رسالة من المختار إلى العقيد
محمود عبد اللطيف قيسي
مع اقتراب موعد عقد القمة العربية في ليبيا ، قلعة العروبة الصامدة وقلب أفريقيا النابض ، بلد المختار الثائر الذي أعطى أقوى الدروس وأجمل العبر بالصمود والتصدي الحقيقي أمام الإستعمار الغاشم ، بلد الليبيين الأحرار اللذين سطروا بالدم تاريخ ليبيا الحديث ، وكل العرب والعالم ينتظرون موقف الدولة المضيفة للقمة خاصة ، وموقف كل القادة المشاركين فيها من قضية فلسطين ، التي تمر في هذه الأيام أسوء أيامها بفعل النشاط الإستيطاني الإسرائيلي الكثيف فوق أرض فلسطين ، ومحاولات تهويد القدس والمقدسيين ، ومحاولة سلب الإرث والتراث الوطني القومي الفلسطيني ، لتسجيله باسم ورثة غير شرعيين زحفوا لفلسطين الأرض والوطن العربي الفلسطيني ، كما الفاشيين الإيطاليين اللذين زحفوا لليبيا وحاولوا أذيتها من قبل ، لكنّ الله خلص شعبها المؤمن وأرضها الطاهرة من جبروتهم وإرهابهم ، بسبب روعة معزوفة الثورة الليبية وتناغمها التي قادها المختار ورفاقه مع إرادة شعبها ، والذي لم يقتل أحدا من رفاقه ، ولم يسفك دم شعبه ، ولم يكفر أو يخون غيره ، ولحلاوة المشاركة الجماهيرية الليبية وانسجامها مع ثورتها ومع قادتها وبسبب تفلتها من مصائد وخداع الماكرين ومخطتاتهم وحركاتهم المشبوهة ، التي لم يسلم من مثلها الشعب الفلسطيني وثورته وقيادته ، ففي حين أنّ الصهاينة نجحوا بغزوهم ومخططاتهم وتمكنوا من فلسطين نتيجة المكر والدهاء اليهودي وبحثهم عن دولة تضمهم وإن على حساب أرض ووطن غيرهم ، وبسبب لعبة الأمم القذرة التي حاولت حل مشكلة اليهود المفسدين في بلادهم الحقيقية على حساب شعب فلسطين ، فشل الطليان الفاشيين بسبب أن جميع الشعوب والدول العربية ساهمت بنجدة ليبيا ونصرتها ، بينما ثبت وقوف بعض العربية الرديئة منها ضد إرادة الشعب الفلسطيني وحقوقه وقراره الوطني ، وثبت تعاونها ومن تدعمها مع العدو الإسرائيلي والآخر الإقليمي المهدد للشعوب العربية والإسلامية بالنووي والمذهبي .
وما أن عزمت بإرسال المقال إلى العديد من الجرائد والمواقع الإلكترونية التي تؤمن قولا وفعلا بالرأي والرأي الآخر ، والمدافعة عن فلسطين وشعبها وقضيتها ، حتى جائني المختار بلباسه الليبي التقليدي وبرائحته الأطيب من المسك ، وقد تقلد سيفا وأعتلى صهوة فرس عربية أصيلة ، قبلت يداه ووجنتيه وجبينه أحتراما لهذه الشخصية العربية المناضلة ، وإجلالا لتاريخه الوطني المشرّف المحب لوطنه الليبي الأشم ولفلسطين الحرة الأبية ، فقال لي ، أكتب يا بني رسالة إلى الأخ العقيد أطال الله عمره .
( إنه من عمر المختار إلى معمر القذافي ، تحية … ) ، إن فلسطين العربية وقضيتها تتعرض في هذه الأيام الحالكات لابشع ظلم ارتكبته حثالات بشرية بحقه ، ذكرتني بظلم الفاشيين الطليان لأبناء ليبيا العظيمة، وظلم كبير أخر يتعرض له شعبها العربي الأبي وقيادته المؤمنة من بعض أبناء القبيلة والبلد ، والتي نحمد الله أننا لم نشهد مثلها .
أنّ الواجب الوطني والقومي يحتم عليك يا خليفة العهد والنداء والبناء ، كما على كل أخوتك في مسيرة القيادة والعطاء ، دعم الجهود الفلسطينية نحو الحرية والاستقلال ، ودعم الشعب الفلسطيني بكل ما أؤتيتم من قوة لتمكينه من حقوقه الثابتة ، ودعم وتأييد ومؤازرة القيادة الفلسطينية الشرعية وعلى رأسها الرئيس الفلسطيني المؤمن محمود عباس ( أبو مازن ، ولتتذكر موقفنا الوطني القومي أيها الأخ العقيد وأعمل به ، فقد كنا في عصرنا نعتبر من يقف ضد قيادته جبانا خسيسا يُلزمنا بمقاطعته حتى يعود عن غيه وضلاله وينضم ثانية للشعب والوطن ، ومن ينقلب على شعبه ويريق دمه نعتبره قاتلا خائنا يلزمنا تأديبه ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ البقرة: 179 ) ، أما في عهدكم فيبدوا أن المواقف الوطنية قد تبدلت ، فأصبحت الخيانة وقتل الشريك بالنضال عادة مقبولة وكأنها وجهة نظر ، ومعارضة القيادة الوطنية وإرادة الشعب أصبحت وكأنها هي الوطنية بعينها .
فارضوا الله ورسوله وآماناتكم إن كنتم مؤمنين ، وارضوا السلف واعملوا لترضى الأجيال اللاحقة عنكم ، ففلسطين العربية بها من الرجال الصادقين ما يؤهلها للحياة والتقدم نحو الحرية والاستقلال ، إلا أنّ ما ينقصها هو الدعم الكبير ليعين قادتها وشعبها على التحدي والنضال والصمود ، والمال الوفير الذي بجيوبكم ليعين شعبها بصراع البقاء مع العدو الصهيوني الفاشي ، وليعينهم على إبقاء القدس والمقدسات والأرض عربية إسلامية .
وأخيرا إني ناصح لكم فأسمعوا وأعملوا ، لا تنخدعوا بالمظاهر الكاذبة وبالنصوص الفاجرة ، وأنبذوا من جر الدين للسياسة ومن أخذ فلسطين لفم الشيطان وبطن العدو ، فالشيطان كان أعلم أهل الأرض لكنه ألد أعداء الله ، فمن يستبيح الدم في غزة ويقسم الوطن الفلسطيني لعنّاه ولعنه أهل السماوات والأرض ، أما وقد إلتأمت قمتكم وعقدتم العزم على نصرة فلسطين ، فاصلحوا أولا ذات البين بين إخوتكم الفلسطينيين بعد أن تضربوا على يد المارق الفاجر الرافض للصلح والإصلاح ، البائع نفسه لهوى الشيطان والدجال قرب أصفهان ، ولا تنسوا قول الله بل اعملوا به (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ الحجرات 9 ) كما أنصحكم بتبليغ الرسالة لسالبي الدين أسمه والمقاومة حقيقتها حتى يعودوا لحضن شعبهم الأرحم والأسلم ، وأدعوكم للعمل جميعكم بهدي رسولنا الكريم وحديثه القائل ( لا تحاسدوا ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى هاهنا – ويشير إلى صدره ثلاث مرات – بحسب امريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه ) .
Alqaisi_jothor2000@ yahoo.com