خبر عاجل : إيران نووية

  زكريا النوايسة  قبل ما يقرب من عشر سنوات تابع العالم السباق النووي المحموم بين الهند والباكستان ، فما أن أجرت الهند تجربتها النووية حتى لحقتها الباكستان بتجربة مماثلة ، مما جعل القارة الهندية مشرعة الأبواب على حرب باردة لها استراتيجياتها وظروفها وميدانها الخاص بها، وقد استبشر العرب والمسلمون حينها بالانجاز الباكستاني وعدّوه إنجازا خاصا بهم ، وظهر آنذاك مصطلح ( القنبلة الإسلامية ) على فرض أن دخول ياكستان للنادي النووي سيحقق حدا معقولا من توازن الرعب مع المشروع النووي الصهيوني.
 
 ويبدو أن التهليل العربي لهذا المشروع كان مبالغا فيه ، فالباكستان دولة غارقة في العديد من المشاكل السياسية والعسكرية على المستوى المحلي والإقليمي ، وبالتالي فإن سلم أولوياتها لا يدخل فيه القضايا العربية دون استثناء ، حتى وإن كانت القضية المركزية للعرب والمسلمين ( القضية الفلسطينية).
 وعندما خاب أمل العرب من حالة الردع الباكستانية ، ولأننا استمرأنا البحث عمن يحمي ذمارنا ويحفظ لنا هيبتنا المهدورة اتجهت الأنظار هذه المرة إلى المشروع النووي الإيراني فبدأنا نطبل ونزمر له وكأننا نحن صنّاعه ، وانبرى المفكرون والساسة والصحفيون والمعممون لتقديم تحليلاتهم وآرائهم السديدة التي تظهر أهمية هذا المشروع لردع النوايا الخبيثة والسوداء للمشروع الصهيوني ، بل أصبح من القدسية بحيث بات من يشير إلى المخاطر التي تترتب عليه خائنا وعميلا ويقف موقفا مشبوها من قوى المقاومة والممانعة ذات النكهة الإيرانية. 
 
وحتى نقف على بعض جوانب خطورة هذا المشروع الطموح ، علينا أن نسأل أنفسنا السؤال الذي طالما غفلنا عنه أو تهربنا من طرحه ، خشية أن تصدمنا الإجابة ، هل المشروع الإيراني مشروع إسلامي لا مذهبية فيه،أم أنه مشروع مذهبي يستند بالأساس إلى ركائز قومية فارسية؟ وحتما فإن جواب هذا التساؤل سيدخلنا في حالة خلافية مع أصحاب الهوى الإيراني، أو من انطلت عليهم الحيلة الإيرانية وحسبوا كما سلف في الحالة الباكستانية إن هذا المشروع هو مشروعهم الذي سيحققون به ومن خلاله أحلامهم الذابلة بوطن عربي قوي.

 وليس ببعيد عن أوهامنا بها المشروع ، علينا أن نعاين محركات القوة في المنطقة ، فأمريكا بوجودها العسكري والإستخباراتي تُطبق على المنطقة ولا تسمح لأي كان من الاقتراب إلا من خلال معادلة المصلحة الإستراتيجية للدولة الكونية الأولى ، وهذا يفسّر لنا التحالفات غير المعلنة بين إيران والولايات المتحدة التي تمخضت عن احتلال أفغانستان ومن ثم العراق ،وإطلاق يد حزب الله في لبنان بدلا من الفعل الفلسطيني المقاوم ، ومحرك القوة الثاني يتمثل في الدولة الصهيونية التي تطمح كما يعلم الجميع إلى بناء الدولة الحلم ، وقد حرصت هذه الدولة اللقيطة على تسليح نفسها حتى أسنانها لتخلص من مأزق الجغرافيا أو العمق الاستراتيجي الذي يشكل هاجسا مقلقا لها ، وإلى حدٍ ما نجحت في هدفها ، من خلال برنامج نووي متقدم وقدرة تسليحية لا يضاهيها فيها إلا الدول العظمى ،وبالتالي استطاعت هذه الدولة فرض نفسها بقوة كأحد صنّاع الحدث في المنطقة.

 وربما أن إيران درست الخارطة العربية على نحو جيد، ورأت أن لها متسعا في حراك المصالح فيها ، فسارعت من وتيرة مشروعها ليدخل في سباق البحث عن الغنائم ، ولتكون القسمة على ثلاث بدل إثنين.

 ولعل الصراع المزعوم بين إيران من جانب وأمريكا والدولة الصهيونية من جانب آخر، يأتي في إطار السعي الأمريكي والصهيوني لإخراج إيران من حلبة السباق ، لتخلو المنطقة إلا من اللاعبين الأمريكي والصهيوني ، أما إذا استطاعت إيران دخول النادي النووي العالمي من خلال أوراق الضغط والابتزاز الإستراتيجية التي تمتلكها فإنها وبكل تأكيد ستصنع من نفسها رقما صعبا سيمكنها من الدخول في تفاهمات مع أمريكا و(إسرائيل ) لتحقيق مصالحها القومية والمذهبية في المنطقة.

 أما أين العرب من كل هذا ؟ فالإجابة على هذا السؤال الوجيه ، أن عرباننا سيكونون في حالة بحث دائمة في فضائياتنا المغرمة بالممانعة الإيرانية،عن فجر عنفوانهم الإيراني ومجدهم الفارسي من خلال خبر عاجل مفاده : إيران نووية.   

     
 

Exit mobile version