واشنطن باعت عبدالملك لطهران مثلما باعت مجاهدي خلق والصحوات.. بقلم: د. أيمن الهاشمي

 

 
أعلنت حكومة طهران القبض على أكبر خصومها المطلوبين وهو (عبدالملك ريجي) زعيم جماعة "جند الله" السنية المتمردة على النظام الإيراني، في عملية (قرصنة جوية) فوق الخليج العربي، وقد تضاربت الأنباء والروايات بين مختلف المسؤولين الإيرانيين حول كيفية القبض على عبدالملك، فقد أوضح عضو مجلس الشورى الإيراني محمد دهقان لوكالة الأنباء الرسمية، أن “ريجي أوقف بينما كان مسافراً على متن رحلة متوجهة من باكستان إلى دولة عربية”. وأضاف أن "الطائرة تلقت فوق مياه الخليج أمراً بالهبوط في إيران، وتم توقيف ريجي بعد تفتيش الطائرة". كذلك قال وزير الاستخبارات محمد مصلحي لوسائل الإعلام الإيرانية في مؤتمر صحفي: "إن الرجل الأول الذي تطارده طهران منذ 5 سنوات اعتقل بعد اعتراض طائرة كانت تقله إلى قرغيزستان". وأضاف نجار “إن قيام قواتنا الأمنية ومخابراتنا في الخارج، باعتقال ريجي دون أي مساعدة من دول أخرى، مؤشر على هيمنة مخابرات إيران على المنطقة!!”. ولم يحدد نجار الدولة التي اعتقل فيها ريجي. وزير الداخلية الإيراني مصطفى محمد نجار، قال ان ريجي اعتقل خارج البلاد ومن ثم نقل إلى إيران.
 
 على العكس من ذلك تماماً صرّحت دائرة العلاقات العامة بوزارة الأمن والاستخبارات الإيرانية بأن "جنود الإمام المهدي السريين!!!" نفذوا عمليات مهمة، ألقوا من خلالها القبض على ريجي. وأوضحت مصادر وزارة الأمن أن ريجي اعتقل في بلوشستان بعد تعرضه لجروح بالغة، خلال اشتباكات مسلحة مع قوات حرس الحدود الإيرانية. قناة “العالم” الفضائية الإيرانية التي تبث بالعربية من طهران، من جانبها قالت إن المطلوب اعتقل في كمين بإقليم سيستان وبلوخستان جنوب شرق البلاد، إلا أن في حين ذكرت وكالة “فارس” المقربة من الحرس الثوري أن “زعيم جند الله اعتقل مع اثنين من أعضاء المجموعة”.
 
       وهكذا فإن الأنباء عن القبض على عبدالملك كانت متضاربة ومتناقضة بين المصادر الإيرانية ذاتها. حكومة طهران أكدت ان زعيم جماعة “جند الله” السنية المتمردة عبد الملك ريجي الذي تتهمه طهران بتدبير عدد كبير من الهجمات الدامية كان في قاعدة أميركية قبل 24 ساعة من توقيفه وأن الأميركيين أصدروا له جواز سفر أفغانياً وبطاقة هوية للتوجه إلى باكستان، وسافر إلى بعض الدول الأوروبية. موضحاً أن زعيم جند الله التقى “مسؤولين عسكريين في الحلف الأطلسي في أبريل 2008”. وتابع وزير الاستخبارات أن “ريجي سافر إلى عدة دول أوروبية، كما أنه إلتقى مع قائد قوات الناتو العاملة في أفغانستان في ابريل عام 2008". وقال: "ان إيران تملك المعلومات والوثائق الكافية عن تعاون ريجي مع الولايات المتحدة و بريطانيا والدول الغربية.طبقا هذه الوثائق قبضنا عليه".
 
           وتتهم طهران الحركة السنية المتطرفة (جند الله) بأنها مدعومة من الاستخبارات الباكستانية والأميركية والبريطانية لإبقاء حالة عدم الاستقرار في المناطق الإيرانية المجاورة لباكستان، وهي المناطق السنية المحرومة. وتتهمها كذلك مسؤولية التمرد والقيام بعدة اعتداءات وعمليات مسلحة خلال السنوات الأخيرة في تلك المنطقة التي تعيش فيها أغلبية من السنة. واتهمت المجموعة خصوصاً بتنفيذ هجوم انتحاري أسفر عن مقتل 42 شخصاً بينهم عدد من قادة الحرس الثوري ومسؤولين عسكريين كبار خلال اجتماع لعدد من قادة الحراس وأعيان قبليين في بيشتين البلدة القريبة من الحدود الباكستانية.
 
         جدير بالذكر ان ريجي كان معتقلا لدى السلطات الباكستانية لفترة وجيزة يوم 26 سبتمبر الماضي في إقليم بلوشستان الباكستاني، لكن باكستان أطلقت سراحه قبل هجوم أكتوبر ويشير المسؤولون الايرانيون إلى أنهم طلبوا من إسلام آباد تسليمه إلى إيران. وتدعي ايران ان عبدالملك كان تحت مراقبة مخابراتها وأن إيران انتظرت القبض على ريجي حيا ليتم استجوابه والاعتراف بما نسب إليه.
 
وبالرغم من تفخيمات وتهويلات ومبالغات السلطات الإيرانية لسيناريو عملية القبض على عبدالملك واستغلالها لتوجيه ما أسمته إيران ب"تحذيرات صارمة" إلى استخبارات قوى الاستكبار العالمي للكف عن التدخل ودعم الإرهابيين السنة الإيرانيين"!! وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمنباراست   إن ريجي “مدعوم من الولايات المتحدة ويقيم علاقات معها. وكانت طهران اعتقلت أحد أشقاء ريجي وهو عبد الحميد ريجي وحكمت عليه بالإعدام وينتظر تنفيذ الحكم فيه. لكن مسؤولا في تنظيم جند الله تعهد في بيان صادر عن التنظيم بأنهم سينتقمون لاعتقال زعيمهم. وتعاني المناطق البلوشية التي يقطنها السنة في إيران وباكستان من معاناة وإهمال من جانب السلطات.
 
الأنباء تتحدث عن صفقة إيرانية أمريكية على – خلاف المعلن في الأنباء عن توتر وأزمة فيما يتصل بالقدرة النووية الإيرانية!!- ، فالأمور تجري بين واشنطن وطهران بمنتهى التنسيق منذ شنت واشنطن غزوها للعراق الذي أعلنت طهران على لسان عدد من كبار مسؤوليها انه لم يكن ليتم لولا دور إيران في تسهيل احتلال العراق وإسقاط نظام الحكم السابق!.. وقيام طهران بالضغط على الأحزاب الموالية لها بالاشتراك في نشاطات ما تسمى بالمعارضة العراقية، وكان من نتائجه أن أغدقت واشنطن العطايا والامتيازات لموالي طهران في بغداد. ومعلوم أن واشنطن كما هو عهدها مستعدة للتخلي عن الأصدقاء والحلفاء عندما تتطلب مصالحها ذلك، بدءا من تنازلها وتخليها عن شاه إيران الأخير وتمكين ما تسمى بالثورة الإسلامية الخمينية من تولي مقاليد الحكم في طهران، ثم شهدنا كيف ان واشنطن تخلت عن مجاهدي خلق في العراق بالرغم من توقيعها عهدا معهم على حماية تجمعهم في اشرف وصمتت واشنطن ومازالت عن أعمال القمع والتنكيل التي تمارسها سلطات بغداد ضد المدنيين العزل في اشرف بتوجيه من الأسياد في طهران..ولا ننسى أن نتذكر كيف باعت طهران أبو مصعب الزرقاوي إلى أمريكا في صفقة لازالت طي الكتمان، مثلما باعت واشنطن قوات ما تسمى بالصحوات في العراق بعد أن أدت دورها المرسوم في محاربة القاعدة، ثم تخلت عنها واشنطن وتركتها نهشا للاغتيالات والاعتقالات من جانب قوات الحكومة الطائفية!!.. وتأتي اليوم عملية تسليم عبدالملك ريجي زعيم تنظيم جند الله في إيران، في سيناريو عصي على الفهم بحيث ان الروايات الصادرة عن حكومة طهران متناقضة فيما بين مسؤول وآخر!!! لكن المفهوم هو ان تفاهما ما موجود بين واشنطن وطهران في صفقة لم تتضح معالمها وتفصيلاتها لكن أدلتها على ارض الواقع وفي الجو… موجودة وحاضرة!! وسيثبت قابل الأيام صدق ذلك.
Exit mobile version