صفعات على وجوه عرب الإعتلال !؟
عبدالرحمن محمد
تباعا ودون توقف تظهر نتائج أكذوبة الإعتدال العربي الذي هو في واقع الأمر إعتلال ينخر عظام اللاهثين وراء سراب السلام المزعوم مع من إغتصبوا الأرض وشردوا الشعب ويُهوّدون المقدسات ، فالصفعات تتوالى على وجوه يبدو أنها فقدت الإحساس ، فبعد أيام معدودة من قرار لجنة مبادرة الإستسلام العربية المختلف حوله بين أعضاء اللجنة والتي تضم في عضويتها بعض الدول العربية والذي يعود به رئيس السلطة الوهمية المنتهية ولايته إلى مفاوضات غير مباشرة إستجابة من ( عرب الإعتدال ) لأوامر كلينتون النسخة الشقراء من رايس التي كانت تجمع ملوك ورؤساء ووزراء دول الإعتدال لتتلو عليهم ما يجب أن ينفذوه من تعليمات غير قابلة للنقاش حتى لا يثيروا غضب سيد البيت الأبيض أو نائبه عليهم فيفقدون عروشهم وربما يُعلّقون على المشانق بقرارات محاكم صورية يتم إدارتها بالروموت كنترول من على بعد آلاف الأميال ، بعد أيام من ذلك القرار الذي دافع عنه ( أمين الجامعة العربية ) وهو من يُفترض أن يدافع عن حقوق العرب وليس عن قرار يهدف أساسا إلى التشويش على قمة عربية يُتوقع ويُؤمل أن تكون مختلفة عن سابقاتها من حيث إتخاذ المواقف بدلا من مجرد إصدار البيانات ، وتغنّى بأهميته رئيس حكومة الكيان الصهيوني ، وهنأ الرئيس الأمريكي اللجنة على قرارها ذلك ، ها هم أولئك الذين يفترض أنهم سيشاركون في تلك المفاوضات مع أبو مازن أحدهما كطرف والآخر كوسيط يلقون بقرار تلك اللجنة الى سلة المهملات ، فالوسيط الأمريكي الذي يجب عليه أن يكون محايدا تجاه الجانبين اللذين سيقود المفاوضات بينهما يجدد على لسان نائب الرئيس الأمريكي ويؤكد إلتزام الولايات المتحدة بأمن وسلامة إسرائيل ، وكأن ما يهم الوسيط الأمريكي التوصل إليه من خلال تلك المفاوضات هو فقط ضمان أمن وسلامة الكيان الصهيوني القائم على أنقاض فلسطين وعلى أشلاء شعبها ، وهاهو الطرف الذي يستجديه عرب الإعتدال أن يقبل مبادرتهم وأن يُخرجها من سلة المهملات التي ألقاها فيها شارون بعد ساعات قليلة من إعلانها في بيروت يوجه صفعة مدوية لهم ولمن جرهم إلى أكذوبة الجهود الأميركية الرامية إلى تحريك المفاوضات الاسرائيلية مع السلطة الفلسطينية التي لا سلطة لديها بإقراره خطة جديدة لبناء 1600 وحدة استيطانية في القدس الشرقية المحتلة ، في واحد من اكبر مشروعات الاستيطان ، وهو يعادل بناء بلدة او حي يهودي جديد داخل المدينة المقدسة التي تنفذ فيها حكومة بنيامين نتيناهو اوسع حملة تهويد منذ احتلالها في العام 1967، وتشمل الاستيطان وطرد السكان الفلسطينيين وهدم منازلهم ، وذلك بعد يوم على إعلان المبعوث الرئاسي الأميركي جورج ميتشل عن اتفاق لبدء مفاوضات غير مباشرة فلسطينية اسرائيلية ، وفي الوقت الذي يقوم فيه نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن بزيارة إلى الكيان الصهيوني التي يرى مراقبون صهاينة انها ليست أكثر من محاولة لتحسين صورة الرئيس الامريكي أوباما بين الاسرائيليين بعد ان اظهرت استطلاعات الراي تراجعا في شعبيته بينهم بسبب مواقفه التي يراها الاسرائيليون بعيدة عن مصالحهم ، وفي محاولة للتخفيف من وقع الصفعة والإحراج الذي تسبب به القرار الصهيوني لواشنطن ، قال بايدن : « إنني أدين قرار حكومة إسرائيل بناء وحدات سكانية ( جديدة ) في القدس الشرقية » وكأن ما تم بناؤه فعلا على أنقاض بيوت الفلسطينيين وما يتم من تهويد لمدينة القدس أمر لا يستوجب الإدانة ، معتبراً " أنّ مضمون الإعلان وتوقيته الذي يترافق مع إطلاق المفاوضات عن قرب يُعدّان خطوة لتقويض الثقة التي نريدها في الوقت الراهن ، ويأتيان في مسار عكسي للمحادثات البناءة التي قمت بها في إسرائيل " ويأتي الإعلان عن هذا المشروع الاستيطاني بعد يوم من إعلان الوزير الصهيوني جلعاد أردان عن بناء 112 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة قرب بيت لحم في الضفة الغربية ، وإعلان الصهيوني اليميني هداري نائب رئيس بلدية الاحتلال في القدس أنّ الجماعات الاستيطانية تعتزم قريباً السيطرة على منازل فلسطينية في حي الشيخ جراح في المدينة المحتلة ، وقال هداري خلال جولة قام بها في الحي ، إن المستوطنين سينفذون قريباً خطة بهدف جلب مستوطنين جدد إلى حي الشيخ جراح ، مشيراً إلى أن هناك « نية لتنفيذ الملكية اليهودية على المكان » وأضاف أنّ هدف جولته في الحي هو التضامن مع المستوطنين جراء التنكيل بهم من قبل متظاهري اليسار ، وكأن هناك بين من إغتصبوا فلسطين وقتلوا وشردوا شعبها يمينيين يعارضهم يساريون وأن بينهم صهاينة ومعارضين للصهيونية وهم في واقع الأمر لا يختلفون حول الهدف وهو إبادة الشعب الفلسطيني وإن إختلفت وسائلهم ، وليس أدل على ذلك مما يقوله المؤرخ اليهودي ( بيني موريس ) الذي إتُهم فيما مضى من الجهاز الأكاديمي الصهيوني بأنه معاد للصهيونية ، وهو أن التطهير العرقي للفلسطينيين هو كالقضاء على الهنود الحمر في أمريكا ، حالة يُبرر فيها الخير الأعظم ممارسات صعبة وقاسية ، أي أنه في نظره لا بأس من القضاء على شعب لترسيخ الديموقراطية على أشلائه ، فيالها من ديموقراطية مضرجة بدماء الأبرياء ، علما بأن جميع من يدّعون أنهم معادون للصهيونية سبق لهم أن خدموا في جيش الإحتلال الصهيوني وأرتكبوا أبشع جرائم الحرب .. فهل من سبب بعد كل تلك الحقائق التي يؤكدها التاريخ الماضي والمعاصر والتي لا مجال لكل ذي بصر وبصيرة من عرب أوعجم أن يتجاهلها وهي أن من قضوا على السكان الأصليين لأمريكا أو غيرها في حروب إبادة وحشية ، لا يمكن إلا أن يقفوا إلى جانب من يمارسون نفس جرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية على أرض فلسطين أو غيرها ، فمتى يستوعب العرب المعتلون وغير المعتلين تلك الحقائق ، فيوظفون ما يمتلكونه من إمكانيات بشرية ومادية ومعنوية بالأسلوب وفي الإتجاه الصحيحين اللذين يعيدان الحقوق المنهوبة في فلسطين وفي غيرها من الأراضي العربية ؟؟
عبدالرحمن محمد
طرابلس ليبيا 10/3/2010