أرشيف - غير مصنف

كوشنير .. وبقايا العقلية الإستعمارية الأوروبية!؟

عبدالرحمن محمد

تحسن العلاقات الفرنسية الحزائرية مرهون برحيل جيل الثورة .. بهذا التصريح المناقض لأبسط أصول ومبادئ العلاقات بين الدول التي تؤكد على عدم التدخل في الشؤون الداخلية يؤكد الوزير الفرنسي كوشنير أنه أحد بقايا العقليات الإستعمارية العنصرية التي لا يمكن لها أن تتخلص مما عشعش في تلافيف أدمغتها من تطلعات لإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء لفرض الهيمنة من جديد على المستعمرات السابقة ولكن بأساليب جديدة تقوم على زرع الفتنة والإنشقاق وتأجيج نيرانها بواسطة من باعوا الوطن مقابل إشباع البطن ولو على حساب المبادئ والقيم ، وليس مستغربا أن يتولى كوشنير مواصلة دوره في خدمة الصهيونية العالمية التي لا ترى لها وجودا إلا على أنقاض ضحاياها من العرب والمسلمين ، فقد كشف كاتب فرنسي عن دور كوشنير حيال ما جرى ويجري في دارفور من تمرد كاد أن يمزق السودان وهي خير دليل على  الأدوار الخفية والخبيثة التي يقوم بها مخلب القط الصهيوني كوشنير ضد الأمة العربية والإسلامية فقد رفع الكاتب الفرنسي بيير بيان في كتابه بعنوان (العالم وفق رؤية كي) في إشارة للوزير كوشنير القناع عن دوره في تضخيم أزمة دارفور وإلباسها بعداً دولياً لقلب نظام الحكم في السودان وذلك بالتعاون مع الصهيونية ومعسكر المحافظين الجدد في أمريكا ، و فضح فيه أساليب تورط كوشنير بالتعاون مع واشنطن في إشعال قضية دارفور وذلك لتحقيق مصالح شخصية تتعلق بالاستثمار في هذا الإقليم الغني بالنفط واليورانيوم ونهب ثرواته ، إلى جانب خدمة مصالح الصهيونية هناك باعتباره من أشد المدافعين عن الكيان الصهيوني داخل فرنسا ، ووفقا للمؤلف فإن كوشنير هو صاحب نظرية التدخل في الشرق الأوسط بهدف فرض النظام في العالم أجمع وهو أول من طالب العالم بالتركيز على ما يحدث في دارفور ، حيث سارع إلى تأسيس منظمة إستقطب اليها عددا من أنصار اللوبي الصهيوني في فرنسا والعالم وأبرزهم Jaclcy Mamou الرئيس السابق لمنظمة أطباء العالم (MDM) ، التي أنشأها وأسسها كوشنير نفسه ، وهي منظمة تعتبر شريكة في غزو العراق ومعادية للمقاومة الفلسطينية كما ضمت الطبيب الفرنسي السنغالي الأصل (Bernard Schalscna)  أحد نشطاء منظمة (LCR) وIllona Soskin عضو منظمة (LICRA) المقربة من اتحاد طلاب اليهود في فرنسا ، إضافة إلى Phillpe Val رئيس مجلة Harlie Hebdo  الذي يدعو إلى تكريس فكرة أن حرية التعبير تكون مكفولة عندما يتعلق الأمر بتوجيه النقد للمسلمين والكاثوليك ، بيد أنها تكون ممنوعة في حال توجيه أي نقد لإسرائيل  ، وأضاف الكاتب الفرنسي " وقفت منظمة Darfure Urgenc وراء طرح ورقة دارفور إبان حملة انتخابات الرئاسة الفرنسية 2007 ، حيث أنه قبل شهرين من الانتخابات الفرنسية دعت إلى عقد اجتماع موسع ضم سياسيين ومثقفين وفنانين بهدف التوقيع على ميثاق لدعم دارفور من قبل كافة المرشحين للرئاسة الفرنسية ، وذلك بهدف الترويج لفكرة استخدام التدخل ( العسكري الإنساني ) لحل مشكلة دارفور وضحايا ما سمى " بالإبادة الجماعية " ، مؤكدا أن كوشنير هو أول من أطلق مصطلح الإباة الجماعية في دارفور، رغم نفي اللجنة الدولية التي شكلتها الأمم المتحدة لمثل هذا الأمر ، بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك بزعمه أن دارفور تشهد شهرياً مقتل عشرة آلاف شخص ، كما أطلق في العام 1997 فكرة الممرات الإنسانية في دارفور عبر الأراضي التشادية ، وهو مروج فكرة حق التدخل في دارفور ، ودعا أيضا في عام 2007 لعقد مؤتمر دولي في باريس حول دارفور حضره الرئيس ساركوزي ووزيرة الخارجية الأمريكية حينئذ كونداليزا رايس ، وفي تأكيد على تحالفه مع المحافظين الجدد في أمريكا ، كشف الكاتب عن تقلب كوشنير سياسياً بين اليسار واليمين وشغله لمناصب وزارية في الحالتين ، مشددا على أنه من دعاة (Bushism) وذلك في إشارة لترويجه ودعمه  لرؤى وأفكار الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش القائمة على التدخل العسكري تحت مزاعم شتى ، بالإضافة إلى مصالحه الشخصية في إفريقيا ، حيث وقع عقودا استثمارية مع الجابون والكونغو وعدد من الدول الإفريقية الأخرى عادت عليه بعمولات وفوائد مادية كبيرة جدا ، كما كشف بيير بيان أن الوزير الفرنسي يستخدم المتمرد عبد الواحد محمد نور المقيم في باريس للوصول إلى أهدافه ، مؤكدا أن نور صديق شخصي لكوشنير واللوبي الصهيوني  ، ذلك هو كوشنير وتلك هي عقليته الإستعمارية العنصرية كشف عنها وشهد عليها شاهد من أهله ، فهو ليس أكثر من أداة في يد الصهاينة لتحقيق أهدافهم السرية والمعلنة لتقسيم المقسم ، وتجزئة المجزأ وتمزيق الدولة القطرية بعد تمزيق الوطن القومي والشواهد على ذلك ماثلة للعيان في الصومال والعراق        واليمن والسودان الذي قد تُفضي الإنتخابات المزمع إجراؤها فيه الى انفصال الجنوب في دولة أفريقية تستقل عن الشمال ( العربي) وتحظى برعاية الغرب كله الذي كان له وما يزال دور أساسي في تأجيج نيران حروب أهلية متعددة  بدوافع عنصرية ، ودوافع قبلية ودينية ، تمهيدا لإنهيارها وتحويلها إلى دويلات ، بحسب الأعراق أو الدين أو النفط ، الذي هو الهدف أولا وأخيرا ، وكما هو واضح فإن كوشنير وأمثاله يحلمون بالعودة الى المستعمرات القديمة ومنها الجزائر التي كانت تعتبرها فرنسا بعضا من أرضها في أفريقيا وحاولت بكل وسائل اترغيب والترهيب على مدى قرن وثلث من الزمن فرنستها إلا أن شعب الجزائر العربي المسلم أفشل محاولاتها ودحر إستعمارها وطرد جنودها وعملاءهم ، وهو نفس الشعب الذي إنتفض غاضبا ومنددا بكوشنير وعقليته الإستعمارية ومؤكدا أن جيل الثورة خلّف أجيالا تشربوا الثورة ولن يفرطوا في حريتهم وفاء منهم لدماء وأرواح جيل الثورة الذي قدم أكثر من مليون ونصف المليون شهيد ثمنا غاليا لحرة الجزائر الأغلى .
عبدالرحمن محمد
طرابلس / ليبيا
28/2/2010

 

زر الذهاب إلى الأعلى