أرشيف - غير مصنف
مئات الشركات الإسرائيليّة تبحث عن مراكز بديلة في الخارج.. بعد خطاب نصر الله
هناك توجه لدى الشركات الإسرائيلية لإقامة مراكز احتياط بديلة في الخارج (أرشيف)بدأت تداعيات خطاب الردع الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، بالظهور على الحلبة الاقتصادية، بعدما جرى التكتم إسرائيلياً على تأثيراته الأمنية والعسكرية، وحتى السياسية، من دون أن يقلل هذا التكتم من مفاعيله العملية.
ويمكن القول إن ما حاول المستويان السياسي والعسكري إخفاءه، ظهر على «فلتات لسان» المستوى الاقتصادي، من خلال مسارعة عدد من الشركات الإسرائيلية إلى الإعلان عن نيتها إقامة مراكز احتياط في الخارج تتضمن نُسخاً احتياطية عن قاعدة البيانات المحفوظة في الخوادم الحاسوبية المركزية (server)، في أعقاب تهديدات السيد نصر الله، واضعة هذه التهديدات في مصاف واحد مع احتمالات تعرض إسرائيل لهزة أرضية، مع ما لهذا الأمر من دلالات تطال المجالات كلها، ولا سيما المعنوية منها.
وفي هذا السياق، ذكر موقع «بي سي» الإسرائيلي على شبكة الإنترنت، المتخصص في أخبار شركات «الهاي تك» الإسرائيلية، أن هناك توجهاً لدى الشركات الإسرائيلية لإقامة مراكز احتياط بديلة في الخارج في أعقاب تهديدات الصواريخ والخوف من هزة أرضية. وأضاف الموقع أن هدف الشركات هو نقل المعطيات الاقتصادية والمالية الخاصة بها، وضمان استمرار الأعمال التجارية، في حال وقوع كارثة وتضرر مراكزها في إسرائيل.
ويعطي الموقع الإسرائيلي المذكور تفاصيل أدق عن الحالات التي يرى أن من شأنها التسبب بكارثة في إسرائيل، فيتحدث عن ثلاثة عناصر، هي: «التهديد الإيراني، وتحذيرات السيد نصر الله، إضافة إلى الخوف من هزة أرضية». ويكشف الموقع أن هذه العناصر دفعت أخيراً مئات الشركات والمؤسسات العامة في الاقتصاد الإسرائيلي، والكثير منها من القطاع المالي، لإقامة مراكز احتياط بديلة خارج حدود إسرائيل، من أجل نقل المعطيات المالية والاقتصادية الحساسة، والتمكن من استمرار الأعمال التجارية في حال وقوع كارثة تضر بمراكزها.
ويشير موقع «بي سي» إلى أن إحدى الخطوات الأخيرة في هذا الإطار، نفذت من جانب الشركة الاستشارية هلفيرن (HMS)، إذ وقعت الأخيرة على اتفاقية مع شركة ماد ناوتيلوس (Mednautilus) التي تربط الكابل البحري الرئيسي بين إسرائيل وإيطاليا، بقيمة عشرات ملايين من الشواكل، من أجل استئجار ألفي متر في مركز احتياطي آمن في إيطاليا، يخصص لسلطة البنوك، وشركات التأمين وشركات القطاع المالي التي تقدم لها الخدمات الاستشارية. ونقل الموقع عن حايم رينهولد، من شركة هلفرين، قوله إن شركات الهايتك ستنقل قريباً مراكزها الاحتياطية البديلة إلى إيطاليا.
❞لم تكن إسرائيل سبباً بتشكل المشهد الذي تعزز في مواجهتها❝ويلفت موقع «بي سي» إلى أن هذه المواضيع كشف عنها للمرة الأولى في مؤتمر GRC الذي عقد أخيراً في إسرائيل، ونقل الموقع عن كبير مستشاري شركة هلفيرن قوله إن «الأمر يتعلق بسياسة جديدة، يزداد نطاقها في الأشهر الأخيرة، ذلك أنه حتى حرب لبنان الثانية، فضلت الشركات والمنظمات الإسرائيلية إقامة مراكزها الاحتياطية لحفظ معطيات داخل حدود إسرائيل، وبسبب الوصول والتشغيل السهل لها، نتيجة القرب الجغرافي. لكن خطر الصواريخ من إيران ومن حزب الله في لبنان، وكذلك الخشية من هزة أرضية، أدت إلى إجراء تحول حاد في النظرة لحماية المعطيات وتخزينها. وهكذا، بدأت الشركات الإسرائيلية بالاعتقاد أن من الأفضل لها أن تقيم مراكزها الاحتياطية خارج البلاد، لا في إسرائيل». وفيما رفض حاييم رينهولد ذكر أسماء زبائن الشركة، الذين أقاموا مراكز احتياطية في الخارج، كشف أن الأمر يتعلق بمئات منها.
على صعيد آخر، وفي سياق المحاولات الإسرائيلية التي يمكن رصدها للتخفيف من حدة التهديدات ضد لبنان والتي تلت «خطاب الردع»، حرص رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي، تساحي هانغبي، على توجيه رسالة مفادها «أن إسرائيل غير معنية بالتصعيد»، وذلك على خلفية «القمة الثلاثية» التي جمعت الرئيسين الإيراني والسوري، والأمين العام لحزب الله، في دمشق. وقال هنغبي رداً على سؤال وجهته إليه القناة العاشرة الإسرائيلية إنه «ليس هناك أي صوت حقيقي للتصعيد من قبل الشخصيات العامة والمسؤولة في إسرائيل، وأيضاً من قبل وسائل الإعلام والقادة الإسرائيليين، وكل الأمر أنه كانت هناك جملة واحدة من جانب وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، ولأنها واحدة فلا يمكن أن تختزل رسائل رئيس الحكومة والوزراء، ذوي الصلة، وأنا بدوري أرسل عبر هذه الشاشة رسالة مفادها أن إسرائيل غير معنية بالتصعيد».
أضاف هانغبي: «لم تكن إسرائيل سبباً بتشكل هذا المشهد الذي تعزز في قبالتنا، وهناك عدد كبير من التصريحات لوزير الدفاع إيهود باراك تضمّنت أساساً الدعوة إلى العودة واستئناف مفاوضات السلام مع سوريا، وأنا بدوري أضم صوتي إلى صوته».
في السياق ذاته، دعت صحيفة هآرتس، في افتتاحيتها، الحكومة الإسرائيلية إلى تجنب أي تصعيد عسكري مقابل حزب الله وسوريا، وإلى استنفاد الوسائل الدبلوماسية والسياسية. وأشارت الصحيفة إلى أنه ليس لدى إسرائيل وسيلة أكثر نجاعة من اتفاق سياسي لإحداث تغيير استراتيجي في الشمال وتفكيك التحالف المعادي الذي تقوده إيران.
ورأت هآرتس أن انسحاب إسرائيل من هضبة الجولان، مقابل ترتيبات أمنية مناسبة وتطبيع العلاقات مع دمشق، سيخلق واقعاً جديداً في الشرق الأوسط، يطيل حدود السلام لإسرائيل، ويعزز الاستقرار في لبنان ويمنح سوريا بديلاً للحلف مع أحمدي نجاد.
ولفتت هآرتس إلى أن إسرائيل تخشى عن حق حصارها بالصواريخ البعيدة المدى مع رؤوس متفجرة متطورة، منصوبة في سوريا ولبنان وقطاع غزة، وقادرة على أن تضرب التجمعات السكانية في «غوش دان» ومطارات سلاح الجو.
وحذرت هآرتس من أنه إذا ما واظب نتنياهو على رفضه الحديث مع سوريا بدعوى معارضته لـ«الشروط المسبقة»، وتمسك بموقفه الرافض للانسحاب من الجولان، فلا يجب أن يفاجأ إذا ما تحققت تحذيرات الحرب من دمشق أيضاً.