في تقرير نشرته صحيفة الويكلي ستندار يقول المحلل السياسي راؤول مارك جيرجيت إن هناك رغبة ملحوظة بين الشيعة العراقيين العرب لتجديد الحرب مع السنة ، لكنْ الملاحظ أيضاً أن الصدريين أنفسهم و”الذين قادت عناصر متطرّفة منهم فرق الموت القوية الأكثر رداءة ضد الطائفة السنية، لا يلمحون بأنهم يريدون القتال مرة أخرى مع السنة” بحسب تعبير جيرجيت. والشيء نفسه لا يمكن أن يقال حينما يتحدث الصدريون عن رئيس الوزراء المالكي الذي قاد الجيش ضدهم في بغداد والبصرة. ويشير المحلل السياسي إلى أن الصدريين أسقطوا "لغة التطرّف" التي أفزعت في وقت من الأوقات السنة. ومقتدى الصدر في المنفى بإيران، يختبر الفكرة التاريخية لـ"الغيبة" حيث يغيب الزعيم الروحي ويعود بعدها ليقود المؤمنين. ويزعم جيرجيت أن الصدريين أنفسهم روجوا الشائعات مرات عدة لعودة زعيمهم مقتدى الصدر الى العراق. ولكن –في النتيجة النهائية- لا الصدر، ولا تياره، يشكلون تهديداً للديمقراطية العراقية. ولازال للصدريين بعض قوة وهوى في الشارع ولهم إمكانية التأثير السياسي، خاصة إذا ساء مأزق الشيعة الفقراء اكثر. ولكنهم الآن يلعبون اللعبة الديمقراطية. وفقط تجديد الهجمات السنية المتطرّفة ضد الشيعة قادرة على إعادتهم الى تطرّفهم. وتنظيمات القاعدة في العراق تدرك هذه الحقيقة، ولهذا فهي غالباً ما تضغط بهذا الاتجاه، لكنها ومنذ أكثر من ثلاث سنوات تفشل في ذلك. لقد ربح الشيعة معركة بغداد –بتقدير جيرجيت ومحللين كثيرين- وهم واثقون بشكل متزايد بأنهم يمكن أن يربحوا أية معركة مستقبلية وبشكل اكثر حسما، والامتنان هو للأميركيين الذين دربوا الجيش العراقي الذي يقوده الشيعة. وبدلا من إعطاء السنة حصة مساوية في الحكومة، وهو ما يريده السياسيون السنة حقيقة، فان الشيعة ربما يختارون القتال. ومن المحتمل أن تكون مساحة تذبذب سياسية بين أحلام الانتقام السنية والعناد الشيعي. وللطائفة السنية العراقية الان صوت سياسي في قائمة "العراقية" التي يقودها الابن المفضل مطولا للمخابرات المركزية الأميركية، العلماني والشيعي اسميا أياد علاوي، بحسب توصيف المحلل السياسي. وهذا الائتلاف هو اكثر قوة واغراء ومرونة عن سلفه، "جبهة التوافق" والذي اثبت انه اكثر ضعفا واكثر دينيا واكثر استبدادية.وليس من الواضح الان –يضيف جيرجيت- كيف ستتوافق "العراقية" بصورة كافية مع الأكراد (الجوهر السني العربي للعراقية معارض حازم للاستقلال الذاتي الكردي) أو حتى مع حزب المالكي لكسب السلطة السياسية الحقيقية (المالكي ليس اقل من الجلبي معارضة وبقوة لإلغاء لجنة اجتثاث البعث ولا يهتم بوضوح بضم المزيد من رجال الميليشيات السنية الى قوات الأمن العراقية).ولكن الشيعة والسنة يمكن أن يعملوا على صفقات تزايدية. والهبات العامة ربما يمكن زيادتها للسنة، طالما أن العراق لديه أموال قليلة بالعلاقة مع حاجات البلد واسعار النفط. واعطاء السنة كثيرا – يعتبر تفضيلاً برغم حال السُنّة الأحسن من الشيعة الجنوبيين الذين يبدو بعض اقليمهم كما لو أنه خرج للتو من العصر الحجري. بحسب رأي المحلل السياسي. ومن المحتمل أن يكون ذلك موتا سياسيا للسياسيين الشيعة. ولكن الصفقات الصغيرة قد تكون كافية لابقاء السنة الأقدمين سعداء، وليس مبتهجين. وإذ ارتفعت عوائد النفط والغاز العراقية ، كما هي الحال في هذه الأيام ، فان ذلك الضغط من المحتمل أن يخف ، وتصبح الصفقات التزايدية أساسية. وبصدد المصالحة يقول محلل صحيفة الويكلي ستندر: بقدر ما وقد يبدو ذلك غريبا، للمواطنين العراقيين –السُنّة والشيعة- أن الجلبي من المحتمل أن يكون أكثر قدرة على المساعدة في تحقيق عملية المصالحة السنية–الشيعية، مقارنة بكل السياسيين الشيعة الآخرين الكبار الذين تعرضت عوائل العديد منهم لقسوة البعث. والجلبي أكاديمي عراقي قديم، ويمكن أن يصبح ( تاريخيا ) عارفاً بشأن العراق في الخمسينات قبل سقوط الملكية الهاشمية. وذلك شيء جيد. فله ذكريات السنة والشيعة في الأوقات السعيدة، وكان الناشطون والراجون من الطرفين يحتشدون حول مائدة طعام وبركة سباحة أبيه. والجلبي ليس الشخص الذي يبدد الفرصة السياسية.وترى صحيفة الويكلي ستندر أن انتخابات السابع من آذار قد رفعت السُنّة، وفعل علاوي من جهته بدون إحسان ما يؤكد أنّ الأشياء يمكن أن تتغير بصورة مثيرة – دراماتيكيا – في ظل قيادته. والأشهر القليلة المقبلة سوف تكون شديدة الأثر حيث يهبط السياسيون الى الأرض بعد الحملات الانتخابية. وإذا استطاع السنة العيش مع حقيقة أنّ عراقاً ديمقراطيا سوف يخيب دوما طموحاتهم المتعصبة للتفوق السياسي والحق في العيش على الإعانات المالية الرسمية، فعندها سيكون مستقبل العراق لامعا بشكل جيد. ويجب أن يكون للأميركيين حقيقة هدف غامر: المكوث في البلد، وليس بأعداد كبيرة، فان تخفيض القوات الأميركية فكرة جيدة. ولكننا يجب أن ننظر الى العراق بالطريقة نفسها التي نظرنا اليها الى ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، بعد الحرب. ووجود القوات الأميركية كان الضامن المطلق بان هذه البلدان سوف لن تنساب مجددا الى الدكتاتورية.ويقول جيرجيت: إن واشنطن يجب أن لا تختار أطرافا في العراق، ويجب أن لا تتدخل في السياسات العراقية باستثناء أن تكون الحالة في النزع الأخير. ولكننا نريد أن نكون هناك –في خلفية المشهد- كما كنا في أوروبا. وحتى السياسيون الشيعة الذين يعارضون بصخب الوجود العسكري الأميركي ، يمكن أن يعرضوا بشكل خاص وجهة نظر دقيقة اكثر، وكما عرض الصحفي توم ريكس ، فان القوات القتالية الأميركية يمكن أن تعطي تصنيفا اكثر مسكـّنا، أي باسم "قوات الاستقرار" أو "الوجود الداعم". ومهمتنا التدريبية لقوات الجيش والشرطة العراقيين ستستغرق سنوات. وبدون الحاجة الى القول ، فان معظم السنة سيبتهجون. والمشكلة ستكون مع الشيعة. ولم نلعب السياسات الشيعية بصورة متألقة (مثل الحرب الغبية لظهور الجلبي). ولكن وجودا أميركيا بناء ومتواريا عن الأنظار سوف يكون فاعلا اذا تدبرت إدارة اوباما الموضوع بشكل ماهر.وإذا كان البيت الأبيض قلقا حقيقة من أن العراق يمكن أن يصبح ولاية فارسية –يقول المحلل السياسي- فذلك سبب آخر من اجل بقاء قوة عسكرية أميركية صغيرة ولكن قوية هناك، والديمقراطية العراقية هي صفقة كبيرة. والأميركيون يسارا ويمينا استبعدوا تطوره واستصغروا الإنجاز الأميركي في منح ولادتها، نظراً لالتصاقهم بالماضي بفكرة شرق أوسط لا يتغير. وما حدث في العراق منذ سنة 2003 – وما حدث في إيران منذ 12 حزيران الماضي – يجب حقيقة أن يغرس الإمكانية بان شرق أوسط إسلاميا ليس حالة ميئوس منها.وبعض التغييرات هناك قد تكون تقدما فقط. والقبول بذلك سوف يتسبب بعسر الهضم لهؤلاء الذين تعلقوا بشكل حتمي بمشهد ما بعد حقبة صدام باعتبارها "اكبر فشل استراتيجي في التاريخ الأميركي" وهؤلاء الذين انتقدوا بشدة ترويج الديمقراطية اللا طائل منه " من خلال برميل البارود ". ولسوء الحظ فان باراك اوباما ينتمي لهذه المجموعة . ولكنه كرئيس فقد اثبت مرونة في الأمور الخارجية. ومعه ، وكما مع العراق بعد انتخابات ناجحة أخرى، حرة واكثر تنافسية مقارنة مع أية انتخابات في تاريخ الشرق الأوسط، فان هناك أسبابا للأمل.