أرشيف - غير مصنف
لبنان : الطوائف تحدد السياسة الخارجية !؟.. بقلم: عبدالرحمن محمد
الطوائف تحدد السياسة الخارجية للبنان .. عبارة جاءت على لسان أحد كبار المحللين السياسيين اللبنانيين في تعليق له عبر إحدى الفضائيات اللبنانية على الحملة المسعورة التي يشنها بري وأعوانه على إنعقاد القمة العربية في ليبيا مستخدما فضائيته التي تحمل إسما غير عربي وهو NBN وكأن اللغة العربية لا تصلح في قاموسه إلا لحملات التهجم البذيء على كل من لا يتفق معه ويخالفه الرأي أو الموقف ، حيث نال فريق 14 مارس / أذار نصيبه من حملات فضائيته العدائية لمجرد أنه أكد على ضرورة مشاركة لبنان في القمة العربية وأن غياب لبنان كدولة عربية مؤسسة للجامعة العربية عن أعمال القمة العربية هو ضرب من الإلغاء لوجود الدولة والجمهورية اللبنانية ، وأن منطق الدولة شئ ومنطق تصفية الحسابات شئ آخر ، حيث نزعت فضائية بري عن أعضاء فريق 14 أذار جنسيتهم اللبنانية وخلعت عنهم عروبتهم فوصفتهم بأنهم الليبيون الجدد الذين حسب تعبيرها لطالما رفعوا شعارحياد لبنان عن المحاور العربية وشنوا أوسع حملة عداء شوفينية ضد العروبيين ، وصوبوا السهام على قلب العروبة سوريا ، هاهم اليوم يذرفون دموع التماسيح على المصير العربي ويرهنون وجود الدولة والجمهورية اللبنانية بمشاركة في قمة يرأسها من إدعت أنه خطف موسى الصدر ، بالرغم من أن ليبيا برأت لأكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة ذمتها من اختفاء الصدر بالوثائق والأدلة التي تؤكد أنه غادر أراضيها بمحض إرادته مع مرافقيه إلى العاصمة الإيطالية روما ، كما أبدت استعدادها للتعاون مع أي جهة عربية محايدة للتحقيق في ملابسات هذه القضية ، ومدعية ( أي فضائية بري ) أنه أي القذافي تباهى بإنفاقه 18 مليار دولار على خراب لبنان ، وتعني بذلك ما قدمته ليبيا من أموال وأسلحة للمقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية اللتين كان بري يعاديهما من خلال حركة أمل التي قفز مباشرة بعد إختفاء موسى الصدر على رئاستها ، مما يلقي ظلالا كثيفة من الشك على دوره في إختفاء الصدر بتواطئه هو وأعوانه مباشرة أو بشكل غير مباشر مع الكيان الصهيوني الذي هو صاحب المصلحة في تغييب الصدر لأنه هو المؤسس لأفواج المقاومة اللبنانية المعروفة بحركة أمل التي ساهمت في إزالة ذلك العدوان ، ودحر فلول المحتل الصهيوني تحت قيادة الصدر ، إلا أن بري يصر لغرض في نفسه وهو إبعاد الشبهة عن تورطه أو تورط أعوانه في إختفاء الصدر ، وكذلك للتغطية على جرائمه هو وحركته ضد المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية في لبنان الأمر الذي سجله التاريخ ولن يُفلح بري في طمسه مهما حاول ، ففي 20/5/1985م مع بداية شهر رمضان المبارك أعلنت منظمة أمل الشيعية حرباً على سكان المخيمات الفلسطينية في بيروت مستخدمة في عدوانها كافة الأسلحة .. واستمرالعدوان شهراً كاملاً ، حيث اقتحمت ميلشيات أمل مخيمي صبرا وشاتيلا، وقامت باعتقال جميع العاملين في مستشفى غزة ، وساقوهم مرفوعي الأيدي إلى مكتب أملفي أرض جلول ، ومنعت القوات الشيعية الهلال والصليب الأحمر وسيارات الأجهزة الطبيةمن دخول المخيمات ، وقطعوا إمدادات المياه والكهرباء عن المستشفيات الفلسطينية . وفي الساعة الخامسة من فجر الاثنين 20/5/1985م بدأ مخيم صبرا يتعرض للقصف المركزبمدافع الهاون والأسلحة المباشرة من عيار 106ملم ، وفي الساعة السابعة من اليومنفسه تعرض مخيم برج البراجنة لقصف عنيف بقذائف الهاون ، وانطلقت حرب أمل المسعورةتحصد الرجال والنساء والأطفال ، وأصدر المجرم نبيه بري أوامره لقادة اللواء السادسفي الجيش اللبناني وكل أفراده من الشيعة لخوض المعركة وليشارك قوات أمل في ذبح المسلمين السنة في لبنان ،ولم تمض ساعات إلا واللواء السادس يشارك بكامل طاقاته في المعركة وقام بقصف مخيمبرج البراجنة من عدة جهات ، وشاركت القوات الكتائبية في قصف المخيمات الفلسطينية بالقذائف المدفعيةوالصاروخية ، وبادرت قيادة الجيش اللبناني ممثلة في ميشيل عون ولأول مرة منذ شهرشباط 1984م إلى إمداد اللواء السادس بالأسلحة والذخائر ، وفي 18/6/1985م خرجالفلسطينيون من حرب المخيمات التي شنتها أمل ضدهم بعد شهر كامل منالخوف والرعب والجوع والموت ، والذي دفعهم لأكل القطط والكلاب ، خرجوا ليشهدوا أطلالبيوتهم التي تهدم 90% منها و 3100 بين قتيل وجريح و 15 ألف من المهجرين أي 40% منسكان المخيمات ، إن الفضائع التي ارتكبتها أمل بقيادة بري بحق الفلسطينيين الآمنين في مخيماتهميندى لها الجبين عاراً ، ويعجز القلم عن وصفها ، ومنها .. قتل المعاقين الفلسطينيين كما ذكر مراسل صحيفة ريبوبليكاالإيطالية وقال : إنها الفظاعة بعينها وخاصة قتل عدد من الفلسطينيين في مستشفياتبيروت ، وقال مراسل صحيفة صندي تلغراف في 27/5/1985م إن مجموعة من الجثث الفلسطينيةذُبح أصحابها من الأعناق كما تم نسف أحد الملاجئ يوم 26/5/1985م وكان داخلها مئاتالشيوخ والأطفال والنساء في عملية بربرية دنيئة ، تم ذبح ممرضة فلسطينية فيمستشفى غزة لأنها احتجت على قتل جريح أمامها ، كما ذكرت وكالة ( إسوشيتدبرس ) عناثنين من الشهود أن ميلشيات أمل جمعت العشرات من الجرحى والمدنيين خلال ثمانية أياممن القتال في المخيمات الثلاثة وقتلتهم وقال الشاهدان أنهما رأيا أفراد أملواللواء السادس يقتلون أكثر من 45 فلسطينياً بينهم جرحى في مستشفى غزة وحوله ، وذكرت وكالةالأنباء الكويتية في 4/6/1985م وصحيفة الوطن في 3/6/1985م أن قوات أمل اقترفت جريمة بشعة، حيث قامت باغتصاب 25 فتاة فلسطينية من أهالي مخيم صبرا وعلى مرأى من أهاليالمخيم . 9- وردد مقاتلوا أمل في شوارع بيروت الغربية في مسيرات 2/6/1985م احتفالاًبيوم النصر ، بعد سقوط مخيم صبرا : لا إله إلا الله العرب أعداء الله . وقال مسلحمن أمل : إنه على استعداد للاستمرار في القتال مهما طال الزمن حتى يتم سحقالفلسطينين في لبنان . ، كما نشرت مجلة (الأيكونومست) في عددها الصادر في نهاية الشهر السابع من عام 1982م أن 2000 مقاتلا من عناصر منظمة (أمل) الشيعية انضمت إلى قوات مليشيا سعد حداد ، وتوقعت المجلة أن ينضم عدد أكبر منهم إلى (الحرس الوطني) الذي ترعاه إسرائيل في جنوب لبنان ، وكدليل على علاقة بري بالصهاينة ويتبادل الرسائل مع تل أبيب ما أكده وزير الخارجية السويدي (بيير أوبيرت) في جنيف في 24 يونيو 1985/ حزيران م أنه نقل رسالة من رئيس حركة أمل نبيه بري إلى القيادة الإِسرائيلية ، كما نسبت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) لأوبيرت قوله للصحفيين صباح 24 يونيو 1985م: (إن تبادل الرسائل بين حركة أمل والقادة الإِسرائيليين جرى يوم الجمعة الماضي إلا أنه رفض إعطاء تفاصيل أخرى) ، ومن جهتها قالت صحيفة (الجروزاليم بوست) في عددها الصادر بتاريخ 23 مايو / أيار 1985م : (إنه لا ينبغي تجاهل تلاقي مصالح أمل وإسرائيل ، التي تقوم على أساس الرغبة المشتركة في الحفاظ على منطقة جنوب لبنان وجعلها منطقة آمنة خالية من أي هجمات ضد إسرائيل ، إن إسرائيل ترددت حتى الآن في تسليم أمل مهمة الحفاظ على الأمن والقانون على الحدود بين فلسطين ولبنان، وإن الوقت حان لأن تعهد إسرائيل إلى أمل بهذه المهمة) كما نقلت وكالة الأنباء في 6 يونيو / حزيران 1985م عن رئيس الاستخبارات العسكرية اليهودية (أهود برادك) قوله : (إنه على ثقة تامة من أن "أمل" ستكون الجبهة الوحيدة المهيمنة في منطقة الجنوب اللبناني ، وأنها ستمنع رجال المنظمات والقوى الوطنية اللبنانية من التواجد في الجنوب والعمل ضد الأهداف الإِسرائيلية) ، ويبدو أن تأسيس حزب الله هو الذي أحبط مخططات الكيان الصهيوني القائمة على التعاون مع بري وحركته مما إضطر بري معه وخاصة بعد هزيمته في المعارك التي جرت بينه وبين حزب الله أن يغير جلده وأن يرتدي لباس الوطنية والعروبية إنطلاقا من مبدأ ( التقيّة ) المعروف ، ذلك هو تاريخ بري الدموي الذي يتطاول هو وأعوانه ووسائل إعلامه على ليبيا وقائدها ، ويُوجه الإهانات الى القادة العرب لأنهم يشاركون في قمة العرب المتميزة في ليبيا واصفا في وقاحة لا مثيل لها النظام الثوري الوحدوي العروبي الليبي الذي عمل منذ اليوم الأول على توحيد الأمة العربية ودعم منظمات التحرير العربية والأفريقية والعالمية بأنه نظام التجزئة ، وأنه النظام الذي اغتال مفهوم الوحدة والتضامن على مساحة الوطن العربي وافريقيا ، والذي أشعل النار بثوب النظام العربي من تشاد الى الصومال ودارفور ، وهو أي بري يراهن على أن التاريخ سيمسح من سجلاته جرائمه لمجرد الإعتراف الوحيد الذي أقدم على تلاوته وكان عن جرائمه في حرب المخيمات التي خاضها ضد الفلسطينيين، في الوقت الذي لم يقدم اعتذاراً عما فعله هو وحركته طوال الحرب الأهلية اللبنانية . . ومن الواضح أن محاولات بري وتهديداته بمقاطعة لبنان للقمة قد باءت بالفشل حيث قررت حكومة لبنان المشاركة بمندوبها في الجامعة العربية .