أرشيف - غير مصنف

محمد المهري العماني يستصرخ اهل الخير والايادي البيضاء

 لو كان للزمن أن يتوقف على أعتاب المآسي التي تحدث في أورقة مستشفى السلطان قابوس بصلاله لكان عليه أن يتوقف طويلا أمام مأساة الشاب العماني محمد ألمهري ليسجل على صفحاته ألف ليلية وليلة من ليالي الحزن الطويل التى تجرع كؤوسها ولا يزال يتجرعها محمد وأسرته وابنائه الأطفال الأربعة الذين تحول والدهم الشاب فجأة بين أيدهم إلى جثة لا حراك لها ، جسدا مشلولا لا يحمل من علامة الحياة إلا حركة عينين تنظران بأسى والدموع تترقرق في مآقيها وقد ودعت الزمن الجميل الذي أفل نجمه وتوارت شمسه وغارت نجومه في ظلمات مستشفى السلطان قابوس بصلاله ،الذي حوله إلى جسد مثقلا باليأس والهموم والأحزان وزفرات تتحشرج بغصة القهر والألم ، قعيداً رهيناً في محبس المرض والشلل وارق الديون التي بات عاجزا عن سدادها ، فضلا عن متطلبات أسرة لا حول له بها ولا قوة ، لتصبح الحياة كلها بأمسها ويومها وغدها ظلمات تتراكم بعضها فوق بعض وقد سدت كل الأبواب وانقطع الرجاء من كل شيء إلا من رحمة الله الواسعة

انضم محمد بذلك إلى قافلة الشهداء والعجزة والبائسين واليائسين ضحايا أطباء لا رقيب عليهم ولا حسيب ، وإدارة عاجزة وفاشلة تصم أذاناها عن واقع مرير يزداد علقما مع كل يوم تشرق فيه الشمس على ارض اللبان .

. مسكين هو المريض الذي تسوقه الأقدار إلى مستشفى السلطان قابوس ،ومسكين هو المواطن الذي قيل عنه يوما انه محور التنمية وقطب النهضة وقبلة الاستثمار .

بدأت مأساة محمد في مساء يوم 2/4/2009 حينما شعر ببعض الوخز البسيط في صدره ، في لحظات كان فيها برفقة أخيه الأكبر طاهر ، قررا التوجه إلى مستشفى السلطان قابوس بصلاله وفي قسم الطوارئ المتهالك ووسط زحام وضجيج المراجعين استلقى محمد على السرير ووضعت حبة دواء تحت لسانه ، ومن هنا كانت بداية المأساة ومسلسل الأحزان الطويل ، إذ لم تمضي لحظات حتى أصيب محمد بحالة من التشنج الشديد وجلطة في القلب استنفرت قسم الطوارئ بإمكانياته الضعيفة وقلة خبرة اطباءة وممرضيه ، وبدأت حالة الإنعاش ومحاولة السيطرة على وضعٍ بدأ  ان زمامه يفلت من بين أيديهم ، لينتهي به المطاف في العناية المركزة بعد أن كادت أن تنتهي حياته على أيدي من آمل فيهم الشفاء ، و بعد مرور 24 ساعة استقرت حالته الصحية فتقرر إخراجه من العناية المركزة الكبرى إلى العناية الصغرى الأقل تجهيزا ، ربما ليتيح الفرصة لضحايا آخرين في طريقهم إلى الإنعاش ، وطوال 72 ساعة لم يتلقى محمد أو أخيه تفسيرا لحقيقة ما حدث في قسم الطوارئ ؟؟ إلا أنهما تشبثا بالصبر الجميل على أمل أن يكون بعد العسر يسرا ، فيما كان لأطباء مستشفى السلطان قابوس رأيا آخر ،

بعد أن استقرت حالة محمد الصحية قرر الأطباء بعد ثلاثة أيام إجراء منظار للمعدة ، ومن هنا كانت البداية الثانية والكارثة والزلزال الذي ادخل محمد وأسرته في نفق مظلم لا يبدو له من نهاية ، لحظات في غرفة المنظار بمعية أطباء أقنعوه بضرورة استخدام المنظار لتحديد التشخيص السليم ، كانت كافيه لإجهاز على ما تبقى من أمل في الشفاء والعلاج، إذ اخرج محمد من غرفة المنظار ينتفض بشدة ويتشنج بعنف ودمائه تنزف من قرحة تفجرت في الاثنى عشر والدماء تملى المكان وتتساقط من أطراف الفراش ، كانت الصدمة اكبر من أن تطاق ، والألم فوق قدرة الاحتمال .

ادخل محمد غرفة العناية المركزة مجددا ودخل في غيبوبة كاملة لمدة 6 أيام متواصلة ، أفاق بعدها وقد فقد القدرة على السمع والكلام ، وأصيبت أطرافه بالشلل التام وفقد الاهليه الكاملة ،  وطوال شهرين كاملين قضاهما في العناية المركزة دون اى تقدم يذكر لحالته الصحية او بصيص أمل بالشفاء ولو بعد حين ، الأمر الذي أصابه بالإحباط لتتوالى الانتكاسات والانهيارات النفسية والجسدية ، كان آخرها مرض السكري الذي بدا وكأنه انضم إلى تحالف صنع في مستشفى السلطان قابوس للقضاء على شاب كل ذنبه انه وضع ثقته وحياته في يدي من لم يرعها حق رعايتها.

بعد شهرين كاملين في العناية المركزة قرر الأطباء إخراجه من المستشفى وترحيله إلى منزله ليخرج بجسد محمولا على نقالة ، وأطراف مشلولة ، ونفس منكسرة ، وقلب يعتصره الحزن والأسى ، بعد أن دخله برجليه شابا يافعا يشع من عينيه الأمل بمستقبل ترتسم في مخيلته ظلاله الوافرة

ومما زاد الأمر سواء أن محمد لم يكن موظفا حكوميا محميا بمظلة تأمينية تبقى له من راتبه ما يسد به رمقه ورمق بنيه ، فقد كان موظفا في القطاع الخاص الذي سرعان ما انقطع مدده ، ونضب معينه وأصبح الراتب البسيط نسيا منسيا في شركة لا تدفع إلا لمن يعمل ومحمد لم يعد قادرا على العمل أو الحراك.

هذه هي ببساطة مأساة محمد ألمهري والتي مضى عليها ما يقارب العام تبقى وصمة عارفي جبين الخدمات الصحية ، وخاصة في مستشفى السلطان قابوس بصلاله ، و شاهدة على تردى هذه الخدمات وانحدارها إلى هوة سحيقة يسقط فيها كل يوم ضحية جديدة في ظل صمت مريب من المسئولين والمعنيين في الحكومة الرشيدة

محمد ألمهري وأطفاله الصغار لا يتطلعون اليوم إلى فتح صفحة للثأر ممن أقعده طريح الفراش ولا من الذين كانوا سببا في مأساته ومأساة اسرتة رغم الألم والأسى والجسد العليل ، أن كل ما يتطلعون إليه هي نظرة رحمة وإنسانية من اصاحب القلوب الرحيمة والايادي البيضاء ،   وطالبي الاجر  والثواب   لتمتتد اليه  ايايدهم  بما  تجود به سواء  بمساعدة  ماليه  تعينه على مواجهة اعباء  الحياة ومرارة  الدين  او بفرصه للعلاج في مركز متخصص في اى دولة أوربية ، عسى أن يتم تدارك بعض ما أصاب جسده من عطب وعسى أن يعود يوما إلى تحمل مسؤولية إعالة اطفالة ، الذين انقطع مورد رزقهم بعجزه وانقطاعه عن العمل وأصبحوا جميعا عالة على أخيه الوحيد الذي يعول هو الآخر أطفاله الخمسة ،و يكابد ظلف العيش ومرض القلب الذي يلازمه منذ سنين.

 

هاتف طاهر العماني  للتواصل
95400100 00968

زر الذهاب إلى الأعلى