تزداد حمى التنافس بين نوري المالكي واياد علاوي الخصمين المتسابقين على منصب رئيس الوزراء لكسب ود الاحزاب الشيعية وطهران، اللاعبين الاساسيين في العراق الغارق في فراغ مؤسساتي منذ حوالى الشهر.
وفي حين تحولت بغداد الى مسرح لاعمال عنف شبه يومية ادت الى مقتل ما لا يقل عن سبعين شخصا خلال الايام الثلاثة الماضية، يعرب العديد من المحللين عن اعتقادهم بان تشكيل الحكومة سيستغرق شهرين على الاقل.
والكيانات السياسية مرغمة على البحث عن حلفاء لان النظام النسبي الانتخابي المعقد لا يسمح لاي قائمة بالانفراد في تشكيل الحكومة المقبلة.
وبفضل الدعم الكبير الذي قدمه العرب السنة، حصل علاوي زعيم القائمة ‘العراقية’ العلمانية على 91 مقعدا متقدما على ‘ائتلاف دولة القانون’ بزعامة المالكي.
وتلقت قائمة علاوي دعوة من طهران التي لا بد من نيل دعمها للعب دور اكبر في مستقبل البلاد نظرا لتأثيرها الكبير على الاحزاب الشيعية في العراق.
وقال حسين الشعلان النائب عن ‘العراقية’ لوكالة فرانس برس ‘تلقت القائمة دعوة لزيارة (…) تقطع الطريق على من يحاول الاصطياد بالماء العكر وتشويش افكار ايران وغيرها خصوصا حول برنامجنا واعتبارهم وصولنا (الى الحكم) يشكل خطورة عليهم’.
وسبق للمالكي ان ارسل وفدا الى طهران وكذلك التيار الصدري والمجلس الاعلى كما توجه الى هناك الرئيس جلال طالباني.
واشار الشعلان الى ان علاوي لن يكون ضمن الوفد الذي سيتوجه خلال الايام القليلة المقبلة الى طهران.
وقال الخبير في الشؤون العراقية ابراهيم الصميدعي لفرانس برس ‘هناك جهود محلية واقليمية موازية لتشكيل حكومة لاعادة توازن القوى وهذا امر في صالح الجميع’.
واكد ان ‘محادثات غير مباشرة بين السعودية وايران تتولاها شخصية دينية شيعية معتدلة ومقبولة من الطرفين (…) لاقامة جسر بين العالم العربي وطهران، فهذه هي الوسيلة الوحيدة لنزع فتيل التوتر’.
واشار الى لبنان قائلا ‘لقد تشكلت الحكومة فور الاتفاق بين السعودية وسورية (…) الكل يسعى الى حل مماثل بين الرياض وطهران’.
وتتمثل اهمية الدعم الايراني بتواجد مقتدى الصدر هناك، فقد حصلت جماعته على 39 مقعدا في مجلس النواب (325 مقعدا)، مما يمكنها من لعب دور ‘صانع الملوك’ بالنسبة للحكومة المقبلة.
وفي هذا السياق، قال استاذ العلوم السياسية في جامعة المستنصرية عزيز جبر لفرانس برس ان ‘التيار الصدري يريد لعب دور بيضة القبان كما الاكراد سابقا وما كانوا يعتبرونه سلبيا تجاوزوه حاليا واتجهوا الى السعودية والاردن وسورية’.
واضاف ان ‘الانفتاح على الخارج تطور ايجابي (…) الافاق ليست مسدودة رغم ان الوضع خطير وخارج المألوف وفي غاية التعقيد’.
وتابع جبر ان ‘بعض الكتل السياسية تستمد عناصر قوتها من مناطق اخرى. لكن اعتقد بان البعض لديه ما يكفي من الحكمة لاعادة النظر في مواقفه حتى ائتلاف دولة القانون يغير موقفه بعد ان كان يتحدث عن خطوط حمراء’.
واعتبر ان ‘الائتلاف يدرك جيدا صعوبة تولي المالكي رئاسة الحكومة مرة اخرى لكنه يسعى الى الاحتفاظ بمنصب رئيس الوزراء ولا يريد فتح الملفات خلال الاعوام الاربعة الماضية كما يطالب التيار الصدري وغيره’.
وفي هذا الاطار، يحاول المالكي الذي اصيب بفورة غضب فور اعلان النتائج النهائية مد اليد الى الاخرين فقام بزيارة اخصامه السياسيين من الاحزاب الشيعية واحدا بعد الاخر.
كما تفيد تقارير غير مؤكدة ان حوارا في الخفاء يدور بين ائتلافه وكتلة علاوي.
والتقى رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري وزعيم المجلس الاسلامي الاعلى عمار الحكيم ونائب الرئيس المنتهية ولايته عادل عبد المهدي واخيرا التيار الصدري.
وفي اشارة تؤكد عدم رغبة انصار مقتدى الصدر بتوليه منصب رئيس الوزراء مرة اخرى، حل المالكي رابعا في استفتاء اجراه التيار لانصاره من اجل اختيار اسم من بين خمسة مرشحين الى هذا المنصب.
وتصدر الجعفري مرشحي التيار الصدري.
يذكر ان الجعفري تولى المنصب بين نيسان/ابريل 2005 وايار/مايو 2006 عندما كانت البلاد غارقة في اقتتال طائفي اودى بعشرات الالاف.
وحل جعفر محمد الصدر ثانيا.
وجعفر هو نجل آية الله محمد باقر الصدر مؤسس حزب الدعوة والذي اعدمته السلطات العراقية العام 1980 مع شقيقته، وقد فاز في الانتخابات ضمن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي.
وحصل القيادي في التيار الصدري قصي عبد الوهاب السهيل على المرتبة الثالثة رغم انه لم يكن ضمن الاسماء الخمسة.
وحل المالكي رابعا يليه علاوي اما السياسي احمد الجلبي فقد حل خامسا وحل عبد المهدي سادسا.
وشارك في الاستفتاء مليون وحوالى 800 الف شخص، بلغت نسبة النساء منهم 27 بالمئة.