أرشيف - غير مصنف

حول حظر المآذن في سويسرا

 بقلم د .انور نورالاسلام   مركز تاريخنا للدراسات -دمشق
في خطوة غربية وجديدة ، كما سبق وعلمنا جميعا قرر أكثر من %57 من السويسريين في استفتاء عام في شهر ديسمبر عام 2009 حظر بناء مآذن للمساجد الموجودة في سويسرا ، وقد أخذت به الحكومة السويسرية ، فمنعت بناء أي مئذنة على أي مسجد قائم أو أي مسجد سوف يقام على الأرض السويسرية ، وذلك في  تناقض واضح لحرية العقيدة حسب ما أورده الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، وحسب الدستور السويسري نفسه ، وهو ما قد يؤكد أن هناك ازدواجية في المعايير في الدول الغربية ، فرغم حياد سويسرا الرسمي ، لكنها في النهاية تمل المثل والقيم الغربية ، ولقد كان لابد من محاسبة سويسرا على اختيارهم ، فكما أن اليمين المتطرف السويسري له الحرية في حظر بناء المآذن ، فللمسلمين الحق أيضا في اتخاذ محاسبة سويسرا على اختيارها ، وهو ما دعا إليه الأخ العقيد معمر القذافي ، وفي هذا المحور نكتب عن الصراع بين الغرب والإسلام ، وحرية العقيدة في الإسلام وحرية بناء الكنائس برموزها في الدول الإسلامية …
الإسلام في الغرب 000 سويسرا نموذجا
هناك صراع بين الإسلام والغرب ، منذ الحروب الصليبية ، وحتى اليوم مرورا بفترات الحروب الاستعمارية ، وهو اليوم صراع يتخذ أشكال متعددة ، تقول الدكتورة سهيلة زين العابدين حماد : إن الاستفتاء الذي أُجري في سويسرا لحظر بناء مآذن المساجد في سويسرا ، وأيده 58% يخالف المادة الثامنة عشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي أعطت لكل شخص حقه في إظهار دينه أو معتقده وإقامة شعائره الدينية ، كما يتناقض مع مسمى الاتحاد الديمقراطي السويسري الذي تمّ بطلب نوَّابه مع نواب حزب الشعب اليميني ، ويتناقض أيضاً مع المادة (15) من دستور الاتحاد السويسري الذي أُقِّر بتاريخ 18 إبريل 1999 م ، وعُمل به منذ أول يناير 2000م ، فقد كفل الدستور حرية الضمير والعقيدة (لكل شخص الحق في اختيار دينه واعتقاده الفلسفي بحرية ، وأن يجاهر بهما فرديا أو جماعيا ، ولكل شخص الحق في الانتماء إلى جماعة دينية أو الاشتراك فيها أو الاستماع للتعليم الديني ، ولا يجوز ممارسة أية ضغوط على أي شخص للالتحاق بجماعة دينية ، أو الانتماء إليها أو ممارسة أية شعائر دينية أو الاستماع للتعليم الديني).
ويتناقض مع البند الثاني من المادة 72 (الكنيسة والدولة) والذي ينص على (يمكن للاتحاد والمقاطعات اتخاذ إجراءات في إطار اختصاصاتهم للحفاظ على السلام العام بين أتباع الأديان المختلفة.)
كما يتناقض مع ديباجة الدستور التي بدأت بِ "بسم الله القدير " ، كما يتناقض مع ما جاء فيها (يقرر الشعب السويسري والمقاطعات السويسرية ، بمقتضى مسئوليتهم تجاه الخليقة ، وتأكيداً على تجديد تحالفهم لتعزيز الحرية والديمقراطية والاستقلال والسلام في تضامن وانفتاح على العالم ، وإعمالاً لإرادة العيش معاً ضمن التعددية باحترام وتقدير متبادلين وعدل …) ، فكيف يتحقق احترام وتقدير التعددية ،  والعدل ، ويوجد مثل هذا التمييز ضد المسلمين؟
وهل سيضيفون بنداً ينص على حظر بناء مآذن في مساجد المسلمين ، وعندئذ ستصنَّف الدولة السويسرية بأنَّها دولة عنصرية ، تمارس التمييز ضد المسلمين دون غيرهم ، وعليها حذف كلمة  ديمقراطي من مسمى الاتحاد السويسري ، وإلاَّ فعليها أن تضيف إلى المادة المعدلة ، (وحظر تزويد الكنائس بالأجراس ، وحظر وضع نجمة داود في المعابد اليهودية).
لذا فلهذا الاستفتاء أبعاد دينية وسياسية ، فنواب الحزب اليميني الداعين له ، لهم ولاء للصهيونية المتزعمة الحملة ضد الإسلام والمسلمين ، فقد سبق هذا الاستفتاء حملة واسعة امتدت أشهراً واستخدمت فيها ملصقات عنصرية ضد المسلمين من ضمنها ملصق لعلم سويسري غطته مآذن تشبه الصواريخ ، وملصق لامرأة منقبة في ثوب أسود ، وهذا الاستفتاء سيزيد من إشعال النار ضد الإسلام والمسلمين في أوروبا ، وهناك أصوات أوروبية متطرفة وصهيونية مؤيدة له .                                                                  والأمر لا يتعلق بسويسرا وحدها ، فقد تتخذ دول أوربية أخرى نفس النهج ، فمن الموضوعات التي طرحت نفسها وبحدة خاصة بعد 11 سبتمبر/ أيلول 2001، حسب رؤية الدكتور المرحوم عبد الوهاب المسيري موضوع علاقة الغرب بالعالم الإسلامي.                     ففي الغرب يسألون لماذا يكرهنا المسلمون ؟ وفي محاولة الإجابة عن هذا السؤال يقولون إن المسلمين يحقدون على الغرب ، بسبب الاستقرار السياسي والتقدم التكنولوجي والاقتصادي اللذين يتمتع بهما ، وإنهم وقعوا أسرى الماضي بدلاً من بذل الجهد اللازم ليلحقوا بركب الحداثة والتقدم، ولذا أخفقوا في تحديث مجتمعاتهم، الأمر الذي يزيد من عدائهم للغرب.                                                                                        وفي المقابل يحاول بعض المسلمين تفسير العداء الغربي بالقول إن اللوبي الصهيوني -وأحيانا اليهودية العالمية- هي التي تحرض الغرب ضدنا . وهناك من يرى أن الغرب لا يزال صليبياً يحاول تحطيم الإسلام وإذلال المسلمين وربما تنصيرهم.                              وقد يكون هناك شيء من الصحة في كل هذه العناصر ، ولكنها قاصرة عن تفسير ظاهرة في شمول وعمق التوتر المتصاعد في العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي.                         ويمكن القول إن ثمة عناصر يمكن أن تؤدي إلى توتر العلاقة بين الإسلام والغرب ، لكنها في الوقت ذاته يمكن أن تشكل أساساً للتفاهم والتعاون.                                            فالتشكيل الحضاري الإسلامي مجاور للتشكيل الحضاري الغربي (المسيحي)، وعبر التاريخ كان اتساع رقعة العالم الإسلامي يتم على حساب التشكيل الحضاري الغربي المسيحي، والعكس صحيح ، فقد اتسعت رقعت العالم الغربي (ابتداءً من القرن السادس عشر) على حساب العالم الإسلامي. على اية حال ان حظر بناء المآذن فى مساجد سوسرا يعد تعبير عنصرى ضد الاسلام وهو يتطلب كما قال القذافى وهو على حق ، اعلان الجهاد ولو بالكلمة او السلعة او سحب الودائع من البنوك السوسرية وفى ذلك فليتنافس المتنافسون
 

زر الذهاب إلى الأعلى