أرشيف - غير مصنف
في الجزيرة: أحمد منصور يشوه المرحلة الناصرية والنحلاوي يحبط الأمة.. بقلم: وليد رباح
يتساءل المرء احيانا : هل يجب على المذيع سواء في فضائية او غيرها ان يكون حياديا يطرح مرحلة يكتبها التاريخ ويصنعها وفق رؤى متعدده في شقيها السالب والايجابي .. ام يضع في اسئلته بعض السم في دسم الكلمات فيوحي للمشاهد ان المرحلة التي يطرحها اصبحت وفق هواه يديرها حسب رؤية مسبقه املتها عليه ظروف قناعته السابقة او حتى الحالية .. وهل يجب على المذيع ان ( يستغبي) المشاهد بهذا القدر من التلاعب بالكلمات للوصول الى غايته التي وضعها مسبقا في عقله لكي يقنع المتلقي ان ما يقوله هو الجد اما من يخالفه فهو من الهذر ..
الكثير من الاسئلة يمكن ان تطرح على هذا الصعيد .. ولكن الذي يجعلنا نختصر الموضوع الى الحد الذي نأتي فيه على الزبد دون الرغو لنؤكد ان ما نراه على قناة الجزيرة بتشجيع من مديرها الذي يحمل نفس الفكر الذي يحمله احمد منصور ، ويشد على يده ايذانا بقدوم عصر ( الاخوان المسلمون ) الى سدة الحكم او التوطئة له .. والذي سوف يعيدنا الى ما قبل التاريخ وربما اعادنا الى العصر ( الحجري ) وهذا ليس انكارا بما للاخوان من اياد بيضاء في بعض الامور .. ولا الى خدماتهم الاجتماعية التي تطال الفقراء من الناس .. فهذه كلها من موجبات الفكر الاسلامي سواء كان اخوانيا او تحريريا او حتى من ادبيات الاسلام السياسي .. أما الحكم فلا .. فنحن في عصير نريد ان ندخله بكل سلبياته وايجابياته .. فالسلبية سلوك يجب علينا نبذه وهذا يعتمد على ايمان الناس بسوئه .. والايجابيات ترجونا ان نتقدم بما للعلوم من غلبة في هذا العصر وبما للعقل من احترام عند العام والخاص من الناس والشعوب .. ونحن لا نريد ان نعود الى فكر ظلامي كان له في التاريخ اكثر من فجيعه ..
ولقد تكررت مرحلة ( السم الدسمي ) في الكثير من اللقاءات التي اجراها احمد منصور سواء كانت المرحلة التي يطرحها دينية او سياسية او حتى اقتصادية .. ويختار من الناس من يوافق هواه في هذه ( المنظومة ) التي تبشر بعصر اخواني فيه من الكراهية اكثر من الحب .. وفيه من نبش التاريخ وتزييفه وتشويهه اكثر مما يحتمل .. فمن وافقه على ما في عقله طالت الحلقات حتى مللناها .. ومن لم يعجبه طرحه اختصر الطريق الى بعض اللقاءات فلا يعرف المشاهد ان كانت شهادة على العصر ام خروجا من ذلك العصر .. وكلها في النهاية تؤدي الى ما هو مؤدلج في عقل احمد منصور وخططه التواطئية .. بل دعني اقول انها خطط قناة الجزيرة التي نحترمها ولكننا لا نوافق على الكثير مما تطرحه .. وتلك حالة انسانية لا ننكرها .
كلنا يعرف .. والمعرفة تجمعنا على اننا لسنا اغبياء .. فقد تآمر الاخوان المسلمون على المرحلة الناصرية منذ بداياتها .. لانها كانت حرة نابعة من اعماق الشعب العربي الذي يتوق للوحده .. في وقت نعلم فيه ايضا ان الاخوان المسلمون في كل مكان من الوطن الاسلامي او العربي لا يبتعدون كثيرا عن ( اولي الامر ) ولا يفكرون حتى مجرد التفكير في ان ينقلبوا على الحاكم .. فهم يلعبون على ( الحبال) في معارضة للحاكم على الملآ في ادبياتهم.. ولكنهم في حقيقة الامر هم الحكام الحقيقيون بتأييدهم لما يريده الحاكم .. والامثلة على ذلك كثيره .. ولا يغرنك اعتقال البعض منهم في بعض الانظمة اذا تجاوزوا حدود ما يأمر به الحاكم ..
وكما لا ننكر ان للمرحلة الناصرية أخطاء ربما كان بعضها جارحا الى درجة القهر .. فان نكراننا لما انجزته تلك المرحلة عيب قاتل يقودنا الى ننتصر لفكر معين ناسين او متناسين ان لكل مرحلة من مراحل الحكم حسناتها وسيئاتها. . وقد ينسحب هذا الامر حتى على مرحلة ( الخلفاء الراشدين) رضي الله عنهم .. فهل كانوا منزهين عن الاخطاء على اعتبار انهم من البشر .. والا ما الذي قاد الى النكسة التي ادمت قلوبنا .. ما الذي جعلنا نصفق ونهلل عندما اممت قناة السويس .. وما الذي جعل الانسان العربي يتحفز للدفاع عن مصر عندما تعرضت لعدوان 56 . وما الذي قادنا للفرحة عندما بني السد العالي .. ما الذي جعلنا نفرح عندما اعلنت الوحدة بين مصر وسوريا .. وما الذي جعل القرف يصيب كل جسم عربي عندما اجهضت تلك الوحده مهما كانت المبررات .. ما الذي كان يدعونا للفخر ايام المرحلة الناصرية عندما كان الانسان العربي كما مهملا فجاء من يوقظه من غفوته .. في الاولى حزنا وفي الثانية فرحنا ..
اما ( تحميل ) المرحلة كل تلك المآسي التي يذكرها النحلاوي في حديثه عن المرحله الناصرية فهو خطأ فاحش .. ودعونا نسأل انفسنا : هل كانت سوريا واحة من الديمقراطية رائعة الملامح والمضامين عندما جاءت الوحدة اليها ؟ لماذا لم يتحدث النحلاوي عن القمع والسجون ودوس الانسان السوري بالبساطير قبل مرحلة الوحده .. لماذا لم يقل لنا النحلاوي عن مرحلة ( الجوع ) التي كانت معششة في ثنايا الشعب السوري قبل الوحده .. بحيث فقدت من الاسواق كل بارقة امل تدعو الانسان السوري لان يملآ معدته فانتشر بذلك البغاء والجرائم على مختلفها .. لماذا لم يقل لنا النحلاوي وبصريح العبارة انه كان متآمرا اجهض أملا كان في دم الانسان العربي آنذاك .. وهل القمع الناصري الذي تحدث عنه مبررا لاجهاض الوحده ؟ ..
ان المؤشر الحقيقي الذي ذكره النحلاوي في حديثه ان الشعب السوري كان يتوق للوحده .. ذلك المؤشر الذي يعني ان الانفصال كان ضد ارادة الشعب ولم يكن لتصحيح الاوضاع كما يقول .. وهل استشار النحلاوي الشعب السوري بكامله او سعى لاخذ رأي تلك الشريحة عن رأيها بالوحده .. ولم يقل لنا ان الذي تأثر من الوحدة هم اولئك الذين يمتلكون المال الذي بنوه من دم الشعب السوري .. فجاء من يريد ان يشارك الشعب في ثروة اولئك .. وكلنا يعرف الغنى الفاحش الذي كان يتمتع به الاغنياء في وقت كان الشعب السوري لا يجد اللقمه ..
ويبدو ان السيد النحلاوي لا يعرف معنى للوحده .. اذ يتطرق الى ان الضباط المصريين كانوا في وضع يستلمون فيه زمام الامور دون الضباط السوريين .. فماذا تعني الوحدة اذن ؟ هل هي وحدة ورقية فقط .. وكلنا يعرف ان الضباط السوريين كانوا ينتدبون الى مصر لتأهيلهم اكثر في وقت كان فيه الجيش المصري رقما واحدا واوحدا في الجيوش العربية .. ولكننا في حقيقة الامر نؤكد وحتى من خلال حديث النحلاوي ان هاجسه الوحيد كان ( الحكم ) وكانت ملامح ثورته المضادة تؤشر انه يخاف الى حد الغثيان من ان يفقد امتيازاته ووظيفته خاصة وان سوريا في ذلك الوقت كان الحكم يتغير فيها عندما يقود ( شاويش ) ثلاث دبابات لكي يحتل الاذاعة وينصب نفسه حاكما لها .
لماذا لم يقل لنا النحلاوي انه باجهاضه الوحدة بين مصر وسوريا كان ينفذ اجندة خارجية ارادت ان يعود الانسان العربي الى الوراء زمنا نراه اليوم .. سواء عن قصد او دون قصد .. كل تلك الاسئلة يمكن ان تقودنا الى الجنون .. في وقت نرى فيه النحلاوي ما زال يعيش دون محاكمة او حتى اسئلة عما فعله ؟ واني لاعتقد ان الشعب العربي بكامله يريد لهذا ( النحلاوي ) ان يظهر في قفص الاتهام لمحاكمته عما فعل ..
قد نقول الكثير .. ولكننا على يقين ان الشعب السوري ما زال يتحسر على الوحدة وايامها .. واني لاعتقد ان ذلك الشعب المعطاء المتشوق لجمع كلمة العرب ما زالت في قلبه حسرة .. وما زال في دخيلته يلعن كل من كان سببا في اجهاض الوليد الذي لم يكتمل نموه بعد .. فالعبرة دائما فيما يأتي .. لا فيما كان .. فان كان هنالك اخطاء فهذا يعني ان المخطئين يعملون .. ومن لا يعمل .. لا يخطىء ابدا ..