د. صالح بكر الطيار
من عادة الدول المتقدمة أنها عندما تضع خطة خمسية، فإنها تستهدفبالدرجة الأولى القطاع الاقتصادي دون سواه، إمّا لجهة تطوير الصناعة، أوالزراعة، أو السياحة، أو القطاع المالي والمصرفي، أو لتعزيز الاستثماروجذب الرساميل الأجنبية، أو لتحديث البنى التحتية، أو لاعتماد أنظمةوقوانين جديدة تواكب روح العصر، وتحاكي ما حصل فيه من متغيرات.وغالبًا ماتصطدم الكثير من الدول بعراقيل وحواجز تمنع عليها تحقيق ما خططت له، فيتمتمديد مهلة إنجاز الخطة الخمسية؛ لتصبح عشرية أو أكثر، أو يتم إلغاء الخطةمن الأساس نتيجة عدم امتلاك الإمكانيات المطلوبة، أو نتيجة سوء التقدير فيالتخطيط والتنفيذ.أمّا في السعودية فإن الأمور بكل تواضع مختلفة جدًا، حيثتمكنت هذه الدولة الفتية ليس فقط من اتخاذ قرار البدء بالخطة الخمسيةالتاسعة؛ ممّا يعني أن ثماني خطط خمسية سابقة قد أُنجزت بالكامل، بل قررتالحكومة ان تكون الخطة الخمسية التاسعة شاملة لكل الميادين والقطاعات دوناستثناء، بحيث تأتي عملية التطوير جامعة وشاملة لكل المجالات، بما يكفلالنهوض بالدولة على سائر المستويات دون أن يتخلّف أي قطاع عن مواكبة ثورةالتحوّلات الكبرى التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بنعبدالعزيز.فالخطة الخمسية الجديدة تؤكد على ركائز هامة لبناء الوطنوالإنسان تتمثل في:- على المستوى العام: ضرورة تعزيز الوحدة الوطنيةوالأمن الوطني الشامل، وضمان حقوق الإنسان، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي .- وعلى المستوى الديني: المحافظة على التعاليم، والقيم الإسلامية، وترسيخهوية المملكة الإسلامية والعربية، والاستمرار في تطوير المشاعر المقدسة،والخدمات المقدمة إلى الحجاج والمعتمرين والزوّار؛ بما يكفل أداء الشعائربيسر وسهولة.- وعلى المستوى الاقتصادي: تحقيق التنمية الاقتصاديةوالاجتماعية المستدامة، وذلك من خلال تسريع وتيرة النمو الاقتصادي،والرفاهية الاجتماعية، وتحقيق التنمية المتوازنة بين مناطق المملكة،وتعزيز دورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتنويع القاعدةالاقتصادية أفقيًّا ورأسيًّا، وتوسيع الطاقات الاستيعابية والإنتاجيةللاقتصاد الوطني، وتعزيز قدراته التنافسية، وتعظيم العائد من ميزاتهالنسبية، والتوجّه نحو الاقتصاد المبني على المعرفة، وتعزيز مقومات مجتمعالمعلومات، وتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية والاجتماعيةوالبيئية، وتوسيع مجالات الاستثمارات الخاصة «الوطنية والأجنبية»، ومجالاتالشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص.- وعلى المستوى المعرفي والعلمي: تعزيز التنمية البشرية، وتوسيع الخيارات المتاحة للمواطنين في اكتسابالمعارف والمهارات، والخبرات، وتمكينهم من الانتفاع بهذه القدراتالمكتسبة.- وعلى المستوى الاجتماعي: توفير مستوى لائق من الخدمات الصحية،ورفع مستويات المعيشة، وتحسين نوعية الحياة لجميع المواطنين، ومواصلةالإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والمؤسسي.- وعلى مستوى الموارد والبيئةتنمية الموارد الطبيعية -وبخاصة المائية- والمحافظة عليها وترشيداستخدامها وحماية البيئة، وتطوير أنظمتها في إطار متطلبات التنميةالمستدامة.هذه هي السعودية التي يتطلع أولياء الأمر إلى بنائها رغم كلالتحديات والمعوقات، وهذه هي المملكة التي علينا جميعًا كمواطنينمجاراتها، والحفاظ عليها، والمساهمة في انطلاقتها؛ لأنها مستقبل أولادنا،وأحفادنا، وغدهم المشرق.
رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي