشيف … الخ حتى وصل العالم إلي ما وصل إليه من تطورٍ أصبحت به عبارة (العالم قرية صغيرة) قديمة وغير مناسبة قد يستعاض عنها بجملة (العالم غرفة صغيرة!) .. مليار وستمائة مليون مسلم توزعوا علي دول العالم جميعاً في آسيا وأوربا وأمريكا وفي أفريقيا واستراليا، في أقصي شمال سيبريا وأدني جنوب المناطق القطبية ، في البحار وفوق الجبال والوديان ، في المدارس والمعامل والدوائر والمنظمات والوزارات، لا تكاد تخلو بقعةٌ من المسلمين أتباع الرسول العربي محمد صلي الله عليه وسلم ، بين هؤلاء المسلمين عددٌ لايستهان به من الفنانين
والرسامين والنحاتين والممثلين والخطاطين والمسرحيين ممن كان مخلصاً لله ولرسوله ، ناشرين دعوة الوحدانية بين شعوب الأرض علي الرغم من تآمر القوي اليهودية ضدهم أينما وجدوا ، فاليهود لطالما نعتوا أمتنا الإسلامية بالتطرف والتعصب والتخندق ، لا لشيء ألا لأننا ندافع عن حقنا السليب في فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان وكل أرضٍ تشرفت وتخضبت وتهذبت بالشهادة ، تارةً بإخراج وإنتاج أفلامٍ ومسلسلات تسيء إلي أمتنا الإسلامية المجاهدة ورموزها برعاية وإشراف وتمويل من الدوائر الصهيونية ، وتارةً محاولة الإساءة إلي صحابة رسول الله رضي الله
عنهم أو إلي آل بيته الأطهار وأحياناً التجاوز على صحابة رسولنا الكريم ! وهذا ما حدث في بلدي العراق كدعاية انتخابية له .. الفنانون والرسامون والتشكيليون الّذين أسسوا مدارس الفن لم يذكر الناس روعة أعمالهم ألا لما أبدوه من تسامحٍ وحيادٍ وعدم تدخل في شؤون الأمم الأخرى ، فليوناردو دافنشي اشتهر برسمه لموناليزا (الجيوكندة) وهو رسم تعبيري لزوجة تاجر ايطالي تبتسم بغموض ولم يسجل عنه أحد أنه اشتهر بتجاوزه أو اعتدائه علي أديان أخري والنحات مايكل انجلوا وصلت شهرته الآفاق وهو يحاكي التماثيل
التي نحتها ، وبتهوفن لم يشتهر آلا بعد أن ألف سيمفونية القدر (الخامسة) نقل فيها معارك وحروباً دارت في أوربا وغيرهم من آلاف المبدعين والعلماء الذين حتى وان كانت لنا تحفظات شرعية علي أعمالهم لكن الأمر منوط بهم (لا ضرر ولا ضرار).. لم يسجل في كل صفحات هذا التاريخ إن المسلمين أساءوا إلي أحد أو سبوا أحداً أو شتموه ولم يثبت أو يروَ أن الرسول محمد صلي الله عليه وسلم شتم أو سب أو أهان حتى ألد أعدائه وهم أعداء الوحدانية من مشركي قريش .. هذه الأخلاق الحميدة والعقل الراجح والقلب الطاهر جسده قائدنا الرسول العربي محمد صلي الله عليه وسلم في أخلاق
وعقول ومنهج من قالوا وشهدوا آن لا اله ألا الله وان محمداً رسول الله ، لم نعتد علي أحد ولم نسخر من أحد فموسي وعيسي هم أخوان لرسولنا الكريم عليهما وعلي رسولنا الصلاة والسلام .. والمسلمون اليوم يحتفون بميلاد سيد الكائنات .. امتنا لا ترفع السلاح بوجه أحد ولم نصنع أو نرفع قنبلة نووية نهدد بها دول العالم ، لكننا أمة حق تنتخي للحق وتثار له ما علمنا وثقفنا عليه الرسول محمد صلي الله عليه وسلم من عدم الإساءة للآخرين وسنري كم من الناس بعد هذا الحدث سيأوون إلي مثابة الحق والهدي ويشهدوا بالشهادتين ((إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)) وأخيرا أدعو الجميع إلى فتح أبواب الحب والتضامن لان في عراقنا اليوم لا توجد فيه مساحة للفتنة والدعوة إلى صفاء القلوب بين العراقيين