نعم إنّه احتفال أسطوري .. لمهرجان عريق ، و أول ما يثيره من شجن أن تتذكّر أن هناك مهرجانات سينمائيّة عربيّة كل عام ، في هذا البلد ، أو ذاك ، و الصناعة السينمائية العربيّة إذا ما ضربت طولها بعرضها كانت المحصلة صفر .. و ثاني أشجانك ، و أنت تطالع وجوه نجوم السينما العالميّة.. أن تتذكر وجه عادل إمام الذي أصبح مثل قفا الحذاء .. و هو يهاجم المقاومة الفلسطينيّة قائما ، و قاعدا، و يستميت في الدفاع عن نظام عاهر فاجر ، أو تتذكر وجه نور الشريف الكالح و هو يتبرأ من أنّه سيمثل دور " السيد حسن نصر الله " في دفاعه عن ذات النظام .. و اللذان لا يصلان في حقيقة الأمرإلى شرف ذرة غبار على حذاء مقاوم في الجنوب اللبناني .. و ثالث أشجانك أن تجلس في مكانك ، لتتابع نقل مباشر و حصري ، و مجّاني على قناة " FOX MOVES " و التي تتبع لمن يحاول أن يكون شريكا لصاحب أكبر مجموعة إعلاميّة صهيونيّة .. مازال دورها واضحا ، و جليّا في شرعنة كل الاحتلالات ، و المصائب التي يرضخ تحتها هذا الوطن الذي كان يسمّى عربيّا
بغض النظر عن الكمّ الكبير من التماثيل التي تذهب للموسيقا ، و المكياج ، و الأفلام الوثائقيّة ، و أفلام " الإنيميشن " ..فإنّ الجوائز المهمّة ، و أهمّها جائزة أفضل فيلم ذهبت لـ " The hurt loker "، و هو فيلم يتعرض بجانبه الأعظم لتلميع صورة الجندي الأمريكي ، و إظهار بطولاته في العراق ..كما ذهبت جائزة أفضل مخرج لمخرجة ذات الفيلم .. و كأنّما كان قصد أعضاء الأكاديميّة أن تقف " كاثرين بيغلو " لتقول " أهدي هذه الجائزة أيضا للذين يخاطرون بحياتهم يوميّا في العراق " .. و بطريقة قذرة توحي بأنّهم هناك يخاطرون بحياتهم من " اجل أمريكا " ، و ليس من أجل شركات النفط ، و السلاح .. و أنّهم هناك فلول مرتزقة ، و مدمني مخدرات لفظتهم شوارع أمريكا ، و فقراء لم يجدوا فرصة عمل غير امتهان وظيفة العسكري .. فجاءوا ليحرسوا آبار النفط ، و العصابات التي جاءت على ظهور دبابات الاحتلال في المنطقة الخضراء ..كما كان قصدهم أن يقف مؤلف الفيلم " وهو صحفي كان في العراق " ليتحدث عن الجانب الكريه لهذه الحرب التي قوامها " 120000 مقاتل " في العراق ، و " 130000 مقاتل " في أفغانستان ، و أنّ هناك " 4000 ضحيّة " ، و " 20000 مشوّه حرب " نتيجة الحرب الحضاريّة التي تقوم بها أمريكا ..
تسع جوائز تم ترشّيح فيلم " AVATAR " لها.. و كان الجميع بمن فيهم مخرج الفيلم " جيمس كاميرون " يعرف بأنّه لن ينال أيّ ترشيح مهمّ في هذا الأوسكار..لأنّ هذا الفيلم لم يحقق أكبر نسبة إيرادات في تاريخ السينما كما حاول مقدموه في الحفل أن يظهروها ، و أن يعيدوا سببها إلى الأمور التقنيّة .. و الميزانيّة الضخمة ، و الفترة الطويلة التي عمل فيها عليه " كاميرون " ، و لكن لأنّه فيلم يفضح التآمر بين النظام الأمريكي ، و شركات النفط ، و السلاح ..و هو أيضا فيلم يصوّر عقيدة الجندي الأمريكي المتغطرس ، الذي يكون أداة بيد النظام ، فإذا ما تركت له حريّة الفعل تحوّل إلى قاتل مأجور لا يوّفر أبناء جلدته .. و هو أيضا يفضح دور النظام الأمريكي ، و آلة تدميره العسكريّة في قتل الحضارات القائمة في البلاد التي يسلّط عليها الله الإمبراطورية الأمريكيّة ، و قتل عقيدتها الدينيّة ، و نسف معتقداتها.. و لعلّ أهم ما في فيلم " آفاتار " أنّه يثبت في النهاية حتميّة انتصار " المقاومة " المسلّحة على الطغيان ، و العربدة الأمريكيّة ، و لعلّ في قتل " قائد العمليات العسكريّة " في نهاية الفيلم على يد " مواطن من أهل البلد المسلط عليه الاحتلال " ، و إظهار الصورة المذلّة لطرد الجنود الأمريكيين ..ما جعل القائمين على الأكاديميّة يفكرون ألف مرّة قبل أن يقف مؤلف ، و مخرج الفيلم على مسرح توزيع الجوائز لينال مكافأة على كلّ الطروحات الفكريّة التي قدمها في هذا الفيلم …
من حقّ " The hurt loker " أن ينال جميع جوائز الأوسكار .. لأنّها الصورة التي يحبّ الإعلام الأمريكي أن يظهر فيها " الجندي الأمريكي " ، و أن يظهر " الروح الإنسانية " للمرتزقة الذين يقتلون " في العراق " .. و من حقّنا أن نعجب بفيلم " AVATAR " لأنّه يظهر الصورة الحقيقيّة لروح النظام الأمريكي ، و عسكريّيه .. و لأنّه يظهر روح المقاومة ، و جذورها في الدول التي تملك مقومات ، و أسس الحضارة كما في " العراق ".. و لن نبتأس لأنّ حال أعضاء أكاديمية الفنون الأمريكيّة هو حال الاعلام الأمريكيّ .. الذي يقف في الصفّ الكافر .. ومن قبل نال فيلم اسمه " روبن هود " الذي مثله النجم الأمريكي " كيفن كوستنر " جائزة أسوأ فيلم أمريكي لأنّه أظهر " مقاتلا مسلماً " يقف إلى جانب بطل الفيلم في دفاعه عن الفقراء .. مع أنّ الفيلم يملك جميع مقومات الحصول على جوائز الاوسكار .. كما تمّ فيما بعد التعتيم على المؤلف ، و المخرج الأمريكي " مايكل مور " صاحب فيلم " فهرنهايت 11 – 9 " لأنّه وقف ليوّبخ رأس النظام الأمريكي على مسرح " الأوسكار " .. فهل خاف القائمون على الأكاديميّة من تكرار التجربة مع " جيمس كاميرون " فيوضح ما غاب عن ذهن مقدمي الفيلم على المسرح ؟؟ هذا هو المرجح ..
يطرح نجاح كاثرين بيغلوا أيضا .. الصورة المقابلة للمخرجات العربيّات اللواتي يطمحن إلى نيل الجوائز المهمّة .. و تخطر ببالي هنا " إيناس الدغيدي " التي تلجأ إلى كل القصص التي تظهر الجانب الشّاذ من شخصيّة المواطنة المصريّة التي تمثل في الحقيقة " صورة للمرأة العربيّة المسلمة " فتحشوا زوايا أفلامها " بصور الجنس ، و الخلاعة الرخيصة " البعيدة كلّ البعد عن حقيقة الأمور .. و تحدثها .. فتقول أنّها تطمح لنيل جوائز " عالميّة " ..؟؟ وهنا تجد الفوارق .. و مازالوا يقولون أنّنا أمّة متخلفة .. معقول ؟؟
رشيد السيد احمد