لحل دولة علمانية مدنية..بلا سلاح و لا عمائم
حميد عقبي
قراءة تاريخ اليمن امر صعب جدا , بلد عصفت به حركات دينية متعددة و نظم قبلية متخلفة جعلته يفقد اهميته الاستراتيجية و الاقتصادية و السياسية و الثقافية و الحضارية و اصبح بلد معزول عاجز عن مواكبة التقدم و قطار الحضارة الانسانية, لم نجني من العمائم و حاملي السلاح الا التخلف و التقهقر و العزلة. و سبق و ان مرت اليمن بمراحل مزدهرة عندما تم السيطرة بكبح جماح العمائم و حاملي السلاح من مشائخ القبائل الذين لا يفكرون سوى في المحافظة على سلطاتهم و توريثها لابنائهم و توريث كل عناصر التخلف من قوانين و عرف لا تخدم الحياة و ليس لها اصول في الدين, اما اصحاب العمائم و سادة المذاهب و الحركات الدينية فهم يقفون دوما ضد التجديد الحضاري و الثقافي .
عزل و فصل الدين عن الدولة ليس كفر, و قد حدث هذا خلال الفترات التاريخية المزدهرة من تاريخ الحضارة العربية و الاسلامية في العصر الاموي و العباسي و كان عصرا منفتحا على العلوم الدنيوية و الحضارات الاخرى و تم ترجمة مئات الالاف من الكتب العلمية و الفلسفية و ازدهرت الفنون كالغناء و الشعر و الرقص و
الموسيقى و سنت قوانين تمنح الرعية حرية اجتماعية واسعة مثل فتح حانات الخمور و دور الرقص و تشجيع فنون مثل الرسم و النحت و الزخرفة و غيرها , لو ان الحضارة العربية ظلت تحت سيطرة الحركات الدينية المتطرفة لما حققت الحضارة العربية كل هذا الانجاز كون بعض الحركات كانت تكفر علم الجغرافيا و الفلك و الرسم و الفن و غيرها من العلوم بل ان بعض الخلفاء كانوا يوجهون رجال الدين لكتابة و الحديث عن موضوع ما و تشجيع الفكر الحر و
الاجتهاد و محاربة الفكر الرجعي المتزمت .
اليمن بلد له ظروفة الخاصة و لكن حان وقت التفكير بقهر هذه الظروف و ان نضع على الطاولة فكرة الدولة العلمانية المدنية الديمقراطية, و نضع رجال الدين في المساجد و الزوايا لتدريس علوم الدين الروحية و دون التدخل في وضع قوانين مدينة تقييد حرية الفكر و التعبير و تحد من قوة العلم و الفنون و الحرية الاجتماعية و منح السلطان صفة لاهوتية مطلقة, و حان الوقت لكبح جماح القبلية و تطوير المناطق النائية بفتح الطرق
و المدارس و دمج الناس مع المتغييرات الحضارية العصرية و انهاء سلطة المشائخ ليسود القانون المدني مكان القانون العرفي الرجعي و ليصبح جميع الناس في اليمن مواطني الجمهورية اليمنية يعرفون لون علمها و نشيدها الوطني و يذهبون للمحاكم المدنية في حال وجود خلافات .
ان يظل القانون المدني محصور في عواصم المحافظات الكبرى و تكون قوانين متخلفة تحكم ثلاثة ارباع اليمن فهذا شيء مخجل و مؤسف للغاية , هذا يعني ان الثورة لم تحقق اي هذف من اهدافها . علينا التسليم بان الدين لله و الوطن للجميع و هذا ليس بدعة و لا كفر هذا حل و عنصر اساسي للتقدم, كون الله ترك للانسان حرية التفكير و الاجتهاد و حل مشاكله الدنيوية و لكن كيفية الصلاة و الصيام و غيرها من الامور الدينية فقد حددها الله في كتبه السماوية و التي تدعو للسلام و المحبة و الاخاء و التعايش السلمي و المساوة و حب الاخرين, لكن بعض الحركات الدينية و خصوصا المتطرفة تعطي للحاكم السلطة المطلقة مقابل ان يعطيها هو سلطة اجتماعية للحد من حرية الناس المدنية في ممارسة حياتهم كبشر و الاستمتاع بالحياة و الانفتاح على الاخر بغض النظر عن الدين او اللغة و الثقافة.
يمن سعيد و رائع يعني يمن حر ديمقراطي ينعم الناس فيه بالامن و الامان من حضرموت الى صنعاء و ينعم الناس فيه بمؤسسات طبية و جامعات و مدارس في الجوف و صعدة و ريمة و البيضاء و
تهامة وذمار و شبوة و غيرها من المناطق المحرومة و المعزولة و المغضوب عليها. لنسعى الى انهاء عصر السادة و العبيد و المشائخ و الرعية و القوانين العرفية المتخلفة و لنسعى لتاسيس دولة علمانية مدنية حتى نستطيع العيش كبشر و نتعايش مع الاخرين و دون هذا سيظل اليمن بلد العزلة و الخوف و سوف تتسع رقعة الارهاب و الحركات المتمردة و قد ياتي يوم يعلن كل شيخ مع مجموعة من العمائم جمهوريات مستقلة ..