أرشيف - غير مصنف

الوجه الاسرائيلى لسويسرا !! بقلم/ د. رفعت سيد أحمد

 
أياً كان الرأي فيما قاله الزعيم الليبي معمر القذافي في ذكرى المولد النبوي الشريف يوم 25/2/2010 عن عنصرية سويسرا وضرورة مقاطعتها، وأياً كان الموقف السياسي من الرجل ونظامه، اختلافاً أو اتفاقاً، فنحن إزاء قضية صحيحة وعادلة، ولا ينبغي السخرية منها أو التقليل من شأنها، إننا إزاء دولة أوروبية اشتهرت بالديمقراطية والحياد طيلة تاريخها، وفجأة تنقلب على هذا التاريخ وتستخدم سلاح الديمقراطية أسوأ استخدام لتحوله إلى عنصرية تجاه الآخر خاصة من مواطني تلك الدولة، من المسلمين الذين يشكلون جزءاً رئيسياً من النسيج الاجتماعي للمجتمع السويسري، الذي اشتهر بالتنوع والثراء الإنساني وقبول الآخر. القضية بدأت بدعوة من حزب يميني لاستفتاء على حظر بناء المآذن فوق المساجد بسويسرا، في الوقت الذي لا يطبق فيه القرار أو طلب الاستفتاء على المعابد اليهودية أو الكنائس المسيحية، وجاءت نتائج الاستفتاء (نهاية العام الماضي 2009) لتمثل صدمة للضمير العالمي الحر، ومخالفة للمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وحقوق الأقليات، حيث وافق قرابة الـ (60%) من الشعب السويسري على هذا القرار العنصري، والذي تغطى زيفاً بالتقاليد والآليات الديمقراطية، وحتى القضاء السويسري رفض الطعن عليه، إنها الديمقراطية الغربية والتي يبدو أنها لا تستخدم إلا تجاه كل ما يضر أو يسيء للإسلام والمسلمين، صحيح أن بعض فرق المسلمين المتشددة تسببت في هذا الخوف من الإسلام ولكن هذا ليس هو السبب الرئيسي لهذه الهجمة المنظمة على الإسلام ورموزه في الوقت ذاته الذي إذا تعلق الأمر بإسرائيل، وعنصريتها أو أكذوبة الهلوكست والتجارة بها لدى الغرب فإن الأمر يختلف والديمقراطية الغربية يلقى بها في أقرب صفيحة للقمامة، وتحضر تهمة العداء للسامية فوراً، لتلصق بمن يلمح ـ وعبر الآليات الديمقراطية ـ مجرد تلميح بالأكاذيب المؤسسة للكيان الصهيوني، أو العدوان الأمريكي على العراق وأفغانستان، إنها العنصرية الغربية في أدق معانيها المسماة زيفاً ديمقراطية، والتي تجد لها للأسف بيننا (تلاميذ) و(سماسرة) من الخبراء الساسة وكتاب الأعمدة يؤدونها وبشكل أعمى!! وبعودة إلى القرار السويسري دعونا نسجل ما يلي:
أولاً: لا ينبغي أن يهون البعض (من أسرى الديمقراطية الغربية) من المنزلة التاريخية للمئذنة بالنسبة للمسجد، فهي ليست فحسب جزء من معماره الذي لا يعرف المسجد إلا به ولا يقام الآذان إلا من خلالها، ولكنها أضحت شعيرة وفقاً لآراء الفقهاء الثقاة من شعائر إقامة الصلاة في المسجد، والذي لن يتم التفرقة بينه وبين المصنع أو المدرسة أو المنزل إلا بالمئذنة، سواء في سويسرا أو غيرها، ومن ثم يصبح الاعتداء عليها بالمنع هو اعتداء ضمني على (الآذان) وبالتبعية على الصلاة كأحد أركان الإسلام، والاعتداء بهذا الشكل الديمقراطي الزائف، لا مبرر أخلاقي أو سياسي له خاصة وسويسرا ـ تحديداً ودون باقي دول العالم الغربي ـ لم يهددها بن لادن ولم يتم ـ حتى الآن على الأقل ـ تهديد رجال الأعمال ولصوص المال العربي والإسلامي الذين يودعون أموالهم ببنوكها حتى يسحبونها، ولم يصدر ـ حسب علمي ـ تهديد ما (لا هزلي ولا جدي) من المحجبات أو غلاة الإسلاميين حتى تضعهم في الملصقات التي تستفتي على حظر بناء المآذن على هيئة صواريخ وقنابل!!.
ثانياً: عندما تعتدي إسرائيل على المسجد الأقصى، وتمنع الصلاة وتعتدي على الحرم الإبراهيمي، وتضمه إلى ملكية الكيان الصهيوني، فهل تختلف في سلوكها الإجرامي هذا عن سويسرا؟! سيرد البعض من المنبهرين بديمقراطية الغرب، أن الأمرين مختلفان، وأن سويسرا لم تمنع الصلاة ولم تهود الأرض، بل تمارس الديمقراطية على أرضها، ونرد بأن الأمر بدأ بالمآذن والآن ـ وبنفس الأساليب الديمقراطية التي لا تستخدم إلا على المواطنين المسلمين هناك ـ يتم الاستفتاء على منع بناء المساجد ذاتها وهناك من يطالب في فرنسا وألمانيا ليس فحسب بتقليد سويسرا في حظر بناء المآذن، بل بطرد المسلمين من بلادهم، وكله بالديمقراطية، التي لم تقترب من أي من المظاهر اليهودية أو المسيحية في المعمار أو الملبس!! إذن فهما وجهان لعملة واحدة، إسرائيل وسويسرا،
ثالثاً: أمام هذا الواقع الجديد الذي يتعرض فيه الإسلام ورموزه لعنصرية إسرائيلية جديدة في سويسرا تمهيداً لإشاعتها وتعميمها في الغرب كله؛ نسأل ما العمل؟ الإجابة في ظني تكون بإظهار روح المقاومة والتحدي، وعدم التقليل من خطورة السلوك العنصري للأحزاب اليمينية والحكومة السويسرية، وعندما يترجم هذا، يكون على الأقل بإشهار سلاح المقاطعة للبضائع السويسرية مثلها مثل الإسرائيلية، والتهديد الجدي بسحب الودائع من بنوكها، وهذا أضعف الإيمان
 
والله أعلم

زر الذهاب إلى الأعلى