في وداع المعلم والقائد جميل شحادة
بقلم: زياد ابوشاويش
هو الحزن يلف حياتنا حين يصدمنا رحيل أحد أصدقاءنا القدامى والذين حالت ظروفنا التعيسة وغربتنا المرة وتشتتنا دون التواصل معهم أو رؤيتهم في أيامهم الأخيرة وكم من صديق ورفيق وزميل عاجله الأجل ونحن نرنو للقياه في الوطن أو الغربة.
جميل شحادة مؤسس وأمين عام اتحاد المعلمين الفلسطينيين الذي انتميت إليه لسنوات وأعتز بأني لا زلت أنتمي إليه… يغادرنا بعد غيبوبة استمرت لشهر في مستشفى الأردن بعمان فيترك في القلب غصة، لأنه أحد الكبار الذين تركوا بصمة خاصة على مسيرة العمل النقابي.
تعرفت عليه قبل أن أصبح عضواً في المؤتمر القطري لاتحاد المعلمين والذي ضم في حينه خيرة كوادر فتح والجبهة الشعبية وغيرها من فصائل العمل الوطني الفلسطيني وكانت الاتحادات والنقابات رافداً حقيقياً من روافد الثورة حتى على صعيد العمل العسكري. في تلك الفترة تعرفنا على الأخ عصام حويحي عضو الأمانة العامة ورئيس اتحاد المعلمين الفلسطينيين بليبيا والأخ جمال محيسن الذي أصبح فيما بعد محافظاً لنابلس وعضو لجنة مركزية في حركة فتح وعلي مصطفى وغيرهم من الرعيل الأول من بناة الاتحاد وأمانته العامة.
كان الرئيس جميل شحادة موضع إجماع لدى ممثلي المعلمين الفلسطينيين في كافة الدول العربية ويحظى باحترام وتقدير خاص لدوره في تأسيس الاتحاد والحفاظ على وحدته في أحلك الظروف رغم تعرضه لبعض الهزات والاختلالات نتيجة الخلافات السياسية التي عصفت بالساحة الفلسطينية بعد البرنامج المرحلي وبدء الاتصالات السرية بين قيادة المنظمة الممسكة بالقرار والعدو الصهيوني.
إن رحيل الأخ جميل شحادة يستدعي للذهن ذكريات مختلفة منها الحزين ومنها المفرح وقد كان للخلاف بين سورية وحركة فتح والزعيم ياسر عرفات أثراً ملموساً على نشاط الاتحاد وعلاقاته العربية، ففي المؤتمر العام للمعلمين العرب والذي عقد في دمشق عام 1990 وحضره أغلبية الأمانة العامة للاتحاد الفلسطيني وفي مقدمهم أمين عام الاتحاد الراحل علي إدريس الذي استضاف الجميع في بيته بمخيم اليرموك، والذي قبل دعوتنا هو ورفاقه في الأمانة العامة للمعلمين الفلسطينيين من الذين حضروا لدمشق، في هذا المؤتمر ألقى الخلاف السوري الفلسطيني بظلاله على المؤتمر على غير صعيد.
إن قبول الإخوة دعوتنا وحضور ممثلي لجنة العمل النقابي والجماهيري المركزية للجبهة ممثلة في الرفيق كايد الغول وأبو علي ناصر في حينه ترك أثراً طيباً في نفوس الإخوة من فتح والذين اعتقدوا لوهلة أن الخلاف المذكور يمكن أن يؤثر على العلاقة الأخوية المميزة بين فتح والشعبية في سورية على التحديد.
لقد كان للشهيد جميل شحادة دوره البارز على صعيد الحركة النقابية الفلسطينية وساهم من خلال موقعه في الاتحاد العالمي ومكانته العربية في إنجاح اتحاد المعلمين العرب وقيامه بمهامه على الصعيد القومي.
جميل شحادة المناضل الفلسطيني العريق وعضو المجلس الثوري لحركة فتح حافظ على اسمه ناصعاً رغم كل التضاريس التي مر بها الاتحاد ورغم كل المنغصات التي نجمت عن الخلافات الفلسطينية الداخلية بما فيها خلافات حركته فتح الداخلية أيضاً، وقد ترك رصيداً من المآثر الطيبة بخلاف نظافة اليد وعفة اللسان.
اليوم يرحل مؤسس وأمين عام اتحاد المعلمين الفلسطينيين تاركاً وراءه زملاء وأصدقاء سيحزنهم كثيراً خبر وفاته ونحن منهم.
إلى شعبنا الفلسطيني ننعى القائد التربوي الكبير جميل شحادة وإلى ذويه تعازينا الحارة ودعوات الصبر وإلى روحه الطاهرة تحية وفاء وإلى الجنة مثواه…. وإنا لله وإنا إليه راجعون.