أرشيف - غير مصنف

قمة العرب مسلسل جديد من قذافيات فانتظروه

بقلم: ماجد هديب

أيام قليلة تفصلنا عن انعقاد مؤتمر القمة العربي السادس والثلاثين في عرين ملك ملوك إفريقيا وإمام المسلمين العقيد معمر القذافي , فهل ستكون هذه القمة قمة القمم كما يتوقع محبي القذافي, والمعجبين بسياساته ,والمنتفعين من نزواته؟,  أم ان هذه القمة ستكون آخر القمم العربية  لأن  قائدها لا يملك الحد الأدنى من مقومات إنجاحها ,ولو حتى على المستوى الشكلي فقط ,فهو المحرض دوما  على نظرائه القادة العرب, والمستهتر بهم , والمستهزئ في عروشهم وجيوشهم ,والمقامر في علاقاته حتى مع من هو أكثر فاعليه ليس في محيطه العربي فقط ,وإنما في محيطه الإقليمي والدولي أيضا .

باعتقادي ان شخصية القذافي الهزلية, والمثيرة في تكوينها, والمعقدة في خباياها  سيحول هذا المؤتمر حتما إلى مسرحية هزلية جديدة من مسرحياته التي اعتدنا عليها, والتي يتفوق في كثير منها على عادل إمام  لما ينتاب مشاهديه وسامعيه من نوبات الضحك المتواصل كلما اطل علينا ببهيته وزيه المزركش, وهذا ما يشجعني بان اقترح على السيد المخرج لباب الحارة الاستعداد لإخراج مسلسل عن القذافي في
مؤتمر القمة  وله ما أراد من أسماء لأعماله وان كنت أتمنى ان يطلق عليه قذافيات على تكون حلقاته من أعمال المؤتمر نفسه لما سيعرضه هذا المؤتمر لنا من مواضيع غنية  ودسمة تتسم بالفكاهة  دون حاجة إلى مونتاج أو إعادة لمشهد.

باعتقادي ان  جلسات هذا المؤتمر, وما فيه من وقائع ستكون من أروع حلقات لمسلسل سيشهد حتما تفوقا باهرا على  غيره من المسلسلات, من حيث  جمهوره المشاهد على اختلاف اللغات والأديان, بالإضافة إلى تميزه عن غيره من المسلسلات شكلا ومضمونا   وهذا ما سيجعله حتما أكثر تقدما وإبداعا من باب الحارة , واشد منافسة لحلقاته
مهما ابتدع المخرج لابو غالب من مقالب جديدة, واختلاقه لقصص بطولية لعقيد الحارة ,وخاصة إذا ما تم افتتاح حلقات  هذا المسلسل بأمر من القذافي إلى حراساته النسوة  بأن يسرعن إلى إغلاق أبواب قاعة المؤتمر, والشروع في فحص القادة العرب من ملوك ورؤساء وأمراء  والكشف عن جنسهم ان كانوا ذكورا أو إناثا , وذلك في إشارة  من المخرج  إلى الملامح الأولى لشخصية القذافي  المثيرة والمعقدة, وما فيها من انفصام, و
كذلك محاولاته المعتادة في إثبات رجولته دون غيره من نظرائه العرب, على ان يكون شهود  إثبات حالة التفتيش هم حتما ممن تم الاعتراض على حضورهم لأعمال القمة كضيوف  من رؤساء دول أجنبية وإسلامية  في إشارة أخرى من المخرج على إصرار القذافي  دوما على إذلال الدول  العربية ومتعته في كشف عورات قادتها  أمام  من هم في مصاف الأعداء .

 ان أسلوب العقيد القذافي في مخاطبة نظرائه العرب التي تخلو من اللباقة والاحترام, أو في حديثه عنهم  لوسائل الإعلام أو لجمهوره في المناسبات الوطنية والدينية, وتصرفاته وأفعاله بحق دول الغير والتي تخرج دوما عن إطارها المألوف, تجعلنا نؤكد بان مؤتمر القمة العربية  سوف يكون بمثابة المسرحية الجديدة التي يتوق  لمشاهدتها كل
متألم هروبا من ألامه ومعاناته ,  وبما ان انعقاد هذا المؤتمر تفصلنا عنه أيام فقط فما ما على المخرجين والمنتجين إلا الاستعداد لكتابة حلقاتهم الجديدة من سلسلة طويلة من أعمال القذافي وإبداعاته المثيرة للسخرية والداعية إلى الضحك المتواصل  على ان يتناول هؤلاء الشخصية من كل جوانبها ,من حيث سياسته الداخلية, وكتابه الأخضر, وأرائه في الدين الإسلامي,وعلاقاته في الدول العربية, وإصراره على تقسيمها ما بين وطنية ورجعية ، وتشجيعه للانقلابات وعمليات التمرد وفقا لمزاجه
المتقلب.

ان الاستهزاء بمقدسات المسلمين، وسخريته من علاقة العبد في ربه وادعائه النبوة لا تخلو من خطاباته ولقاءاته, وما تحليله الحرام, وتحريمه للحلال إلا صفات في شخصية القذافي قد اعتاد عليها ولا يخجل من ترديدها ,وما كتاب القذافي مسيلمة العصر إلا عبارة عن رصد كثير من تلك المواقف و الآراء وتسجيلها.

كما ان القارئ لقصصه الأدبية الثلاث "الفرار إلى جهنم", " وملعونة عائلة يعقوب", "ودعاء الجمعة الآخرة" يدرك ان القذافي ليس مهرجا ومحرضا على القادة العرب فقط,وإنما مشككا ومستهزئا في أصول العبادة, والعلاقة بين العبد وربه ,حيث نجده في قصته الأولى متسائلا ان كان الموت ذكرا أم أنثى,  ومتمنيا لرؤية جهنم  لما رأى فيها في منامه من ملامح إبداعية, حيث  نجده قد استرسل كثيرا في وصف
روعة جهنم وخباياها كما جاء في نفس القصة,كما إنه يشتم ويحقر عائلات بعض الأنبياء حيث نجده يشتم عائلة النبي يوسف, ويلصق بها أبشع التهم واقسي الأوصاف كما جاء في قصته الثانية.

أما قصته دعاء الجمعة الآخرة فقد جاءت سخريته فيها واضحة من معتقدات المسلمين حينما  نجده فيها متهكما على مسلمي الأرض قاطبة عند توجههم بالدعاء إلى الله عز وجل، ففي استهزاء  وسخرية واضحة نجده يقول (… أما الذي يريد توحيد الأمة العربية لكي تقوى وتتقدم على العدو، فعليه ان يردد وراء الإمام في نفس الجمعة المذكورة؛ "اللهم ان ضعفنا لا يخفى عليك وأمرنا بين يديك، وانك تعلم إننا لا نملك خاتم شبيك لبيك، وتعلم ان اليهود والنصارى صعدوا بصورايخهم وأقمارهم إليك… ونحن لا نجاريهم في كفرهم هذا بغزو الفضاء ونتوسل إليك.)

أما سياسات القذافي الخارجية وعلاقاته بالدول, والشعوب قاطبة فقد اتسمت بالفوضوية, وجنون العظمة ,وعقدة النقص، فما كان منه إلا ان ادخل ليبيا في عدة حروب بلا قضية ولا هدف ابتداءً من الحرب الليبية المصرية عام 1977, إلى الحرب الليبية التشادية عام 1981, والى القتال في أوغندا لتُثبيت حكم (عيدي أمين) , أو قتال  الفلسطينيين في لبنان عام 1982  ودعمه للنظام السوري ضد الزعيم الراحل ياسر عرفات بعد  ان كان قد طالب الفلسطينيين بالانتحار الجماعي في ظل تقاعسه وخذلانه لهم وقت اشتداد  معاركهم مع الجيش الإسرائيلي , وكذلك دعمه لمتمردي جنوب السودان ، إضافة إلى دعمه اللامحدود  للمنظمات الثورية التخريبية كمنظمة الجيش الأحمر الياباني، والجيش الجمهوري الأيرلندي،والحركات الانفصالية في أسبانيا كالباسك
والألوية الحمراء في إيطاليا، والكثير من حركات التمرد والانفصال ,  وما دعوته الأخيرة لتقسيم نيجيريا  ما بين مسيحييها ومسلميها إلا إصرار القذافي على الإمعان في سياساته الفوضوية والتخريبية  دون قضية أو هدف  .

أما على الصعيد الداخلي فحدث بلا حرج , إلا إننا نترك ذلك للكتاب الليبيين فأهل مكة أدرى بشعابها ,وهم أولى في الدفاع عنه, والالتفاف حوله ,أو بانتقاده والدعوة إلى إسقاطه, فكل ما يعنينا هو دعوة الجماهير بكل لغاتها وعلى اختلاف أديانها  لساعات من الضحك المتواصل  على أعمال مؤتمر القمة العربي  في حلقته السادسة والثلاثون
ومشاهدة آخر أعمال القذافي الهزلية فيها فترقبوها لتشاهدوها معا على الهواء مباشرة  وقبل مونتاج من مخرج أو قص من رقيب .

[email protected]

 
 

زر الذهاب إلى الأعلى