أرشيف - غير مصنف

حركة فتح والموقف من المرأة

بقلم/ زينب الغنيمي

 
أيتها الفتحاويات لمَ صمتكنّ؟ لمَ لا تدافعن عن حقكنّ في أن تكون بعضكن في مركز القرار في الحركة؟ ولمَ تقبلن البقاء في الصفوف الخلفية؟ ونسأل، ألا توجد بينكنّ من يمكن أن يكنّ في اللجنة المركزية التي اكتمل أخيراً قوامها بالرجال؟؟!!!
خمسة وأربعون عاماً مضت على إطلاق الرصاصة الأولى التي أشهرت انطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، ومنذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا وجيشٌ من النساء ليس من السهل إحصاء عددهن انضوين في صفوف الحركة، ناضلن وكن السبّاقات في الدفاع عن القضية الوطنية على كل الجبهات خارج الوطن في الأردن وسوريا ولبنان، وداخل الوطن على المستوى السياسي والعسكري، وعشن ظروف العمل السرّي الصعبة في ساحات النضال على اختلافها، وسقطت منهن الشهيدة تلو الشهيدة، أما جدران زنانين الاحتلال فلا زالت تشهد على أسماء العشرات من الأسيرات اللواتي حفرن أسماءهن بحافة سكين أو سن شوكة وسجلن عبارتهن الشهيرة "فتح مرّت من هنا".
مئات النساء الفتحاويات ناضلن على جبهة العمل الاجتماعي في مختلف المجالات والتخصصات، وجبهة العمل النقابي في اتحاد طلبة فلسطين ومجالس الطلبة بالجامعات وأيضاً في النقابات المهنية المختلفة، وعلى مدار السنوات الطويلة كانت نساء "فتح" ولا زِلن يحظين بأغلبية مقاعد المجلس الإداري والأمانة العامة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية.
لم تتوان آلاف النساء الفتحاويات عن الدفاع عن قضية الشعب الوطنية وكن دائماً يطلقن من حناجرهن "ثورة ثورة حتى النصر" في كل المناسبات. وبعد أن حطّت الثورة رحالها داخل الوطن وتأسست السلطة الوطنية الفلسطينية والتي كانت حركة فتح الوجه الآخر لها استمر دور النساء الفتحاويات ولم يتوقف حيث شغلن الكمّ الأكبر من الوظائف الرسمية، ولا زالت آلاف النساء تنتظم في صفوف "فتح" منتميات لحركتهن حتى دم الوريد.
ونسأل: أيتها الفتحاويات هل بعد كل ذلك يمكن أن يكون صمتكن مقبولاً بعد إقصائكن القسري عن موقع صنع القرار في الحركة؟ وهل علينا أن نقبل نحن اللواتي خارج الحركة قرار رجالكم الاستفراد بمواقع صنع القرار وأن تستمروا أنتن في الصفوف الخلفية تصفقن للقادة الرجال وهم يكتفون في خطاباتهم بالقول أن المرأة هي أمنا الحنونة وحارسة نارنا الدائمة، وأنتن تهتفن "تحيا فتح"؟! فهل حياة "فتح" كانت أو ستستمر دونكن؟
 لقد دافعت الحركة النسوية المنظمة على اختلاف انتماءاتها السياسية والحزبية عن دور المرأة الفلسطينية، وتغنّت بنضالاتها واستشهادها واعتقالها ودورها الاجتماعي، وطالبت على مدار السنوات الطويلة لتتويج هذه النضالات بتمكينها من المشاركة السياسية وانتزاع حقها في مراكز صنع القرار، تشحذ همتها وتناضل من أجل تطبيق قراري مجلس الأمن 1325 و(1889) الذي يدعو لتمكين المرأة في هذه المواقع، ولم تتوقف هذه المطالب رغم وجود أعداد من النساء في مراكز وظيفية عليا بوزارات السلطة، ورغم إشغال بعض النساء لوظائف هامة كوزير أو وكيل وزارة أو في القضاء؛ لأن الحركة النسوية اعتبرت دائماً أن هذه الوظائف لا تلبّي طموحاتها، وأن هذه التعينيات من قبيل ذرّ الرماد في العيون ليس إلاّ، وما زالت تدافع عن الشراكة الحقيقية وعن المساواة وضرورة تغيير القوانين والسياسات بما يضمن بناء مجتمع ديمقراطي تسوده العدالة والمساواة بين الرجل والمرأة.
إن موقف حركة فتح والذي يسجّل تراجعاً مؤسفاً في الموقف من دور المرأة بدءاً من تهميش وجودها على مستوى اللجان القيادية للأقاليم مروراً بما جرى حين انعقاد المؤتمر السادس للحركة قبل شهور والذي عكس نفسه في استبعاد تمثيل المرأة في المجلس الثوري بحصة مقبولة من المقاعد، يستمر الآن في التراجع بصورة أشد وطأة في استكمال تعييين أعضاء اللجنة المركزية حيث أغلقت مقاعدها على الرجال فقط ولم تحظ النساء ولو بمقعد واحد.
إن خطورة هذا الموقف الذي تتبناّه قيادة حركة فتح وعلى رأسها قائد الحركة الأخ محمود عباس وهو إقصاء المرأة عن مركز صنع القرار، لا يشكّل إجحافاً بحق النساء الفتحاويات فقط، بل يعتبر إجحافاً بحق كل نساء فلسطين ويعكس استخفاف القيادة السياسية المزدوجة لفتح وللسلطة الوطنية بدورهن ونضالاتهن وتضحياتهن، حيث لا ترى هذه القيادة أن النساء جديرات بأن يتبوأن مناصب قيادية سياسية، وهذا الموقف نقرأه بأبعاده الخطيرة التي تعكسها هذه القيادة على مستوى السياسات والقوانين، وهو يشكّل تناقضاً مع مبدأ المساواة الذي كفله القانون الأساسي، وهو موقف يستحق الوقوف أمامه كي لا يمر مرور الكرام لأنه لا يشكّل اعتداءً على حقوق النساء في حركة فتح فقط بل يضر بمصالح الحركة النسوية عموماً.

زر الذهاب إلى الأعلى