البعد الأمني لما يحدث في مخيمات لبنان " وهل ينجح دايتون"
منذ أيام وقع عباس عدة مراسيم تقضي بتشكيل قيادات جديدة للساحة اللبنانية وبوصاية قيادية من قياديي عصابة التنسيق الأمني في رام الله .
وبين الذهاب والإياب بلغت جميع الأطراف بأسماء القيادات الجديدة للكادر الحركي والعسكري في الساحة اللبنانية بعد أن تحايل قائد الإنقلاب على فتح محمود عباس وربيبه أبو ماهر غنيم على طموحات الكادر الحركي في الساحة اللبنانية ورفضهم الثري والأوسلوي الذي لهث وراء مصالحه مع سلطة رام الله وترك ذاتيته اللاجئة عند اللاجئين في لبنان وبشخصية جديدة وتضاريس جديدة تليق بثرائه وولائه وثمن عضويته للجنة المركزية الأوسلوية التي حاز عليها في بيت لحم وفي مؤتمرها المرتب من قبل عدة دوائر ، وكما تحدث رئيس الشين بيت لحسين الشيخ قائلا له : " من الغباء أن تعتقدوا أننا لم نكن موجودين في مؤتمركم في بيت لحم " .
تقلد وبمرسوم رئاسي فاقد الشرعية مهمة اللاجئين وبمرتبة وزير ، تحايل والتفاف على موقف الإخوة اللبنانية من أبو العينين وكذلك قوى المقاومة من حزب الله والتقدميين وغيرهم في الساحة اللبنانية .
التحرك إلى الساحة اللبنانية أتى ببرمجية وبتتابع وبتسلسل منذ أكثر من عام ، وكانت بوادر تنفيذ السيناريو بإزاحة عضو اللجنة المركزية للمؤتمر الخامس عباس زكي وهو من مناضلي المنشأ ومازال يحمل في مساماته تاريخ وذكريات لحركة فتح النضالية وإن التفت إلى اليمين وإلى اليسار ، وبعد رحيل أبو عمار لم يجد ممرا إلا من خلال بقاءه في أطر أوسلو ، هذه هي نظرته ورأيه وقراره ، وهو أعلم منا بتلك المواقف ، ولماذا ؟ ..
بدأ السيناريو بإزاحة عباس زكي ومحاولة وضع عبد الله عبد الله متحدث باسم منظمة التحرير في الساحة اللبنانية ، ولأن برنامج التنسيق الأمني بين سلطة رام الله ودايتون وتطلعاته لوجود في الساحة اللبنانية لن يأتي بوجود عباس زكي .
ذهب عباس زكي وبقي في ميدان المعركة منير المقدح ذو الإرث النضالي الكبير والتجربة الكبيرة ، وهو اللاجئ الذي مازال يتطلع إلى شمال فلسطين بمدنها وقراها من عين الحلوة ، مازالت تربط منير المقدح علاقة روحية لا تنفصل عن كل شهداء فلسطين ، بدء من شهداء المركزية وشهداء العاصفة وشهداء كتائب الأقصى التي هو مؤسسها ، ومازال يلعب منير مقدح دورا هاما في تقوية جذور الممانعة الفتحاوية لجذور أوسلو وامتداداتها ، ولذلك أتى القرار بإزاحة منير مقدح كورقة أخيرة في انقلاب شامل في الساحة اللبنانية مكملا للإنقلاب على حركة فتح في ما يسمى بالمؤتمر السادس في بيت لحم .
منير مقدح الذي لا يلاقي إلا الإحترام من جميع القوى الفلسطينية ومخيمات فلسطين من عين الحلوة إلى البداوي إلى صبرا وشاتيلا وكل المخيمات الفلسطينية .
ولذلك طرح عباس على المقدح بأن يختار أي مكان للجوء هو وأتباعه حسب وصف السيد عباس ، طريقة لم يستخدمها في شكل العرض والتوجه إلا القوات الصهيونية والحكومة الصهيونية تجاه أبطال كنيسة المهد حينما عرضت عليهم اللجوء إلى المهجر !!
يبدو أن الرئيس الفلسطيني الذي ليس له أي أصول شرعية في مهامه في الساحة الفلسطينية يقتدي بسلوك أصدقاءه في تل أبيب ، بل يقتدي بسلوك المؤسسة الأمنية التابعة للشين بيت ودايتون .
بلا شك أن توجه مركزية التنسيق الأمني إلى الساحة اللبنانية ليس خبرا عارضا أو تحرك عارض بل هو مخطط له من قبل إدارة دايتون والبرنامج الجامع بين دايتون والشين بيت والمخابرات في رام الله والوقائي أيضا بغرض السيطرة على الساحة اللبنانية التي تكررت المحاولات فيها ، ولم يبقى عثرة أمام تنفيذ البرنامج بعد إزاحة عباس زكي إلا بإزاحة منير مقدح قائد الكفاح المسلح في عين الحلوة ، وكأن الساحة اللبنانية منجبة الأبطال والشهداء لا تستطيع قيادة نفسها وهي دائما في محل الوصاية لبرامج غازية وخاصة برامج عصابة التنسيق الأمني في رام الله .
قرارات في منتهى الخطورة بل قرارات تفجيرية تحفز إلى تصادم لكي تقوم الدولة اللبنانية بالسيطرة على المخيمات الفلسطينية حسب رغبة عباس منذ عدة شهور عندما قال " لا داعي لسلاح المخيمات لا في الداخل ولا في الخارج " .
التحركات في الساحة اللبنانية أعتقد بأنها أتت بإشارة أمريكية من مركزها في القدس ، فمازالت سلطة رام الله لم تكمل ما عليها ، ولقد كسبت ثقة العدو الصهيوني في إنجازاتها الأمنية في الضفة الغربية وانجازات حكومة فياض ، ولكن الوضع لن يكون بخير بالنسبة لهم في ساحة مركزية يمكن أن تقرر منسوب النجاح والإخفاق لتلك السلطة ، وهي الساحة اللبنانية ، وخاصة بخصوص ملف اللاجئين ، وبخصوص العوامل المؤرقة لمختطفي ومغتصبي فتح من قوى مازالت حية في داخل حركة فتح تطمح في إزاحة التيار الإنقلابي ولو بعد حين ، وعندما تمتلك القدرات المناسبة مثل قيادة الإنقاذ الحركي وطلائع حركة فتح وكتائب شهداء الأقصى والجيش الشعبي وغيره من التشكيلات وتكتل القوى الوطنية وكثير من هذه القوى هم ممن يضعوا الثقة والإحترام للأخ أمين سر اللجنة المركزية ، الأخ أبو اللطف ، والأخ اللواء منير مقدح ، وكثير من الإخوة الذين أزاحهم عباس مثل غازي الحسيني وغيره .
أعتقد أن الصدام أوشك على البدء بين قوى الكفاح المسلح والمقاومة في حركة فتح وبين قوى التنسيق الأمني وامتدادات دايتون التي وصلت إلى الخليج العربي وعواصم عربية لإنجاز ملف كامل كان ينقصه الملف اللبناني والتي بدأت عصابة التنسيق الأمني وقادتها في رام الله بالتوجه في تلك الساحة لأهميتها وللضرورة العاجلة لإكمال هذا الملف لإعطاء إشارة التمام لدايتون والمؤسسة السياسية والأمنية الصهيونية والأمريكية ودول إقليمية أخرى تهتم بهذا الجانب .
لماذا الساحة اللبنانية ؟
كما تقدم أن الساحة اللبنانية هي التي تمتلك عنصر المفاجئة والتحدي بالتجربة والإمكانيات البشرية والكادرية بما لا تمتلكه الساحات الأخرى في الشتات من الفلسطينيين المقيمين في بعض الدول ، فلقد أجهز محمد راتب غنيم تقريبا على كل القوى الكادرية لكل حركة فتح في الشتات سواء في شمال أفريقيا أو في آسيا أو في أوروبا ، وأنجز مهمته بكفاءه لا تقل عن 90% ، أما العشرة في المائة فهم مازالوا كالشوكة العالقة في حلق محمد راتب غنيم وممثليه في الساحات ، فإذا تم الإجهاز على الساحة اللبنانية يعني ذلك أنه تم القضاء على العشرة في المائة في الشتات الذين مازالوا يطمحون وينظرون إلى الساحة اللبنانية كعنصر مبطل ومفشل لسياسة رام الله وتعهداتها لأصدقائها وأحبابها في تل أبيب وواشنطن ودول إقليمية .
نعتقد أن على كل الشرفاء في داخل حركة فتح سواء داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان أو في دول الشتات والتجمعات الفلسطينية في كل أنحاء العالم ، عليهم الإلتحام الآن في بوتقة واحدة لدعم مناضلي الساحة اللبنانية والإنحياز التام لقوى المقاومة والقوى الحية في الساحة اللبنانية ، فلم تعد أنصاف الحلول مجدية ، ولم تعد أي محاولات لرأب الصدع بين من هو شريف ومن هو عميل مجدية ، ولأن العمالة لا تتفق ببرنامجها وسلوكها مع شرفاء فتح وشرفاء فلسطين .
ونؤكد هنا على كل القوى الفلسطينية التي مازالت تطمح في تشتت حركة فتح وإغفالها لشرفائها عليها أن تعيد دراسة موقفها وأن تكف عن وضع اللبنة تلو اللبنة لإنقاذ تلك السلطة العميلة من خلال مفاوضات أو مباحثات تحت سقف ما يسمى المصالحة ، وعلى تلك القوى أن لا تزيد في طموحاتها السلطوية ، فلا سلطة إلا للمقاومة وبرنامجها ولا سلطة تدخل في مفاوضات تتنازل فيها عن 82% من أرض الأجداد ، ومازالت المنطقة مقبلة على متغيرات وفي معركة الحسم بين قوى الباطل والعمالة وقوى الشرفاء في الساحة الفلسطينية واللبنانية والعربية .
بقلم / سميح خلف