أرشيف - غير مصنف

صحوة متأخرة .. ولكن !!

وفاء إسماعيل

* أخيرا تذكرت الأحزاب المصرية أن بالدستور المصري خللا وبحاجة إلى تعديل مواده  !! فبالأمس 13 مارس  انطلقت فعاليات مؤتمر الإصلاح الدستوري تحت شعار (البديل الآمن للوطن)، والذي دعا إلى عقده كل من أحزاب المعارضة (الوفد-التجمع-الناصري-الجبهة الديمقراطية) والتي تطالب من خلاله بإجراء تعديلات على بعض مواد الدستور الحالي لما فيها من معوقات ضد إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة .. وجميل أن تتذكر تلك الأحزاب وبعد أكثر من 4 سنوات تلك المعوقات ، وكأن العقود التي سبقت تعديل الدستور كان بها انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة !! فأين كانت تلك الأحزاب ؟ وماذا فعلت خلال عقود ثلاثة لم تتحرك ولم نر تلك الصحوة
المفاجئة للجميع ؟ اللهم بعض القوى الوطنية التي ناضلت من اجل التصدي لعمليات (تفصيل القوانين ) و ( التوريث ) هذه القوى لا يمكن أن ننكر باى حال من الأحوال جهودها ونضالها أما عن تلك الأحزاب التي اجتمعت بالأمس  (الوفد-التجمع-الناصري-الجبهة الديمقراطية ) فكلها أحزاب  لا يخفى على أحد ولائها للسلطة ، بل هي صنيعة السلطة .. اكتفت على مدى عقود طويلة برفع شعارات لم ترقى يوما لحجم معاناة المصريين وقضايا الأمة .. هؤلاء اكتفوا بسرد التاريخ وأحداث الماضي  وتمسكوا به  كصك غفران يبيح لهم الركون والركود والبقاء تحت مظلة النظام ، ولم يتطرقوا لواقع الشعب المصري المؤلم .. ووقفوا عاجزين أمام ماكينة طحن المصريين ..لم نراهم يوما قادرين على التصدي لتلك الماكينة ، ولم نراهم يوما في الشارع .. دائما كنا نراهم أمام شاشات الفضائيات يستعرضون نبوغهم  وثقافتهم
وحصيلتهم اللغوية تأكيدا منهم على أنهم الصفوة أو النخبة المثقفة .. على كل هذا لا يعنى أننا ضد صحوة تلك الأحزاب التي انتابتهم فجأة وحركت ركودهم بل هذا هو ما كنا نتمناه .. ولكن علينا أن نأخذ حذرنا في المرحلة القادمة من :

 

* أولا :أن يكون الهدف من هذا المؤتمر هو تحالف تلك الأحزاب للرد على الدكتور البرادعى الذي رفض الانضمام لاى حزب من خلاله يتم ترشيحه لمنصب الرئاسة مؤكدين يانهم موجودون بالساحة متجذرين فيها كما يتصورون هم ، أو يكون المؤتمر محاولة لاستقطاب الجماهير التي التفت حول الدكتور البرادعى مولية ظهرها لتلك القيادات التي عجزت عن الالتحام بشعبها وقضاياه واكتفت بالاحتفاظ بمناصب رأوا فيها حقا مكتسبا لهم  بمباركة النظام الحالي ، وفى هذه الحالة يكون المؤتمر حركة حراك دفعتها السلطة خدمة لها وليس خدمة لمصر ولا المصريين .

 

* ثانيا / أن تكون تلك الأحزاب بالفعل رأت في الحراك السياسي الجديد فرصة لها لنفض غبار الركود الذي أصابها على مدى عقود خلت تحت قمع النظام المصري وسطوته وقررت التعامل مع هذا الواقع السياسي الجديد بنظرة ايجابية لتحقيق طموحاتها المعلبة في علب سطوة النظام .. على كلا لن نكون من أصحاب نظرية المؤامرة .. وسنفترض في تلك الأحزاب حسن النوايا ، وان هدفها بالفعل التجاوب مع الحراك السياسي الجديد خاصة أن هدف كل مصري هو توحيد كل الصفوف من اجل التغيير والإصلاح في تلك المرحلة  ، لذلك علينا وعلى كل مصري أن يتساءل :

 

* إذا كان هدف هذه الأحزاب  وحدة الصف المصري ، ومصلحة مصر فهل يحق لكائن من كان أن يستثنى  اى طرف من الأطراف ؟ هل يحق مثلا لحزبي الوفد والتجمع استثناء الدكتور البرادعى أو جماعة متجذرة في الشارع المصري كجماعة الإخوان المسلمين ؟ إذا كان الدكتور البرادعى نفسه دعا إلى اللحمة الوطنية ولم يسعى لإقصاء الإخوان ولا إقصاء اى طرف من الأطراف .. فلمصلحة من يرفض هذان الحزبان  ( الوفد والتجمع ) التعامل مع البرادعى أو مع الإخوان ؟ أهذا هو مفهوم الوحدة الوطنية ؟ واما تصريحات كلا من (الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب "التجمع" والدكتور محمود أباظة رئيس حزب الوفد )، حيث
اعتبرا أن البرادعي ليس رجل سياسية وليس على اطلاع بمشاكل الشعب المصري، مما يجعل قدرته محدودة على إيجاد حلول لهذه المشاكل .. وهنا السؤال يطرح نفسه بناء على تصريحاتهما .. وهل استطعتما أيها القياديان البارزان بحنكتكما السياسية وخبراتكما أن تحلا ولو مشكلة واحدة من مشاكل الشعب المصري وأنتما اكثر الناس اطلاعا بها ؟ ماذا فعلت تلك الأحزاب  للشعب المصري وهى الغارقة حتى أذنيها في مشاكله  وليست بعيدة عنه ؟

 

* الشعب المصري يعانى يوميا من أزمات ومشكلات لم تساهم تلك الأحزاب في فك معادلاتها وحلها ، وأزمة الدستور ظهرت تحت عين وبصر تلك القيادات ولم نشهد حراكا يسعى للتغيير إلا على يد الدكتور البرادعى، حتى جماعة الإخوان غرقت في صراع مزدوج (داخلي ومع السلطة ) وانشغلت بحل الصراع على حساب الشعب المصري ، وفكرة التوحد بين الأحزاب للوقوف في وجه الحزب الوطني  ورموز الفساد لم تخطر في بال احد  ، الجميع شغلته مصالحه الضيقة وترك الحزب الحاكم يفعل أفاعيله بالشعب المصري ، وتحول المشهد السياسي في مصر إلى صورة ( صراع بين قوتين ، قوة الحزب الحاكم وجلاوزته وقوة جماعة معادية له ومحظورة من وجهة نظره ) بينما اختفت تلك
الأحزاب عن الساحة ، واختفى معها شعب بأكمله تطحنه الأزمات ، فهل فكرت تلك القيادات  في النزول إلى الشارع وحشد الجماهير ضد الفساد ورموزه وضد عمليات الاعتقال لكل ماهو اخوانى ( علما أن الإخوان لم يدعو يوما إلى استخدام العنف كسبيل لتغيير النظام بل احتفظت بوجود سياسي داخل وخارج البرلمان ، ولم تستخدم السلاح كما يدعى أو يصورها البعض ) هذا إذا كانوا يؤمنون حقا بالتعددية والاختلاف وبالديمقراطية كوسيلة للإصلاح ؟

 

* إن نبرة الإقصاء والتهميش لاى طرف ، وادعاء اى طرف انه يملك الحقيقة  والصلاحية  المطلقة  هي نفسها تلك النبرة التي تعامل بها الحزب الوطني مع كل من يخالفه في الفكر أو الرأي ، وهى نبرة مرفوضة ولى زمانها ، كما ولى زمان التبعية لفرد أو مجموعة أو مصالح ذاتية  ، اليوم لابد أن تكون التبعية لمصر ومصلحة مصر وشعبها ، اليوم هو بداية مرحلة التوحد وترك الخلافات الأيدلوجية جانبا للعبور بهذا البلد إلى  بوابة الأمن الحقيقي للوطن ، اليوم البديل لابد إن يكون صورة لكل الايادى
تتشابك من اجل الإصلاح ، فعار على مصر أن يتصارع أبناءها  ونخبها بينما السفينة تغرق بالجميع .. المصريون ليسوا بحاجة لديكورات وجدران الحائط تتصدع ، بل بحاجة لمن يعيد ترميم تلك الجدران ، والخلافات والنعرات لن تجلب إلا الخراب والدمار وانهيار تلك الجدران .

 

* وأما موقف الدكتور حسام عيسى القيادي بالحزب "الناصري"، الذي أبدى تأييد الحزب "الناصري" لترشيح البرادعي، وقال" نعم نختلف مع البرادعي ونعرف أنه ضد الناصريين، لكن برغم ذلك نحن نؤيده لو تقدم للترشح لرئاسة الجمهورية نريد أن نكون يدا واحدة من أجل إحداث تغيير جذري في الحياة السياسية المصرية .. فهو موقف وطني مشرف  نتمنى أن  يكون هو موقف كل قيادي يسعى للتغيير والإصلاح وعدم تجاهل رغبات شعبية عارمة تدعو إلى الخروج من أزماته  بصورة ديمقراطية تحقق ولو القدر اليسير من آمال الشعب المصري .

 

* لا يتصور احد أن  عجلة الحراك السياسي في مصر ستعود للوراء أو أنها ستتوقف خدمة للنظام الحالي ، بل هي مستمرة  شاء هذا النظام أم أبى .. وتلك الأحزاب التي كرست الإحباط في نفوس فئات الشعب المصري لديها فرصة اليوم للتوحد بعيدا عن المزايدات  والصفقات التي أعلن عنها مؤخرا .. وبعيدا عن الاتهامات  فالكل يعرف أن مسألة الصفقات ماهى إلا لعبة خيوطها دوما كانت بيد رموز سياسية معروفة تعودت على  تفتيت اى عملية التفاف حول اى رمز بخلاف رموز الحزب الوطني ولجنة السياسات  ، ومحاولة مشبوهة للتشكيك في قدرات اى وطني يحاول إصلاح ما أفسدته سياسة الحزب الوطني الحاكم .. فالمطلوب هو شيء من الضمير من اجل مصر وشعب مصر المقهور يا رؤساء الأحزاب !!

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى