انتقدت أوساط أمريكية الأحد 14-3-2010 رفض الإدارة المحلية لمدينة بروكلين بولاية نيويورك مشروعا تقدمت به الأقلية المسلمة لإقامة مسجد، وطلبت تعديل مخطط المسجد لإزالة المئذنة منه.
وقالت تيريزا سكافو، رئيسة مجلس جمعية بروكلين، لشبكة "إسلام أون لاين.نت": "لقد تم التعامل مع المشروع الذي تقدم به أبناء الأقلية المسلمة لإنشاء مسجد في بروكلين من منطق الجهل الخالص.. وهناك الكثير من العنصرية كذلك" من جانب بعض الأوساط الشعبية.
وفي يوليو الماضي تقدمت الجمعية الإسلامية الأمريكية "ماس" بمشروع إلى إدارة المنشآت والمباني في المدينة لبناء مسجد من أربعة طوابق ومئذنة في وسط بروكلين، التي تعتبر إحدى المدن الرئيسية في ولاية نيويورك، لكنه قوبل بالرفض من قبل مخططي المدينة في الإدارة، باعتبار أن تصميم المسجد يخالف أنظمة البناء في بروكلين.
وتم قبول المشروع عندما أعيد تقديم مخطط للمسجد بدون مئذنة، وتم الشروع في بنائه حاليا في ميدان فورهيس بوسط بروكلين، إلا أنه لا تزال هناك معارضة قوية للمشروع من جانب بعض غير المسلمين في المدينة، والذين شكلوا مجموعة قامت بتوزيع منشورات تدعو السكان إلى أن يقولوا "لا لمسجد في ميدان فورهيس".
ودشنت المنظمات التي تقف خلف هذه "الحملة العنصرية" -بحسب توصيف مسلمي بروكلين لها- حملة على الإنترنت، واستقطبت حتى الآن حوالي 300 من السكان، قالوا فيها إن الراعي الرئيسي للمشروع، وهو الجمعية الإسلامية الأمريكية، تسعى إلى إقامة "دولة إسلامية في أمريكا"، و"ترتبط مع منظمات وأفراد معادية للسامية وللسياسات الإسرائيلية".
من جانبه رد مهدي براي، المدير التنفيذي لصندوق الحرية التابع للجمعية الإسلامية الأمريكية، على هذه الانتقادات بالقول: "إن هناك الكثير من الناس الذين ينتقدون السياسات الإسرائيلية، وفي ذلك الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر"، واستطرد براي: "إن ذلك لا يجعل كارتر معاديا للسامية، وكذلك لا يجعل (ماس) معادية للسامية".
وقال براي إن هناك موقفا سياسيا من المسلمين لدى المعارضين لمشروع بناء المسجد، برغم تحججهم بأمور مثل إعاقة المشروع لحركة المرور ووقوف السيارات في ميدان فورهيس.
وأوضح أن تصميم المسجد "يفي بجميع متطلبات البيئة والعمران في بروكلين، ولذلك فإن هذه المجموعات المعارضة تستخدم تكتيك الخوف التقليدي من الإسلام والمسلمين".
وأضاف: "لكن على الرغم من كل هذا الضجيج فإن المسجد سوف يتم بناؤه، ونحمد الله تعالى على أن القانون في جانب من المسلمين في هذه المسألة".
"مواقف سلبية"
وعلى صعيد متصل قال براي: إنه "للأسف قضية مسجد بروكلين وما ثار حولها من ضجيج ليست واقعة فريدة من نوعها، حيث واجه المسلمون مثل هذه المواقف السلبية في كثير من الحالات التي أرادوا فيها بناء مساجد".
وأضاف أنه "كما هو الحال بالنسبة لمشروع مسجد بروكلين، فإنك تجد دائما بعض الجماعات التي تطرح ذرائع ومبررات للهجوم على المشروعات الخاصة ببناء مساجد جديدة، مثل تعطيل حركة المرور، ولكن كل ذلك مجرد قناع لإخفاء دوافعهم العنصرية والتعصب الموجود لدى هؤلاء".
وضرب القيادي المسلم عددا من الأمثلة على ذلك بوقائع جرت خلال السنوات الماضية، وتحديدا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، ومن بينها حالة ظل خلالها المركز الإسلامي للجمعية الإسلامية في مدينة بوسطن بولاية ماساشوستس لأكثر من أربع إلى خمس سنوات تحاول بناء مسجد في المدينة.
وتعيد مشكلة مسجد بروكلين إلى الأذهان جدل بناء المآذن الذي تفجر مؤخرا في أوروبا بعد الاستفتاء الذي دعا إليه حزب الشعب اليميني السويسري لحظر بناء المآذن في سويسرا في التاسع والعشرين من نوفمبر الماضي، وصوت فيه 57.5% من الناخبين السويسريين لصالح حظر بناء المآذن في البلاد، في خطوة لاقت رفضا وانتقادات من الأمم المتحدة والفاتيكان وكنائس وحكومات أوروبية أخرى في حينه.
وكشف استطلاع حديث للرأي أجرته مؤسسة "جالوب" الأمريكية، وظهرت نتائجه في يناير الماضي، أن الأمريكيين ينظرون إلى الإسلام والمسلمين بطريقة سلبية رغم نمو النشاط السياسي والاجتماعي للأقلية المسلمة في الولايات المتحدة، والعمل الدءوب لمنظمات التقارب بين الأديان خلال العقود الماضية.
وخلصت نتائج الاستطلاع إلى أن الأمريكيين بدوا أكثر "تحيزا ضد الدين الإسلامي وأتباعه"، حيث قال 53% من المستطلعة آراؤهم إنهم لا يكنون مشاعر إيجابية تجاه الإسلام، بينما قال 22% منهم إنهم "لا يفضلون الدين الإسلامي على الإطلاق"، وأظهرت النتائج أيضا أن "الأمريكيين ينظرون إلى الإسلام بطريقة سلبية أكثر من نظرتهم إلى المسلمين"، وأبدى 29% تحاملا على الإسلام.
ويعيش في الولايات المتحدة ما بين 6 إلى 7 ملايين مسلم من أصل أكثر من 310 ملايين نسمة، وفقا لمصادر إسلامية أمريكية، بينما ذكر مركز "بيو" لاستطلاعات الرأي قبل عدة أشهر أن المسلمين يمثلون أقل من 1% من الشعب الأمريكي.