غمرت في الأقل 4 ملايين دولار من العملة الأميركية المزورة العراق منذ شهر كانون الأول. ويحاول المسؤولون العراقيون والأميركيون تقرير كم من هذه المبالغ، تمثل مجرّد قضية إجرامية محضة وكم منها تمثل محاولة إيرانية للتأثير في السياسات العراقية، بحسب صحيفة ميكلاتشي الأميركية.وفي حين أن بعض الأوراق كانت مطبوعة بشكل سيئ وأمكن اكتشافها بسهولة، فان المسؤولين العسكريين الأميركيين قالوا إن معظم الأموال التي تم الاستيلاء عليها كانت مزورة بشكل معقد والى حد بعيد من فئة المائة دولار بحيث تحتاج الى عملية طباعة خاصة وورق وحبر محددين. وفي الشرق الأوسط، هناك مثل هذه الإمكانات التي تعود فنيا الى إيران ووكلائها، ولاسيما فروع المجموعة الإسلامية الشيعية اللبنانية المسلحة حزب الله، كما قال المسؤولون، مستشهدين بالتعليمات الأخيرة الصادرة من الأجهزة الاستخبارية الأميركية.ويقول الكولونيل بيتر نيول، قائد إحدى التشكيلات الأميركية التي تعمل في ميسان ومحافظتين أخريين في الجنوب قرب الحدود مع إيران: إنها تدير سلسلة من الفرق المحلية على طابعات أج بي وليس الورق الصحيح، ولكن نوعا يبدو مثله – بكل الطرق لكي يكون عملها جيدا طبقاً لنسخ رأيناها من تلك الأنواع التي جاءت من لبنان. وفي الأسابيع الأخيرة، قال المسؤولون، شرعت القوات الأميركية والعراقية بتحرك ضد التزوير والتي تضمنت تثقيف التجار والعاملين في البنوك. وفي الوقت نفسه جمع المعلومات الاستخبارية عما إذا كانت الأموال ترتبط بمحاولة إيرانية للتأثير على انتخابات السابع من آذار البرلمانية أم لغسل الأموال من اجل نشاطات الميليشيات في قلب الجنوب الشيعي العراقي.وقبل ذلك التحرك –تقول صحيفة ميكلاتشي- اشترى البائعون وباعوا العملة المزيفة بصورة علنية في الشوارع العراقية بخمسة سنتات للدولار للمصنوعة محليا و20 سنتا للدولار للتي يصعب اكتشاف تزويرها. وقد انتشرت العملات بشكل كبير بحيث أنها انتقلت حتى الى القواعد العسكرية الأميركية عبر المقاولين الثانويين.وتعد المحافظات الجنوبية التي تتاخم الحدود مع إيران، النقطة الأساسية لدخول البضائع الإيرانية: المواد المشروعة مثل متطلبات الإنتاج والبناء، والمواد الممنوعة مثل الأسلحة والمخدرات والعملة النقدية المزورة. وقد استولى الوكلاء العراقيون والأميركيون على حوالي 500 ألف دولار من فئة المائة دولار المزيفة، وتقريبا معظمها في ميسان وبقية المحافظات قرب الحدود .وفي مدينة أم قصر الميناء العراقي اكتشف العاملون في البنك في الشهر الماضي أكثر من مائة ألف دولار من العملة الأميركية المزورة بين مخزوناتهم وحولوها الى السلطات، كما قال المسؤولون الأميركيون والعراقيون. وقبل شهرين من ذلك كسرت الشرطة في كربلاء عصابة من النساء التي كانت تمرر عملات مزيفة ومجوهرات، ويقدمن الهدايا لعملية غسيل الأموال استنادا الى مصادر إخبارية خاصة، تحدثت لصحيفة ميكلاتشي.وقال تقرير بهذا الشأن: تم اعتقال هؤلاء في محل في كربلاء مع كمية كبيرة من أوراق مالية من فئة 100 دولار المزورة في حوزتهم. وقال تقرير استخباري أميركي بأنه حتى المزيد من الأموال – على الأقل 4 ملايين دولار، دخلت الى ميسان في كانون الاول، وقد رفض المسؤولون العسكريون الأميركيون الذين اطلعوا على التقرير القول كيف تم تحديد هذا الرقم. والتدفق المفاجئ للعملة المزورة قبل ثلاثة اشهر من انتخابات السابع من آذار تعرض بان إيران كانت تحاول التأثير على النتائج، كما قال المسؤولون.من جانبه أكد الكولونيل نيول، قوله: إن الانتخابات بالتأكيد هي أحد الأغراض التي دخلت كميات كبيرة من النقد بصورة مفاجئة. ويمكن أن تدفع لمساعدات مهلكة كالانتخابات، لكنها يمكن أن تدفع للسلع، وأن تغسل في ظل العديد من الأشياء، وأي وقت افضل لغسل كميات كبيرة من الأموال غير فترة الانتخابات حيث يتم تحريك كميات كبيرة من الأموال؟ وقال ضابط استخبارات عسكرية أميركي موجود في جنوبي العراق والذي تحدث بشرط عدم نشر اسمه: كل شيء مرتبط بالمجموعات الشيعية المتشددة (والحرس الثوري الإيراني) في إيران. وليس هناك مصدر آخر.والتزييف ليس جديدا في العراق، ففي بداية التسيعنيات ، كان العملاء الاميركان الذين كما أفيد يتعاونون مع حلفاء إقليميين، غمروا العراق بعملات مزورة في محاولة للضغط على نظام الدكتاتور صدام حسين في حينها، والذي كان يعاني من تضخم كبير والانخفاض الكبير في العملة العراقية بعد الغزو الكارثي للكويت. واوردت مجلة التايك تقريرا في سنة 1992 بان وكالة المخابرات الأميركية السي اي ايه قد دفعت بكميات كبيرة من الأموال المزيفة الى جنوبي العراق كجزء من مؤامرة سميت عملية الغسيل. وكانت إدارة صدام تحكم بالسجن المؤبد على أي شخص يقبض عليه وهو يحمل هذه النقود المزيفة وبعقوبة الموت على هؤلاء الذين يهربون النقد المزيف الى داخل العراق، استنادا الى التقارير الإخبارية.
وبعد ما يقارب العقدين من ذلك رحل صدام، وتقود القوات الأميركية حملة ضد عمليات التزوير الإيرانية، التي تدفع بالآلاف من العملة المزيفة الى تجار جنوبي العراق وتفطم الشركات العراقية بتعاملات نقدية كبيرة لمصلحة الخيارات الجديدة لعملية التحول الجديدة في البنوك المحلية. وبناء على طلب من القضاة العراقيين، فان فريقا من الأجهزة الاستخبارية الأميركية مع خبراء يحاربون التزييف، يعمل في المنطقة الجنوبية منذ شهر شباط الماضي، وبقوا يدربون القوات الأميركية والعراقية لأسبوع كامل على الكشف عن الأوراق النقدية المزيفة. وأكدت صحيفة ميكلاتشي أن الأجهزة الأمنية استشهدت بالتحقيق الجاري بالرغم من رفض ناطق في واشنطن التعليق على المصادر التي تأتي منها الأموال المزورة الى العراق. وقالت تلك الوكالات إنها لم تشجع على استعمال أجهزة الطبع لأنها يمكن أن تنتج أوراقا مزورة . وأعلمت السلطات العراقية البنوك لتفحص نسيج الأوراق وألوانها والحبر والخيط الأمني والارقام المتسلسلة لتبين الأوراق النقدية الصحيحة من المزورة