القمة العربية والدور السوري المرتقب
بقلم: زياد ابوشاويش
قمتان عقدتا العام الماضي في الدوحة والكويت في ظل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولا زال الحصار على الشعب الفلسطيني مستمراً وخصوصاً في قطاع غزة الذي دفع ضريبة التصدي للعدوان الصهيوني المبيت منذ هزيمة الجيش الإسرائيلي أمام المقاومة اللبنانية وحزب الله عام 2006.
القمم العربية يرقبها المواطن العربي دون أن يعول عليها وربما تتنازعه الرغبة في مشاهدة بعض المساجلات بين الرؤساء والأمل في خروج قرارات تنصف هذه الأمة وتضعها في موقع مناسب بين الأمم الأخرى وتحفظ هيبتها وكرامتها.
تنعقد هذه القمة تحت ذات العنوان أي العدوان الإسرائيلي الذي يكتسي ثوباً آخر اسمه الاستيطان وتهويد القدس، وها هي القمة العربية تنعقد وأمامها جملة من التحديات والقضايا الملحة، وليس هناك حجة للبعض بأن أمريكا الصديقة للأغلبية من دول المنطقة تقف حجر عثرة في طريق اتخاذ قرارات جدية لمواجهة الاستيطان والغطرسة الإسرائيلية، حيث شاهدنا جميعاً التباين في مواقف الدولتين وعودة نتنياهو من واشنطن بخفي حنين. من البديهي طبعاً أن لا نعتقد أن الولايات المتحدة ستفرض حصاراً على الكيان الصهيوني أو تقبل فرض عقوبات دولية عليه في ظل هذا التباين ولكن من المنطقي أيضاً أن نرى حجم الضرر الذي يلحق بالمصالح الأمريكية واستراتيجيتها في المنطقة والعالم جراء السياسة المتطرفة لحكومة نتنياهو اليمينية وتخريبها لكل فرص السلام المتاحة بما في ذلك مبادرة السلام العربية المصنوعة أمريكياً.
في القمتين السابقتين كان هناك دور لبعض الدول العربية في حل بعض الإشكالات الداخلية وكذلك في ترسيخ مفهوم إدارة الخلافات ووضع سقف لها تحت حدود معينة لا تتعداها ولعبت سورية ورئيسها دوراً حيوياً في الوصول لقرارات تدعم الصمود الفلسطيني وتؤسس لحلول منطقية للخلافات العربية على طريق عودة التضامن بين الدول العربية أو إدارة هذه الخلافات بشكل يبقي القواسم المشتركة بالحد الأدنى في حال كانت الخلافات مزمنة.
في المسألة الجوهرية المرتبطة بتطلعات الشارع العربي للنتائج تبرز قضية القدس والاستيطان كأولوية تنصب عليها جهود الجميع للخروج بقرارات ترغم الكيان الصهيوني على التراجع عن سياساته الراهنة بعد أن أوضح رئيس وزراء العدو الصهيوني أن القدس ليست مستوطنة بل عاصمة كيانه الأبدية ولا مجال هنا للاجتهاد في تفسير كلمات الرجل الأمر الذي رفضته الولايات المتحدة الأمريكية والعالم.
سورية ومن خلال التحركات الدبلوماسية والزيارات التي قام بها الرئيس الأسد للعديد من الدول واستقباله الكثير من الرؤساء والشخصيات الدولية الهامة أوضح بجلاء أن بلاده لن تسمح بتهويد القدس واستمرار الاستيطان وأنه لا سلام في ظل هذا الوضع الشاذ من جانب الكيان الإسرائيلي وأن سورية ستتصدى لأي عدوان إسرائيلي يستهدف معسكر المقاومة والممانعة وهي بهذا قدمت للقمة العربية أهم ضمانات وركائز المواجهة الدبلوماسية والسياسية ناهيك عن الأساس الذي ترتكز عليه والدعم للمقاومة في فلسطين ولبنان.
صحيح أن هناك جدول أعمال كبير ويتضمن سبعة وعشرين بنداً، لكن هناك أمرين ملحان على جدول الأعمال تناولنا الأول المتعلق بفلسطين، أما الآخر وهو بند المصالحات العربية وعودة التضامن إلى سكته الصحيحة فهو ما ستعول عليه جماهير الأمة العربية ربطاً بالدور السوري وتحركات ولقاءات الرئيس بشار الأسد الذي حظي بالنسبة الأكبر من ثقة الشارع العربي عبر استطلاعات متعددة أجريت في نهاية العام الماضي وأظهرت تفوقه على كل الزعماء العرب. في هذا الإطار يتوقع المراقبون أن يكون لسورية دوراً بارزاً في تحقيق جملة من المصالحات أولها إعادة التفاهم مع جمهورية مصر العربية وكذلك بين بعض الدول كمصر وقطر وقضايا كاليمن والسودان والصومال وغيرها.
إن قدرة سورية على تقريب المواقف العربية في هذه القمة سيكون أمراً في غاية الأهمية لنجاح أعمال القمة العربية في سرت. البناء على تفاهمات وقواسم مشتركة سيقدم الأرضية الصالحة لاتخاذ قرارات جماعية ومواقف حاسمة من جملة البنود المدرجة على جدول الأعمال.
هناك دور ستلعبه الدول المحورية في المنطقة في ذات الاتجاه كالسعودية وقطر والجزائر لكن الدور السوري سيكون الأكثر أهمية وتأثيراً بعد الاتفاقيات التي أبرمتها مع تركيا وإيران والعلاقات المتميزة التي تربطها بهذه الدول الإقليمية الفاعلة والمؤثرة، ومن هنا فإن التعويل على الموقف السوري له ما يبرره، ومن هنا فإن هذا الموقف يرقبه المواطن العربي بكل الثقة في الدور السوري لإعادة التضامن العربي.