بقلم / سلطان الحفاة
بعد أن غربت شمس العراق وصارت طي دخان كثيف لا زوال له بالأكاذيب المتراكمة ولا بالأماني الميتة التي يروج لها الشعّارة والحيالون والمحتالون المستفيدون من عطايا الاحتلال ولصوص الخيرات الذين تدافعوا بالشق الثاني اللقيط من جنسياتهم الدولية الثانية ، بلؤم متكرر ودناءة متناوبة لأخذ العراق نحو التشظي والتبعثر في كل فاصلة من فواصل التغيير السياسي المزعوم .
وبعد أن أطبقت على سماوات الوطن العتمة والغرق والكمون في القيعان . وبعد أن إمحت روح المقاومة الوطنية العراقية المشروعة عن الوجود بأفعال الخائنين والمتحولين السيئيين والمدعين ، وبعد أن تحولت الدموع والدماء إلى لعنة ومياه آسنة ، وبعد أن تم إخصاء الرجولة العراقية ببساطيل المحتل الأمريكي التي صار يلبسها المخصيون العراقيون من جيش المحاصصة وشرطة المحاصصة ، كمدافعين عن الغزاة ، وتحولوا إلى شرطة مرور معاكسين ، لعرقلة السير أمام مواطني
الشعب ، وفتح الطرقات الخاصة أمام أسيادهم من الذيول والمغلفين بأجندات تبعيتهم الذليلة ضد الحق العراقي .
فإنَّ العراق كله قد صار مرجوماً اليوم بحجر خطيئة رجاله ، الذين وقعوا بوجوههم الكالحة على مواصلة السير في ركاب عراق ممزق معاق ، وكأن شيئا لم يكن قد ضرب العمق النفسي والاجتماعي والسياسي والجغرافي للعراقيين ، ولا أحالهم إلى مصابين بحاسة اللاوجود واللاشعور.
فأيام السياسة في العراق تعهرت بكل المباءة والانحطاط والعدائية .!
ورجال السياسة لم يعودوا يستحوا على أية نقطة من الغيرة ، وها هم يضربون بعضهم ، ويلعنون بعضهم ، ويأكل بعضهم لحم أخيه حيا وميتاً ، مثل حيوانات شبكها الجوع .
وبذلك فمن للازم أن تتحول الأنظار والآمال إلى ما يمكن أن تحدثه أفعال النساء من فعل الرجولة الوطنية والكرامة والنضال من أجل تحرير العراق من الاغتصاب وفقدان البكارة .
لا بد للنساء العراقيات أن ينتفضنَّ من أجل شرف الرجال الذي أغتصب بهذا الشكل المريع .
لقد انسحق العراق بين أنياب الخديعة التي صنعتها القوة العسكرية الإمبريالية الأمريكية والغربية ، ورديفتها من دول عرب الخيانة ، ومن إيران الفرس الأعاجم ، ومرتزقة العملية السياسية من أحذية بريمر ولقطاء العمالة والعملاء ومجلس الحكم ، وبرلمان الدكاكين الحشاشين والحكومات المتتابعة بالعصابات ، والأحزاب الشيعية والسنية الدموية والكردية الطغموية وحكومة إئتلاف دولة قانون الأفانين والأفاقين التي سهلت أمور جميع الفاسدين وأعفت قتلة
المواطنين ولصوص مالية الدولة من المساءلة والمحاسبة ، حتى تحولت الحياة وكل دوائر الدولة إلى منتوج للدمار وبؤر مافيات لسرقة الأموال والنفط وابتزاز الموارد وبيع مناصب الدولة وشراء وظائف الحكومة تحت حساب ريع العائلة والقبيلة والطائفة والحزب من الوزير إلى الزبال وبالعكس ، ومن القاضي إلى الجلاد وبالعكس ، ومن الكبير إلى الصغير وبالعكس .
فليس بعد هذه الكارثة أي كلام عن وطن حقيقي ، ولا عن مواطن حقيقي ، ولا عن مقاومة حقيقية ، لأن أراذل الشخوص ، صاروا شخصيات لها بريقها في سماء السلطة المصطنعة التي جوزت لهم القيام بعمل كل شيء بالمقلوب ، فأعطت صبيان المتدينين لقب السماحة ، ومنحت مصاليخ العشائر لقب السمو ، وتوجت أقزام الكرد ملوكا للطوائف ، وجعلت مزوري الجنسبة يتشدقون بالوطنية ، بعد أن غدا الكثير من الوطنيين القوميين والعلمانيين والعلماء ورجال الدين الإسلاميين جزءاً من
المهرولين نحو مؤتمرات مقاولات المصلحة والمصالحة المسحوبة بالهمرات حسب صافرة باتريوس وبايدن وأوباما وكلينتون وأبناء العبودية والعنصرية ومحاضر جلسات واشنطن .
وجميعهم فاسدون وما أدهى أنهم يسوقون أنفسهم مجدداً مستغفلين مشاعر الشعب المسروق – المغبون – المغيب – المعذب تحت عباءة محاربة الفساد والقضاء على ظاهرة نهب الموارد .!
العراق بلا خارطة إذاً ، والعراقيون ليس لهم وطن في هذه الحالة ، لأن الخديعة قد ضربت أطنابها فغسلت أدمغة حتى آخر الشرفاء وصمام أمان الشعب الذين كان المعتقد بأنهم لن يتمرغوا بأوحال الخديعة ( السياسي الوطني ، المعلم التربوي والأستاذ الجامعي ورجل الدين وقاضي العدالة والمثقف المتنور ) ولكنهم تمرغوا بالخديعة التي جعلتهم ينخرطون في منهجية المسايرة والتكيف مع قبول فكرة استبدال الوطن بالضياع والهباء ، ونزع الجلد والأفكار والضمير والقيم
والأخلاق ومحكات الشرف مقابل الثريد العفن ، ودفعتهم لكي يكونوا عبيدا لشيوخ العشائر الساجدين للعمالة والدولار ، مطأطئين لهم بالكرامة والثقافة كأرقام متأخرة في لائحة كتلهم الانتخابية . وحولتهم إلى قطعان من الحمير يلهثون خلف قيادات أقل ما يقال عنها بأنها جزء من عوادم الاحتلال وضراطه .
فلا أمل للعراق إلاّ بنسائه في تخليص الشعب من رجاله العملاء السياسيين الذين تعفنوا بعطن الاحتلال ، وجعلوا العراق يدور في فلك انتهازيتهم ومطامحهم العبثية والمحاصصية .
فلا أمل للعراق إلاّ بنسائه ، في احتقار الذين تجردوا عن كرامتهم ورجولتهم وميزة نوعيتهم الجنسية في الفحولة التي عقمت نهائياً عن فعل الواجب الحقيقي للحرص على معنى العراق وطناَ وملاذاً وحصناً مستقلاً دون انتهاك .
والعذر من بعض النساء العراقيات اللواتي قد صرن عاهرات في المواخير ونواد الليل ، بعد أن سُدت أمام وجوههن خيارات الحياة الشريفة ، لأنهن أرفع منزلة من الرجال فاقدي الشرف دون اضطرار ولا قهر ولا خميصة ، فأمثالهم في الغالب فضلن بيع الأفخاذ على بيع الوطن الذي باعه الرجال .
فتحية لكنَّ أيتها الشريفات العفيفات ، وتف .. تف على رجال الدين أصدقاء المحتلين ، لأنَّ صداقتهم هذه أسقطت عنهم كل شرف يدعونه به .
فأيتها النسوة الأمل ، ابصقنَّ على وجوه الذين أمامكنَّ وحولكنَّ من الرجال الذين لم يعودوا رجالاً ، إبصقنَّ على صور الوجوه التي ملامحها تنضح بالفشل والطأطأة ، افعلنَّ ذلك من أجل العراق بهؤلاء الطارئين .! وابدأنَّ بكل قريب فما دونه ممن شكَّل حلقة من سلاسل القيد وديمومة احتلال الوطن وخان العراق .
اضربن أمثال تلك الوجوه بالحذاء ، وحاولنَّ أن تسخرنَّ من شيخ العشيرة وعقاله ورجل الدين وعمامته والمتعلم والمسئول الحكومي وهندامه ، وكل من كان على شاكلة أولئك المتعفنين الخائنين حين تصادفنَّ لقاءهم بالحقيقة أو الصورة .
افعلن ذلك من أجلنا نحن الذين لا خيار لنا عندما ولدنا ذكورا فخذلناكنَّ في موقف العار .
افعلن ذلك من أجل أبنائكنَّ وأكبادكنَّ وأجيالكنَّ لكي ينعموا في سنينهم القادمات ويفتخروا بشرفكنَّ وليس بعارنا ، وبفعلكنَّ وليس بصمتنا ، وبشجاعتكنَّ وليس بجبننا .
نحن الذين بعنا حقوقنا بالبطانية وكرت الخلوي والثمن البخس ، وفرطنا بيوسف الوطن وتركناه في بطون حيتان ليس لهم إلاً ولا ذمة .
لأنه لم يبق أمل للعراق ولا للوطن برجاله .
لأنه لم يبق أمل للعراق ولا للوطن إلاّ بنسائه .
فألف تحية إكبار لكنَّ أيتها الصابرات القانعات المقاومات الشريفات ..
وألف تحية للغجريات والراقصات والكيولية وبنات الليل والمهاجرات المشتتات اللائي لم يدنسنَّ الوطن بشيء من الخيانات العامة ، فلم يسرقنَّ مال الشعب ، ولم يعبثنَّ بحنفيات النفط ، ولم يتطاولن على قداسة البلاد بدعم عجلة الخراب والفرار بدواليب سرقة ممتلكات الوطن .