صندوق الاقتراع بين المشاركة والمقاطعة
عراق المطيري
بالتأكيد لا يمكن أن يختلف اثنان على إن البندقية هي الطريق الأمثل والأنجع والأشد تأثيرا في السعي إلى الحرية المنشودة من رجس ودنس الاحتلال الأمريكي لقطرنا العزيز وتركيع المحتل وإجباره على الرضوخ إلى الثوابت الوطنية التي اتفقت عليها جميع فصائل المقاومة الوطنية فما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة , وهذا واجب شرعي إضافة إلى انه واجب وطني يسعى كل شريف يحتفظ بأدنى درجات المواطنة إلى تحقيقه وهذا حق وواجب تفرضه علينا كعراقيين دماء الشهداء الذين تقدمونا وسبقونا وفق كل المعاير وهو إكراما لدموع الأيتام والأرامل والثكالى وعلى هذا الأساس كانت مقاطعة كل القوى الوطنية لما يطلقون عليها العملية السياسية أو الانتخابات الديمقراطية ونسميها لعبة تلبية مصالح الاحتلالين الأمريكي والإيراني بوسائل يسعى العملاء إلى إظهارها ودعمها بالشرعية الشعبية , وقبل البت في وجوب ذهاب العراقي إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بصوته من عدمه لابد للمرء من وقفة مراجعة شجاعة للعمليات التي جرت في القطر خلال عمر الاحتلال البغيض للقطر ونتائجها على مستوى المواطن على السواء الموجود هنا في داخل القطر وبقي يجاهد المحتل بكل الوسائل المتاحة أو من اضطر إلى الهجرة القسرية خارج القطر وهي ليست بخافية على القاصي أو الداني .
في التربية الحزبية البعثية يتم التوجيه كما جاء في أدبيات الحزب على انه يؤمن بالانقلاب على الواقع المرير والفاسد كما انه ثوري يؤمن بالثورة على هذا الواقع , والانقلابية والثورية متلازمتان لا تفترقان ولتلبيتهما يعمل الحزب على انتهاج شتى الوسائل المتاحة وخلق الإمكانيات التي تساعد في الوصول إلى غير المتاحة منها , وبمعنى آخر فان الوصول إلى الغايات التي تحقق أهداف الحزب في خدمة الجماهير لابد من استخدام شتى الوسائل السلمية منها والقتالية وبالرجوع السريع إلى تجربة الحزب قبل وبعد ثورة تموز 1958 وتجربته خلال الفترتين ما قبل ثورتيه المباركتين في 1963 و1968 فان الحزب استطاع انجاز ثوراته من خلال الانخراط في أجهزة الدولة التي كانت قائمة آنذاك وخصوصا العسكرية لانجاز ثوراته المجيدة لا عن طريق جيوش أجنبية أسقطت الحكومات التي كانت قائمة حينها, أي إن الانقلاب المطلوب للتغيير لابد أن يتناول كل مرافق الحياة اليومية للمواطن ومن هنا فان التمسك بخيار البندقية لا يعني بالمطلق الانزواء في خندق القتال وترك المواطن لوحده فريسة تتقاذفها أجهزة الدولة العميلة وهذا المواطن هو الأب والابن والأخ والأخت والزوجة والأم , وهذا الأمر يتطلب منا اختراق أجهزة سلطة الاحتلال بكل مفاصلها والنفاذ بقوة كلما أمكن ذلك لمعرفة تحركات أعدائنا ومخططاتهم لإجهاض المقاومة والتمكن من الاستعداد لها وإفشالها ومن جهة وإيجاد منافذ جديدة تمكن المقاومة من التواصل مع المواطن وتقديم الدعم المادي وما يساعده على الصمود لتجاوز الظرف الحالي وهذا ما يساعد على مد المقاومة بأسباب الصمود والمطاولة وتبادل الدعم بين رجال المقاومة بالبندقية وحاضنتهم جماهير شعبنا خصوصا وان الاحتلال لن يتخلى ببساطة عن الأهداف التي من اجلها قام بعدوانه الحقير على شعبنا الصابر ولا عملائه يمكن أن يتخلوا عن منافعهم ومغانمهم وما سرقوه من قوة شعبنا المجاهد .
الجميع يعلم إن إدارة بوش الصغير للولايات المتحدة الأمريكية ومن تحالف معها قد قدمت تبريرات كاذبة للمجتمع الدولي لتبرير عدوانها البغيض تساقطت تباعا ولم يبقى أمامها بعد شخصنة الحرب وحصرها بالقيادة السياسية العراقية الوطنية إلا الادعاء بأنها جاءت لتقيم الديمقراطية في العراق على أنقاض نظام دكتاتوري كذريعة تقدمها كذبا لشعبها وللعالم وقد تمسك بها باراك أوباما بعد أن تنصل عن معظم وعوده لشعبه مكرها أو مختارا تمهيدا لسحب قوات بلاده الغازية التي أهينت تحت ضربات رجال المقاومة العراقية الباسلة وفي كل الأحوال لا يمكنه أن يسحب تلك القوات دون التمسك بتلك اليافطة مع ملاحظة إن إيران الشريك القوي المنتفع من الاحتلال تحاول لوي الذراع الأمريكي من خلال فرض سلطة موالية لها أكثر من الولاء للأمريكان .
وبالعودة إلى سلسة من الممارسات ادعت أمريكا من خلالها أنها تؤسس للديمقراطية في العراق ابتداءا من التصويت على دستور الاحتلال وانتهاءا بانتخابات مجالس المحافظات الأخيرة في 2009 فان نسبة المشاركة الشعبية الحقيقية لا تتجاوز 35- 40 % في أحسن حالاتها وشهدت مقاطعة كبيرة في جميع محافظات القطر دون استثناء ولم يذهب إلى صناديق الاقتراع إلا العميل والانتهازي ولكن في جميعها مررت أهدافها , مرر الدستور وشكلت حكومة تبرعت بثروات العراق وأرضه وشعبه إلى إيران وتعاقدت مع أمريكا وغيرها باتفاقيات لا تقبل بها اضعف الدول ولا يمكن أن تمرر حتى في الصومال في مقابل استمرار جريان شلال الدم العراقي ومن لم تصيبه الرصاصة الإيرانية أو الأمريكية اعتقلته مليشياتهم التي تم تحويلها إلى ما يعرف بالجيش العراقي أو مطارد إذا لم يكن مهاجرا خارج القطر أو مهجر في داخله, هنا تتبادر إلى الذهن مجموعة من الأسئلة لنطالع بعضا منها :
لمصلحة من يتم هذا ؟؟ وهل الوطنية بالضرورة تعني أن لا يتم استغلال المنافذ والثغرات التي يغفل عنها دستور الاحتلال ؟؟ ولمصلحة من تغص السجون بالرجال الوطنيين ؟؟ ومن المنتفع من التبرع مجانا بخيرات العراق وأبناءه جياع ؟؟
وهل فرغ العراق من أبناءه الوطنيين الذين يمكنهم إذا أحسنا احتضانهم من تغيير دستور الاحتلال لصالح العراق وأبناءه ولصالح العروبة؟؟
هل يعني بالضرورة أن نعد من نثق به وبوطنيته وبولائه للوطن وندعمه في صناديق الاقتراع والجميع يعرف الثقل الجماهيري لنا وما يمكن أن نحقق إننا يجب أن نتخلى عن البندقية أو إننا تخلينا عن جهادنا المسلح ؟؟
من يمد المقاومة البطلة ويدعمها بالدم والمال والسلاح غير أبناء هذا الوطن العزيز؟؟
لن نتخلى عن ثوابتنا في الجهاد والتحرير والخلاص الوطني ولن نتخلى عن البندقية المناضلة المقاومة وسنتمكن بإذن الله من تغير نتائج صناديق الاقتراع لصالح العراق والعروبة وسنجاهد الاحتلال الأمريكي والإيراني بالبندقية ولن نتخلى عن الولوج في أي منفذ يخدم مشروعنا لتحرير العراق وليبارك الله بكل جهد يدعم تحرير العراق تحت خيمة ثوابت التحرير الوطنية والقومية .
http://www.alqadsiten.net/index.php
—
اسرة مركز القادسيتيين للدراسات والبحوث القومية