في غزة الآن كل شيء غريب وعجيب فقد يلد الفار فيلا وقد يلج الجمل من خرم إبرة خياطة !! ليس مستبعدا كل شيء وأي شيء.. هنا لن أطيل حديثي خوفا من تشتيت للفكرة بل سأكون مركزا على الوضع الصحي المتدهور لأنه انسانى من الدرجة الأولى لشعب جله لاجئ بعد حرب النكبة لعام 48 يعيش شظف العيش ويقاسى حرمان الخدمات الأساسية في الكهرباء التي تتقطع ل 11 ساعة متواصلة ومن ازدياد الحاجة للوحدات السكنية التي توقفت بفعل الحصار الظالم على مواد البناء فلم تواكب الزيادة الطبيعية ومعدلات الزواج طيلة 4 سنوات متوالية خاصة وان نسبة النمو السكاني تعتبر الأكثر ارتفاعا في العالم هنا وأكثر البقع الجغرافية اكتظاظا مقارنة بالمساحة الضيقة على تعداد السكان.. لن أفوت في أرقام لأنها موثقة في جهاز الإحصاء المركزي ومعلومة على مستويات العالم كله.
توجهت لزيارة عديلى الذي تم نقله على وجه السرعة عصر أمس فقد شعر بثقل في ذراعه وساقه مع تنميل وخذلان شديدين في أطرافهما وهى أعراض جلطة مؤكدة.. زرته اليوم بعد الظهر مباشرة.. علمت من حديثه بان لا احد من الأطباء زاره طيلة أمس فور نقله بحالة مستعجلة وخطيرة مع بوادر جلطة حتمية في اى لحظة وبعد سؤالي له كيف تقبع هنا في قسم الباطنة ولم تحول إلى قسم القلب؟ فاجابنى بأنهم اليوم قبل ساعة من قدومي حضر الطبيب وقاس له ضغط الدم واحضروا جهاز تخطيط القلب فلم يعمل وكان معطوبا.. لم أتمالك نفسي حقا وتساءلت جهاز وحيد فقط في مستشفى الشفاء ولا بديل له؟ أيعقل هذا ؟ لكن يبدو بأننا فعلا في غزة حقا.
ولحسن الحظ لعديلى جاء قريبه وهو طبيب يعمل هنا قام بعمل تحويله له لمستشفى القدس لإجراء تخطيط للقلب وصور ملونة لاستكشاف حالته وكتابة العلاج المناسب له .. فهو هنا بلا فائدة واستمرار وجوده يهدد حالته الصحية في اى لحظة.. وهنا أقف متسائلا وموجها حديثي إلى كل مسئول اخذ مسئولية حياة الناس في إدارة المرافق الصحية في قطاع غزة وبسط سلطته عليها بالسؤال الصريح دون لف او دوران او محاباة لأحد: أين أجهزة تخطيط القلب ؟ .. وأين المعدات التي وصلت مع زفة العريس ( غلوى) بكل معداته الطبية التي وصلت.. وكما علمت بان سيارات الإسعاف التي وصلت بالعشرات من الدول العربية الشقيقة تحتوى على أجهزة قياس للقلب فأين هى ؟؟ أليس هذا بناقوس يقرع الأذان ام أن حياة الناس الآن لا تساوى شيئا! والمساعدات الطبية والعلاجية التي تصل مباشرة ويتم إدخالها أين تتسرب وتذهب؟؟ إن لم تكن موجودة فى اكبر مستشفى كان وهو دار الشفاء بغزة؟؟فأين يتجه المواطن البسيط ليأخذ حقه فى العلاج؟
اعلم بان الشكوى لغير الله مذلة..ولكنى أشكو المسئولين وأريد المذلة من اجل إيصال كلمة حق ..خرجت وتخرج من أفواه الشعب لتقول: اتقوا الله يا مسئولي الصحة واعملوا على حل الأمور وإرجاعها كما كانت سابقا فدار الشفاء كانت تحوى كل الأقسام بكل التجهيزات والمعدات اللازمة فالمسئولية أمانة وستحاسبون عليها يوم لا ينفع مال او بنون. فهذا المريض المهدد بجلطة فى كل لحظة يقبع فى قسم الباطنة بدل قسم القلب؟؟ ولا جهاز واحد لتخطيط القلب يعمل ؟؟ فأين جلوى وزفة العريس وأين القوافل البحرية والبرية والاغاثية تذهب بحمولتها ؟
كلمة أخيرة لنتقى الله في هذا الشعب لان نقمته كبيرة ودعوات المستضعفين مستجابة فحتما الانتخابات قادمة وحكمه قادم لا محالة فشتان ما بين الشعارات والعمل.. فهنا فى كل شعار يرفع هناك مشروع ينجز في الضفة..هنا كلام وخطب وهناك أعمال وتقدم وازدهار.. فلننظر إلى السودان مثلا فكلما ارتفعت العكاكيز فى السماء وعلت أصوات القسم كلما تقسمت البلاد وتقلصت الاراضى وانحسرت ارض العرب والمسلمين.. فماذا تريدون لغزة اللاجئة الحزينة المحاصرة أن تكون؟؟ صومال آخر.. أم سودان ثاني.. أم بنجلادش أخرى؟؟..فهل أصبح مستشفى الشفاء دار للشفاء ام دار للشقاء؟؟
والله من وراء القصد ( غزة / ابريل /2010).