أرشيف - غير مصنف

المشايخ يفضلونه ” حمار ” !

وليد طوغان

كما لو ان  مكتبة الاسكندرية تحتفل  بداروين فى الخفاء . ندوة لم تزد على 3 ساعات ، انتهت فى التاسعة مساء دون اعلانات او استعلامات . حتى الذين حضروا انصرفوا مبكرا ، ولو كانت المحتفى بها فيفى عبدة لاختلف الامر .
اخبار فيفى عبدة ، ومزاج نور الشريف واخر اعمال محمد صبحى الهزلية  هى المسيطرة على المجتمع العربى ، لكن اعادة الحياة لرجل مثل تشارلز داروين لازال فى ذيل القائمة .
الجديد ان لا المشايخ اعترضوا ، ولا خرج ائمة المساجد لتكفير مكتبة الاسكندرية ، ومديرها ، والذين حضروا الاحتفال بالرجل الذى قال ان الانسان اصله قرد !
اجتهد  داروين كثيرا حتى خرج بكتابه اصل الانواع . علمنا الرجل ما لم نكن نعلم .
العشرين عاما الاخيرة بدأ بعض دارسى اللاهوت فى اوروبا  يميلون للاعتقاد فى  ان  داروين فتح امام البشرية نافذة جديدة للتفكير فى كيفية بداية الانسان على كوكب الارض . وفى الشرق  لازالنا كمسلمين مختلفين  مع داروين فى  اصل الانسان . فمشايخنا  يعتقدون ان اصله حمار ، ويتعاملون معنا فى الفضائيات الدينية على هذا الاساس .
بعد عشرات السنين على وفاة داروين  ، بدات الكنيسة الاوروبية فى الاحتفاء به  . وسمح الفاتيكان  بتعليق صوره فى الاحتفالات المدنية ، بعدما كانت محرمة هى واسمه  بوصفه خارج عن الدين .. عدوا للمسيح .
والبابا يوحنا قبل وفاته اصدر قراره بالغاء قرار حرمان داروين او تكفيره ، فعاد العالم الراحل الى حظيرة الدين معززا مكرما دون ان يخرجوه بسبب ، ودون ان يعلن رجال الدين السبب فى اعادته لطائفة المتدينيين من جديد .
لم يقل  داروين  ان الانسان كان قردا ، ثم تحول الى بشر . لكنه تكلم  عن اكتشافه ان الجنس البشرى مر بعدة مراحل قبل تحوله لصورته الحالية .
وقال ان تلك المراحل استغرقت ملايين السنين .. حتى انتصبت قامة الانسان ، وبدأ يفكر ، ويتكلم .. ويخترع اللغة ، ويستخدم الادوات فى الصيد .. والحرب .
عام  1998 قدم الباحث الاسترالى جوزيف هاورد الاستاذ فى تاريخ الاديان الشرقية ما اسماه بـ " ورقة تقريب بين القران وبين نظرية داروين"  .
هاورد لم يدخل الاسلام ، ولا هو مسيحى ، ولا كان يهوديا .. هو يرى انه اكثر حرية بلا دين ، لكنه يعتقد فى محرك كبير للكون ..قال انه الله .
ورقة هاورد معقدة الى حد كبير ، وهى اكثر افادة للمتخصصين منها لغيرهم ، لكن مثالا  بسيطا يظهر مجهوده .
ففى الاية القرانية " هو الذى خلقك ،  فسواك ، فعدلك .." اشارة الى المراحل الثلاثة التى تكلم عنها داروين حتى دخل البشر  طور "الانسنة ".
قال هاورد ان حرف " الفاء " فى الاية تفيد زمن ما . والمعنى ان  الله خلق الانسان بشرا ، غير مستوى الجسم ، غزير الشعر ، طويل اليدان .. محنى الظهر اقرب الى القردة .
وفى مرحلة " التسوية " ، قل شعره  ، وقصرت اليدان ، قبل ان يدخل  مرحلة المصطلح القرانى " عدلك " ..فانتصب جسمه ، وبدأ يفكر .. وحاول الكلام .
داروين كان فذا ، لانه اكتشف ان كل  انواع الخلوقات على الارض مرت بمراحل تطور ، فتحولت من حال لحال .. و من شكل لشكل .. حتى ثبتت .
قال ايضا ان هناك فرقا بين البشر ، وبين الانسان .. فالاول بوهيميا ، لا يفكر .. ولا يربط بين المقدمات والنتائج  فى التفكير ، بينما الانسان اكثر عقلا واكثر حضارة .
ربما الذى لم يتوصل اليه تشارلز داروين لماذا " يستشيخ " بعض بنى ادم ، ولا العوامل الطبيعية او التاريخية التى تودى الى ذلك !

 

زر الذهاب إلى الأعلى