أوروبا .. والضحك على ذقون العرب !؟
• عبدالرحمن محمد
مرة أخرى وبعد الكثير من المرات التي لا حصر لها يؤكد الأوروبيون أنهم لا يُكنون أي إحترام للعرب بعد أن تأكدوا أنهم يمكنهم الضحك على ذقونهم من خلال مسرحيات قصيرة الأجل ولكنها سريعة التأثير والمفعول لدى جمهورها أو متابعيها وهم العرب وبشكل خاص الأنظمة التي فرطت في القضايا العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين ، التي تقلص حجمها من قضية إغتصاب فلسطين ما قبل 1948 الى قضية أراضي محتلة عام 1967 ، ومن قضية شعب يجب أن يستعيد وطنه ، إلى قضية دويلة على ما بقي من أراضي محتلة عام 1967 تنتشر فيها أورام إستيطانية سرطانية ستقضي على فلسطين التاريخية وستحوّل الشعب الفلسطيني الى لاجئين يمكن توطين من ينجو منهم من حروب الإبادة وعمليات الإغتيال الصهيونية في بلدان الشتات القريبة والبعيدة ، ومهما تعددت الشواهد على المواقف الأوروبية من قضية العرب التي كانت عربيا مركزية يوما ما وتحولت عربيا وغربيا أيضا الى عبء وعقبة في سبيل إستتباب السلام حسب المقاييس ( الصهيوأمريكأوروبية ) والتي تقوم على أساس ضمان أمن الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين وتوفير الظروف التي تحقق له الهيمنة السياسية والعسكرية والإقتصادية على منطقة ما سمّته سيئة الذكر كوندوليزا رايس ( الشرق الأوسط الجديد ) وهو الحلم الذي أحالته المقاومة في لبنان أولا ثم في غزة ثانيا الى هوامش على صفحات التاريخ مؤقتا دون أن تحُول نهائيا دون إنتقاله من جديد الى صدر صفحاته في حالة نجاح محاولات خنق تلك المقاومة بأنشوطة تواطئ عرب ( الإعتدال ) مع مخططات فرض الأمر الواقع التي يتم تنفيذها تحت شعارات السلام العادل الذي يعني الإستسلام وتسليم فلسطين الى غاصبيها الصهاينة الذين يعلنون بل ويعملون من خلال جرائمهم العلنية والسرية على تهويد فلسطين وانتهاك حرمات الأماكن المقدسة الإسلامية بل وإزالتها ضمن سلسلة طويلة من الاعتداءات على تلك المقدسات منذ عهد الانتداب البريطاني حيث أخذت أشكالاً متعددة من هدم للمساجد وإزالة معالمها ، أو تحويلها إلى خمارات ومقاهي ومتاحف وأماكن سياحية ، إلى جرف للمقابر أو تحويلها إلى ملاعب وحدائق ومواقف للسيارات ، وبناء المستوطنات عليها ، وتشير الإحصائيات إلى أن عدد المساجد التي هُدمت بين عامي 1948 و1967 بلغ نحو 480 مسجداً ، والمقابر الإسلامية المهدومة حوالي 400 مقبرة ، وتتضاعف أرقام تلك الإحصائيات التي أُجريت بين عامي 1967 و1986 واشتملت على الإنتهاكات التي تعرضت لها الأضرحة والمقامات الدينية الإسلامية ، يضاف الى ذلك كله وغيره كثير عمليات الحفر التي تتم علنا ودون مواربة ومنذ سنوات تحت المسجد الأقصى والتي تُهدد بإنهياره ، ويأتي أخيرا وليس آخرا قرار ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال في الخليل كدليل على مواصلة الكيان الصهيوني لجرائمه الهادفة الى تصفية الشعب الفلسطيني ماديا ومعنويا تحت سمع وبصر العرب والمسلمين دون أن تحرك منظمانهم ولجانهم ومؤتمراتهم ساكنا ليس فقط ضد الصهاينة وإنما وربما بشكل أساسي ضد من يقفون خلفهم ويقدمون لهم الدعم ويتعامون عن كل جرائمهم تلك ، وأقرب دليل على ذلك الموقف الأوروبي الهزيل الذي تمخض عنه إجتماع وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي لبحث إستعمال القتلة الصهاينة لجوازات سفر لم يثبت بعد أنها مزورة وبينها جوازات سفر دبلوماسية ، والذي إقتصر على شجب شكلي لإستخدام القتلة لتلك الجوازات من دون أي إدانة لجريمة الإغتيال أو الإشارة الى فاعليها حيث جاء في البيان الصادر عن الإجتماع : " إن الاتحاد الأوروبي يدين بشدة حقيقة أنَّ أولئك المتورطين بهذا الفعل قد استخدموا جوازات مزوَّرة لدول أعضاء في الاتحاد ، بالإضافة إلى بطاقات ائتنمان تم الحصول عليها عبر سرقة معلومات تتعلق بهويات مواطنين أوروبيين ." معتبرا عملية الإغتيال وإنتهاك سيادة دولة أخرى مجرد فعل لا يجوز إستخدام جوازات سفر دوله عند تنفيذه ، ولعل ما شجع ويشجع أوروبا وغيرها على مواصلة مواقفها الداعمة للكيان الصهيوني والتغطية على جرائمه في إستخفاف واضح بردود الفعل العربية والإسلامية ، ذلك الصمت المريب الذي أبكم الأنظمة العربية وجامعتهم حيال جريمة إغتيال مقاوم عربي وقعت على أرض عربية وبجوازات سفر أوروبية وبإستغلال للإمتيازات التي تقدمها دولة عربية لزوارها الأصدقاء من غير العرب وتحرم منها الأشقاء العرب ، وكالعادة وتطبيقا للمنطق العربي الذي يستند إلى أنه ليس بالإمكان أبدع مما كان وسيكون لم يتجاوز رد فعل تلك الدولة التي إرتكبت الجريمة النكراء على أرضها وفي إنتهاك صارخ لسيادتها حد الإعراب عن " قلقها العميق إزاء إساءة استخدام الامتيازات التي تمنحها الدولة حاليا لحملة جوازات سفر بعض البلدان الأجنبية الصديقة " ، والتعبير عن تقديرها للموقف الذي اتخذه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم في بروكسل وأدانوا فيه استخدام منفذي عملية اغتيال القيادي في حركة “حماس” محمود المبحوح في دبي جوازات سفر أوروبية مزورة وبطاقات ائتمان وهويات مواطني دول أعضاء في الاتحاد ، معتبرة ( وكأن ذلك هو أقصى ما يهمها في تلك الجريمة البشعة ) أن هذا الموقف ( حسب تعبير وزير خارجيتها ) يعبر عن احترام دول الاتحاد الإوروبي لسيادة دولة الإمارات ورفضها أي إنتهاك لحرمتها أو للقانون الدولي ”.
• كاتب وإذاعي ليبي متقاعد
طرابلس / ليبيا
23 /2/2010