أرشيف - غير مصنف

ماذا بعد مصافحة تركي الفيصل لنائب وزير الخارجية الإسرائيلي؟! بقلم/ د. رفعت سيد أحمد

لم تكن مصافحة الأمير تركي الفيصل وزير المخابرات السعودية السابق، لنائب وزير الخارجية الإسرائيلية (داني أيالون) يوم 6/2/2010 في مؤتمر (ميونخ الألماني) أول المصافحات السعودية/ للإسرائيلية ولا أول تعبير علني عن العلاقات الدافئة بين الدولتين، فتاريخ الحب بين أولاد العم قديم، وما جرى ليس سوى تعبير جديد عن واقع معلوم للكافة، إلا أن بعض السماسرة من الإعلاميين ورجال الدين والوهابيين الممولين سعودياً يحاول أن ينكر ذلك، إلا أن الله يشاء كل حين أن يفضحهم، وأن يبين لهم جهاراً نهاراً كذب ما يدعون، وأن من يجملون صورته ويدعون إلى سياساته ودينه ليس إلا رفيق درب للصهاينة أعداء الإسلام وأعداء الحرمين الشريفين.

على أية حال دعونا نفتش في أروقة التاريخ لنبحث عن حقيقة هذه العلاقات ومخاطرها، عل ما ننشره يفيد في تنبيه التائهين الغافلين أو المتعمدين الغفلة من الإعلاميين ورجال السياسة والدين.
إن التاريخ ينبئنا أنه إن حرب الخليج عام 1991 قد شكلت منعطفا هاما بالنسبة لصناعات إسرائيل العسكريةلأنها مكّنتها من بيع الأسلحة الإسرائيلية على نطاق واسع للولايات المتحدة وحلفائهاالعرب، فمثلا اشترت السعودية منها منصات إطلاق صواريخ توماهوك، وقذائف مضادةللدروع، وطائرات استطلاع بدون طيار، وأجهزة ملاحة، فضلا عن 14 جسر عسكرى صنّعتهاشركة تاس الإسرائيلية سعر الجسر الواحد مليون دولار) ويضيف الخبيران الأمنيّان (ميلمان، رافيف) [أن إسرائيل شحنت للسعودية مناظير للرؤية الليلية ومعدات لزرعالألغام وقد أمرالجنرال شوارتز كوف قائد قوات التحالف الغربى ضد العراق بإزالة جميعالكتابات العبرية المنقوشة على الأسلحة حتى لا يكتشف أحد منشأها .
 *ثم يأتى الخبيرالعسكرى (سليج هاريسون) ليبرز فى كتابه (الحرب ذات الكثافة المحدودة) أبعاد عملياتالتمويل وطرقها قائلا(إن مصدرا رفيعا فى المخابرات الأمريكية أبلغه على سبيل المثالأن المخابرات الأمريكية دفعت 35 مليون دولارعام 1986 لإسرائيل من الأموال السعوديةلشراء بعض الأسلحة التى غنِمتْها إسرائيل من الفلسطينيين أثناء غزوها لبنان عام 1982 ثم قامت بشحنها جوا إلى باكستان لتوزيعها على المجاهدين فى أفغانستان )مداولات مجلس الشيوخ الأمريكى عام1987 ص203). وتضيف النيويورك تايمز فى 6/3/1987 [أن آل سعود يستخدمون البنك الأهلى التجارى بجدة الذى لا يخضع لرقابة مؤسسة النقدالسعودية لتمويل ديبلوماسيتهم الصامتة فى العالم العربى والإسلامى ولخدمة المصالحالأمريكية، ويقوم البنك بالتالى بإرسال الأموال إلى ميامى فى أمريكا من خلال بنكآخر هو A.B.C فى جزر الكيمان.
* أما عن عمليات التبادل التجارى فحدِّث ولاحرج.. كتب ألكسندر بلاى فى (جيروزاليم كوارتلى) يقول:[إن النفط يغادر الموانىالسعودية وما أن يصل إلى عرض البحر حتى يتم تغيير مسار القافلة وتفريغ حمولتها فىعرض البحر وتزييف أوراقها وتحويل الحمولة إلى الموانى الإسرائيلية].
 *وتتحدثمجلة الإيكونوميست البريطانية[إن إسرائيل تقوم بحماية النفط السعودى الذى يضخ منميناء ينبع على البحر الأحمر، وعملا باتفاق سرى إسرائيلى سعودى مصرى فإن إسرائيلتقوم بموجبه بحماية القطاع الشمالى من البحرالأحمر بينما تقوم مصر بحماية القطاعالجنوبى والغربى مقابل حصولهم على مساعدات مالية سعودية].
* ولا يقتصر الأمر على علاقات سرية بهذا الاتساع والعمق فى تجارة السلاح والنفط بل تجاوزها إلى مجالاتأخرى متعددة منها قيام الشركات والحكومة السعودية باستيراد أجهزة كمبيوتر إسرائيليةماركة (ياردين) لرىّ حدائق الأمراء والحدائق العامة (يديعوت أحرونوت 16/12/1993)،ومنها عقد اتفاقيات رسمية لتصدير الحمضيات الإسرائيلية(برتقال-ليمون) عبر الأردن (معاريف 4/1/1995)، بينما تذكر صحيفة معاريف فى 29/10/1993 أن شركة سعودية اتصلت بمكتبالمجلس المحلى لمستوطنة (كرنى شمرون) وأبدت استعدادها لشراء شقق سكنية بالمستوطنة،ليس هذا فقط بل إن المفاوضات التى جرت مع دولة قطر لتزويد إسرائيل بالغاز الطبيعىقد خلقت تنافسا بين رجال الأعمال العرب بحيث أبدى رجال الأعمال السعوديين المستمرون باستمرار فى زيارة لإسرائيل اهتماما على مايبدو ليس فقط بعقد صفقات نفط بل أيضا ببيعالغاز الطبيعى (دافار 1/2/94).
 *أما عن المجال الرياضى فقد نشرت صحيفةواشنطن بوست فى 24/7/1989 [ أن فريق نشْءْ وادى شارون الإسرائيلى لكرة البيسبول قد التقىمع الفريق السعودى فى دورة رياضية فى قاعدة رامشتاين الجوية الأمريكية المقامة فىألمانيا الغربية.
 *وتتعدد المعلومات وتتوالى ، عن تاريخ وأسرار العلاقاتالسرية الإسرائيلية السعودية فتذكر مجلة الفجر التى تصدر فى القدس فى 14/5/1992 أنرئيس بلدية القدس (تيدى كوليك) قد اجتمع مع الشيخ إسحق إدريس مستشار الرابطةالإسلامية العليا بالرياض الذى وصل على طائرة شركة العال الإسرائيلية قادما منالقاهرة وهى أول زيارة تقوم بها شخصية دينية إسلامية على هذا المستوى، وقد سلمكوليك للشيخ إدريس تمثالا من النحاس لقبة الصخرة وعبّر له الشيخ إدريس عن رغبته فىالحصول على صورة تشتمل أيضا على حائط المبكى.
 *لكن الدهشة من كل ما سبقتتراجع إزاء ماذكره (مليمان، رافيف) فى كتاب لهما بعنوان (كل جاسوس أمير) يقولانفيه:[إن جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد) قد فوجئ بتحركات مستقلةللثلاثى(خاشوقجى، نيمرودى، آل شويمر) مع العديد من المسئولين الإسرائيليين.. وكانتتلك التحركات عن طريق شارون الذى صار وزيرا للدفاع وعَلا نجمُه وأعلن فى خطاب فىديسمبر 1981 عن امتداد مصالح إسرائيل الأمنية والإستراتيجية من أواسط إفريقياوشمالها.. وحتى باكستان، وقد حصل الثلاثى على وثيقة سرية كتبها ولى عهد السعوديةآنذاك الأمير فهد اسمها (خطة فهد للسلام) لتسليمها للسلطات الإسرائيلية وهى بالطبعكانت مقدمة لما سمي بمبادرة الأمير عبد الله الأخيرة (الملك لاحقاً) عرضها فى بيروت عام2002..
*وتزداد الدهشة تراجعا عندما يعترف خاشوقجى فى عيد ميلاده الـ55 والذىاحتفل به فى مدينة السينما "كان" لمراسلة صحيفة يديعوت أحرونوت بالقاهرة (سامداربيرى) أن (عملية موسى) لتهجير يهود الفلاشا الأثيوبيين إلى إسرائيل والتى نفّذتهاالولايات المتحدة وإسرائيل والسودان عبر الأراضى السودانية قد تمت فى منزله خلالاجتماع سرى عُقد فى مزرعته الخاصة بكينيا عام 1982 وحضره كل من جعفر نميرى و شارونوزوجته و نيمرودى وزوجته وآل شويمر، ورئيس المخابرات الإسرائيلية ناحوم إمدونى) (مجلة الدستور20/8/1990) وتواصل سامدار بيرى حديثها عن التعاون الأمنى بين خاشوقجىوالإسرائيليين قائلة [إن خاشوقجى نصح الإسرائيليين بقوله: أَقْترِح أن تُسلّمواالسلطة إلى صديقىإريك (يقصد أرئيل شارون) وعندئذ سيكون كل شئ على مايرام].. وهكذابعد 20سنة من هذا الحديث تولى شارون السلطة.. وأصبح كل شئ فى منطقتنا على مايرام، دم ودمار وموت، وحروب متتالية ضد العرب والمسلمين، والأسرار عديدة لمن يريد (ولذلك حديث آخر) .. فقط نسأل: هل يجوز أن نتعجب من سلام وقبلات تركي الفيصل أو بندر بن سلطان مع الصهاينة؟ وهل نستغرب أن يجلس الملك عبد الله على نفس مائدة العشاء مع شيمون بيريز في مؤتمر حوار الأديان في نيويورك عام 2008؟! إنها أيها السادة علاقات قديمة بين أبناء العم وآن لها أن تتجدد .. فلا تستغربوا.
 

E-mail: [email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى