أرشيف - غير مصنف

التهديد الإسرائيلي والتناغم الأمريكي .. توقيت مشبوه

التهديد الإسرائيلي والتناغم الأمريكي .. توقيت مشبوه

بقلم: زياد ابوشاويش

الكونجرس الأمريكي يوافق على اعتماد سفير أمريكا المعين لدمشق في ذات اليوم الذي يصرح فيه الناطق باسم البيت الأبيض بأن الأنباء عن دعم سورية لحزب الله بأسلحة متطورة بما فيها صواريخ سكود ومنظومات دفاع جوي متقدمة تمثل تطوراً خطيراً وتجاوزاً للخطوط الحمراء لو صدقت، في تناغم واضح مع تهديدات إسرائيلية موجهة للقطر العربي السوري لذات السبب الذي تناوله الأمريكيون علناً والذي رد عليه السفير السوري بواشنطن مكذباً ومفنداً ادعاءات الكيان الصهيوني بهذا الخصوص.

التهديدات الإسرائيلية ليست جديدة لكنها هذه المرة أتت على لسان أكثر من مسؤول، وكان لافتاً أن تأتي على لسان رئيس الدولة العبرية شيمون بيريز المعروف بأنه من الحمائم والذي لا يملك صلاحية لها وزن في سياسة كيانه. وكان ليبرمان وزير خارجية العدو الإسرائيلي قد تنطح هو الآخر قبل أسبوعين لتهديد سورية بشكل وقح وبطريقة غير مهذبة.

في دلالات هذه التهديدات أنها تعبر عن عمق المأزق الإسرائيلي بعد انكشاف زيف دعاويها المتعلقة بالسلام، وبعد افتضاح القناع الزائف لسياستها العنصرية إثر نشر تقرير جولدستون والتصويت عليه.

وفي ذات الإطار فإن اندفاع الكيان الإسرائيلي وراء حكومته المتطرفة فيما يتعلق بالاستيطان وتخريب فرص السلام بعد أن أبدى العرب والفلسطينيون كل المرونة المطلوبة جعل معظم دول العالم في موقف مختلف مع توجهات إسرائيل في الحد الأدنى وباتت تمثل في نظر الأغلبية المعرقل الرئيسي للسلام في المنطقة، وكذلك الدولة الأكثر تهديداً للسلام في العالم.

في ظل هذا الواقع المأزوم للدولة الوحيدة التي لا زالت تحتل أرض الغير، وفي ظل توقف المفاوضات مع الفلسطينيين وعجز الإدارة الأمريكية عن فرض شروط الرباعية وخارطة الطريق على إسرائيل، وفي وضع دولي متوتر بسبب التهديدات الأمريكية لإيران على خلفية ملفها النووي بما في ذلك التهديد باستخدام السلاح النووي التكتيكي ضد منشئاتها النووية، وفي ظل التصريحات الصادرة عن حزب الله برد أي عدوان على لبنان في العمق، وإعادة تأكيد التحالف السوري الإيراني والتقارب الكبير مع تركيا وتعزيز دور المقاومة والممانعة، في ظل كل هذه المعطيات الضاغطة على إسرائيل والتي تطلق يدها من جانب آخر في التلويح بورقة القوة والتفوق الموهوم بسبب الموقف الأمريكي على وجه التحديد تقوم حكومة نتنياهو العنصرية ورئيس الكيان بتوجيه تهديدات جدية وخطيرة لسورية والمقاومة عموماً وتضع المنطقة على كف عفريت.

إن فتح المعارك مع الجوار سواء بالقرار العنصري رقم 1650 الذي يصادر حق أصحاب الأرض في العيش بأرضهم ويمثل أحد وجوه سياسة التطهير العرقي وامتداداً لها، كما الاتهامات المفبركة لسورية والتهديد بالهجوم عليها يعني أن العدو لم يعد أمامه طريق أو وسيلة للتخلص من كل ذلك الانكشاف والضغوط سوى العدوان لتغيير المعادلة أو لحرف القضية عن مسارها المرتبط باستعادة أصحاب الحقوق لأراضيهم المحتلة وإنهاء الاحتلال ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني.

إن محاولة إسرائيل خلط الأوراق والتمويه على حقيقة توجهاتها المنافية للقانون والشرعية الدولية التي تدعو لإعادة الحقوق للفلسطينيين والسوريين واللبنانيين باستعادة أرضهم ووقف العدوان عليهم لن تنجح وإن ساندتها كل المكينة الإعلامية للولايات المتحدة الأمريكية، وإن التهديدات الإسرائيلية لن تفت في عضد سورية العربية وقيادتها ولن توهن موقفها المساند للمقاومة أينما وجدت في الوطن العربي، كما لن تنجح مثل هذه التهديدات الخائبة في فصم عرى الصداقة والتحالف بين سورية وإيران ومع باقي قوى المقاومة والممانعة. إن ما يمكن عمله في حال استمر هذا التهديد القيام بأوسع تحرك عربي ودولي من أجل شرح أبعاد وخطورة أي عدوان ستقوم به إسرائيل في المنطقة وتهديده للسلم الدولي، ناهيكم عن الاستعداد الجدي لخوض المعركة إن فرضت علينا.

إن من الأهمية بمكان الاتصال بالولايات المتحدة الأمريكية لإبلاغها بموقف عربي موحد تجاه سياسة حليفتها العدوانية وشرح أبعاد ومخاطر مثل هذا العدوان على مصالحها في المنطقة، وأنه ليس من مصلحة أمريكا والغرب عموماً خلط الأوراق وتنفيس احتقان هنا أوهناك بخلق أزمة حادة في المنطقة لا تعرف نتائجها على الإطلاق.

السلاح المتطور سواء كان في لبنان أو في سورية يدخل ضمن معادلة التوازن مع إسرائيل وهذا تعرفه أمريكا وإسرائيل، ولهذا فإن تهمة نقل السلاح من سورية إلى لبنان هي نوع من العبث السياسي وخلق الذرائع لتحويل الأنظار عن القضية الرئيسية المتعلقة بالتعنت الصهيوني في عملية السلام والعجز الأمريكي عن تفعيل مبادراتها بسبب هذا التعنت على وجه الخصوص، والأجدى للطرفين العودة لسكة السلام واحترام القرارات الدولية والرأي العام الدولي.    

[email protected]

 

زر الذهاب إلى الأعلى