الانفجار الجنسي!!
خالد حسنين
رسالة موجعة وصلتني بالتمرير للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي؛ تتناول الواقع المهين للثقافة في العالم العربي، وتدلل على ذلك بالقول: (في الخمسينيات، كان الجزائري يُنسبُ إلى بلد الأمير عبد القادر، وفي الستينيات إلى بلد أحمد بن بلّة وجميلة بو حيرد، وفي السبعينات إلى بلد هواري بومدين والمليون شهيد … اليوم يُنسب العربي إلى مطربيه، وإلى الْمُغنِّي الذي يمثله في "ستار أكاديمي" … وهكذا..) ثم تقول مازحة (لو عاودت إسرائيل اليوم اجتياح لبنان أو غزو مصر، لَمَا وجدنا أمامنا من سبيل لتعبئة الشباب واستنفار مشاعرهم الوطنية، سوى بث نداءات ورسائل على الفضائيات الغنائية، أن دافعوا عن وطن هيفاء وهبي وإليسا ونانسي عجرم ومروى وروبي وأخواتهن …. فلا أرى أسماء غير هذه لشحذ الهمم ولمّ الحشود).
هذا الحديث المؤلم يصدر عن أحلام مستغانمي صاحبة رواية (ذاكرة جسد) ورواية (عابر سرير) و(الكتابة في حالة عري) و(فوضى الحواس) وهي عناوين تدور حول الحمى وتوشك أن تقع فيه، بصرف النظر عن المضامين الأدبية، والأساليب الكتابية التي ترتقي أحيانا إلى مستويات سامقة من الإبداع.
ما وصلت إليه أحلام يمثل جزءا من إفرازات حضارة الجسد، فالعالم الغربي اعتمد إباحة الجسد بلا قيود رمزا لحضارته، لأن الإنسان (في رأيهم) يمتلك جسده، إذا شاء جعله مقدسا (رهبانية) وإلا فهو مدنّس لا قداسة له، تحرّكه الشهوة، ولا يجوز مقاومتها، لأن المقاومة في نظره تنعكس أمراضا نفسية لها أول وليس لها آخر.
فإذا بلغ الشاب أو الفتاة سنّ الرشد تحررا من كل قيد، وخصوصا في العلاقات بين الجنسين، أو الجنس الواحد أحيانا، وشيئا فشيئا بدأت تلك القيم تنتقل إلى عالمنا عبر الكتابات، والمحادثات، والزيارات، وأخيرا عبر آلاف الفضائيات، ومواقع العيب على الإنترنت. وأضحى الشباب ضحايا عالم يرونه رأي العين، يمثل كشفا كاملا لكل ما هو مستور، في مواجهة قيم اجتماعية تسعى إلى أن تستر كل ما هو مكشوف، ودخل تجار الجسد على خط (النار) يدفعون بمطرب هنا، وقانية هناك، وفضائيات تحترف تجارة (العار).
بالإضافة إلى تلك الهجمة الجنسية التي وصلت إلى كل بيت، نجد انسدادا سياسيا يحتقر العقول، ولا يتيح لها مجرّد إبداء الرأي في أي شأن من الشؤون المهمة، فيتجه الشباب تلقائيا إلى (الأقانيم الثلاثة) الأكثر جذبا: الأغاني والرياضة والأفلام، وتزدهر برامج مثل ستار أكاديمي، و(إبداعات) الرقص، وحالة سعار، ومسّج واربح.. إلخ.
إنه عالم غربي إباحي يريد احتلالنا ثقافيا دون أن يطلق طلقة واحدة، يهاجمنا بفضائياته التريليونية، وقيمه (التحررية) ونحن نقف مشدوهين حينا، ومنافحين عن (الشرف الرفيع) أحيانا، ولكن الماء يسيل تحت القش بغزارة، وكلّما (غلى) الدم في العروق، (رخصت) أجساد كثيرة تحت وطأة الجوع والحاجة والشهوة المستعرة.
من التناقضات التي تعلمتها من الدكتور عبد الحميد القضاة، المتخصص في دورات الوقاية من الأمراض المنقولة جنسيا، أن عدد الإصابات السنوية بتلك الأمراض تبلغ 750 مليون إصابة جديدة، منها 400 مليون إصابة بالكلاميديا، وهي التهابات قابلة للشفاء بمضادات حيوية، ومع ذلك فإن منظمة الصحة العالمية لم تعلن حالة الطوارئ كما في حالة إنفلونزا الخنازير مثلا، بل على العكس من ذلك تسعى المنظمات الدولية إلى إشاعة قيم الإباحية في بقية المجتمعات، التي ما زالت تتمسك بثقافة الحماية.
ومن السخرية المرّة أن ترى العالم الغربي يبذل جهودا كبيرة لمواجهة شهوة الطعام، وينفق مليارات الدولارات للتشجيع على الحمية، وتخفيف الوزن، ولكن إذا جئنا إلى شهوة الجنس نجده يميل إلى التشجيع وليس المحاصرة، وكأنه عالم يقود نفسه إلى حتفه مختارا.
وأختم بإحصاءات تقول: نصف السكان في ليتسوانا مصابون بالإيدز، وهناك 14 مليون يتيم من أيتام الإيدز في أفريقيا وحدها، وهناك أكثر من 11 مليون أم أميركية لم تبلغ سن العشرين… أرقام مذهلة كثيرة يضيق المقال عن سردها، وتجعلنا أكثر ثقة بمنهج الإسلام في الوقاية والمعالجة من هذا الطاعون.
لمزيد من الملاحظات والإحصاءات حول الأمراض الجنسية يمكنكم مطالعة الموقع التالي التابع لمنظمة الصحة العالمية، التي تعترف بوجود 340 مليون إصابة سنويا (فقط) في فئة البالغين (15-49 سنة) في إحصاءات العام 1999، وهي آخر إحصاءات تم الإعلان عنها في المنظمة!!
http://www.who.int/docstore/hiv/GRSTI/index.htm
كما يمكنكم مراجعة الموقع التالي لمزيد من التفاصيل حول الأمراض المنقولة جنسيا:
http://www.avert.org/stdstatisticsworldwide.htm