ثورة احلم بها !!
أ / محمد خليل مصلح
ما زلت أؤمن أن المقاومة مشروع نهضة ؛ لان النهضة لا تقم في الأمم إلا بعد مقاومة وحروب ولم تنهي إلا بالحروب الخاسرة ، لذلك ما من شك أن الفكر المقاوم ؛ وان انتعش بعد انتكاسة الثورة الفلسطينية ومن قبلها العربية بعد أن سقطت في شرك وأحابيل الدول الاستعمارية عندما أوهموها بالتحرر إذا ما اشتركت مع الحلفاء سابقا في مواجهة بقايا الإمبراطورية العثمانية ، المفكر مالك بن نبي في توصيفه للأمة العربية في حديثه عن النهضة وشروطها لأمة العرب قال إن امتنا العربية كالجمل سهلت الانقياد فالجمل برغم ضخامة حجمه فالطفل الصغير يقوده بخطامه و يقولوا العرب أن الأخذ بخطام الجمل يحتاج شجاعة والشجاعة برأي تحتاج إلى الوعي والعقل حتى نستفيد من الشجاعة والتي ترافقها التضحية .
مشروع المقاومة اليوم مستهدف من الداخل والخارج ولكل أسبابه ودوافعه قد تتساوق بعضها ببعض ؛ السيطرة احد الأسباب الرئيسية ؛ السيطرة الخارجية أكثر وعيا لما تريد فهي تتحسب من نهضة الأمة ومن قدراتها ومن تداعيات النهضة على سيطرة القوى الاستعمارية بالعالم واستغلاله ، الاستهداف الداخلي أسبابه لم تتغير من زمن ما يسمى الثورة العربية الكبرى ؛ الحفاظ على السلطة ، واللقب ، والكرسي دون اعتبار لمصلحة الأمة ولا نهضتها ولا وحتى الجغرافية الوطنية ، بل الاستعداد لبلقنتها تحت مسميات كثيرة لشرذمتها ليحفظ كل واحد منهم رأسه وثقافة التوريث عادت إلى كانت عليه حالة الإمارات والممالك دون اعتبار للزمن والمصلحة والوطنية ولا التقدم ولا المشروع النهضوي .
طبيعة الاستبداد والتفرد بالسلطة كأنه مكون نفسي لأمة العرب لا تقدر على الانفكاك منه طوع لخدمة الاستعمار لحمايته أو الموافقة عليه أو على اقل تقدير السكوت عنه أو دعمه ماليا وسياسيا وكل ذل بثمن !!.
هذا الواقع كان البعض يتعلل بالزمن والتاريخ والسياق الطبيعي للتاريخ في التغيير ؛ لكن وقائع اليوم تدحض ذلك السياق ، التغيير للأصلح بحاجة إلى ثورة ، إلى انتفاضة ، إلى مقاومة يكمن فيها عوامل القوة وحدة الهدف وحدة الجغرافيا وحدة الفكر والثقافة ، أوروبا ما زالت ثقافتها واحدة وهي تسير في نسق تاريخي واحد لا يقبل الرجوع إلى مخلفات ثقافة العصور الوسطى ولا آليات الحكم الغابرة وهذا سببه الأول العوامل الكامنة في العقل الظاهر والباطن لمساوئ تلك الحقبة ، والفارق بيننا أن عناصر الاستنارة والقوة في تاريخنا أفضل منها في تاريخ الأمم الأوروبية فأي تناقض هذا الذي بيننا وبينهم !! هم يرفضون العودة إلى الوراء لأنه سيء ونحن نرفض العودة إلى الجذور ؛ لأنها حضارة بحد ذاتها ، قد تصحح المسار التاريخي لامتنا العربية والإسلامية .
عبء المقاومة ثقيل والتحدي خطير والخوف من فقدان البوصلة أعظم مما سبق ، مشروع المقاومة يجب أن يسلك الآن في اتجاهين أو بمعنى آخر أن يحارب على جبهتين : الاتجاه الأول الاستمرار في المقاومة القطرية لمحاربة الاحتلال والاتجاه الآخر خلق جبهة مقاومة عربية إسلامية تتجاوز البلقنة الجغرافية والسياسية للوطن العربي فهي أس الشر وأم البلايا ؛ التي ما زالت تحل بنا ، وان كان لذلك تبعات ليست هينة لكنه مشروع أؤمن به وانظر له .
حالة الانبعاث لليهودية والصهيونية ألا تثير فينا الغيرة والتحدي والعمل !! بمثل هذا السياق والآلية رفضت الصهيونية الاندثار ، وكل دعوات الاندماج واختارت الطريق الأصعب ؛ الانبعاث من تحت ركام الشتات – كما يعرفوه ويسموه -وسلكوا طريق الاستقطاب للقوى الكامنة فيهم ، حتى بعد قيام الدولة ؛ لم تتوقف حالة النهضة والانبعاث عندهم ؛ التمرد كما يصفه مناحم بيغن ، قد أسس لمثل هذه الدولة يخضع لرغباتها معظم دول العالم .
كلماتي هذه أو تعريفي ووصفي للمسلك الصهيوني التاريخي للانبعاث ؛ ليس من باب الدعاية ولا الاستعراض الثقافي والفكري بل للتحفيز والتأييد للفكر المقاوم للثورة المقبلة ، للتمرد على الجثة الهامدة ، للوضع الذي استقر عليه النظام السياسي والمنظومة الفكرية العربية والإنسان العربي المدجن أو المطبّع .
لا احلم إن كتبت للتاريخ أننا اليوم نمر في مرحلة مخاض لمشروع المقاومة الأوسع لحدود الجغرافيا وانبعاث الروح ؛ قدر بعكس القدر الذي استسلمنا له وترنحنا تحته ؛ قدر تتعانق فيه الأمم الإسلامية ؛ امة الترك والفرس وجبهة المقاومة الوطنية في الوطن فلسطين ولبنان ، وأقولها للتاريخ أن بقايا ثقافة ما يسمى الثورة العربية الكبرى في تاريخنا ما زالت تلعب بمقدراتنا ومشروعنا ووحدتنا وأنها ما زالت ترتكب نفس الخطأ الذي ارتكبته سابقا بالعمل مع القوة المستعمرة ، تخدم مصالحها وتحارب في صفها مشروع المقاومة والنهضة كل لأسبابه الخاصة به .