في الوقت الذي تزداد فيه مخاوف السُنّة في العالم العربي من تسارع نموّ المحور الشيعي في المنطقة، يجد العرب أن الخطاب الإيراني "المتوهج في عدائه لإسرائيل"، هو الأقل تأثراً –في المنطقة – بسياسات القوة الإسرائيلية. وبمعنى أن الخطط الإيرانية، تتخذ من "العداء لإسرائيل" أدوات تحرّك لخلق بؤر مؤثرة في الوطن العربي –حتى الآن في لبنان والعراق والبحرين، وبعض مناطق فلسطين واليمن- تؤمّن مستقبلاً تحقيق "هيمنة إقليمية إيرانية". والفكرة التي تطوف في العالم العربي وما وراءه هي أن المحور الشيعي ينمو في قوته ونفوذه. وقد وصلت الى مرحلة عالية بعد كارثة الحرب الإسرائيلية على لبنان في سنة 2006، حينما سجل حسن نصرالله واحمد نجاد موقفا قويا على قائمة القادة المهمين في العالم العربي في استطلاع قامت به مؤسسة زوغبي. ونصرالله وداعموه الإيرانيون كان أداؤهم عاليا على موجة الغضب الشعبي ضد اسرائيل وداعميها الغربيين. واكثر من أي شيء آخر فقد وقف حزب الله اللبناني قويا كتيار في ذلك الوقت ومرة أخرى قد اظهر بأنه الوحيد بين العرب بهذا الموقف الى حد بعيد، فانه يستطيع الاعتماد على نفسه في مواجهة عسكرية مع اسرائيل.ورد الفعل من العواصم العربية كما يقول الخبير السياسي بيجورن أولاف إيتفيك في تقرير نشره موقع وحدة دراسات الخليج- كان التلفيق بمشهد التحدي الشيعي المنحوس وتدفق الأدبيات التي تصف الشيعة بالعدو القديم للأغلبية من المسلمين السنة. وبالإضافة الى إيران وحزب الله فان المحور الظاهر يتكون كما هو مفترض من الأحزاب الشيعية المهيمنة على البناء العراقي السياسي الجديد من الذين قضوا سنوات طويلة في المنفى في طهران ، ومن سورية وحماس. وهناك مشاكل عسيرة مع هذا الوضع . والى المدى الذي تذكر فيه الأطراف المكونة للمحور في الإحساس بإبداء درجة من التضامن بينهم في المشهد الإقليمي ، فان شيئا من الذي يتنازع بشكل كبير في المجموعات الشيعية العراقية ، نجد الدين هو الأساس القوي لهذا التحالف. وفي الوقت الذي توجد فيه أواصر دينية وأيديولوجية قوية بين حزب الله اللبناني وإيران، والتي ساعد حرسها الثوري في إنشاء المنظمة في المقام الأول في بداية الثمانينات –يضيف الخبير- فليس هناك حب أيديولوجي مفقود بين الإيرانيين والنظام السوري العلماني المخلص. وحقيقة أن العديد من القادة السوريين لديهم أساس عائلي من الأقلية العلوية والتي تلتزم بالنظام اللاهوتي الطائفي الشيعي الغامض من الصعب أن يجعلهم شركاء الدينيين من القادة في طهران. إن أيديولوجيتهم هي القومية العربية العلمانية، والمعتقدات الدينية لطائفتهم بعيدة تماما ونائية عن ذلك التفكير السائد في الحوزات الدينية في قم الإيرانية. وبالنسبة لحماس الفلسطينية فهي حركة دينية مميزة . وكل ذلك يعني بان ما يسمى بالمحور الشيعي هو حقيقة بناء من التحالف أملاه بالكثير أو القليل من الأهداف السياسية المتداخلة. وهو –الى حد كبير- لديه القليل لعمله مع الدين والكثير من الشركاء المفترضين في المحور لديهم العدو المشترك في إسرائيل ويسعون الى التحالف ضدها حيث يمكن أن يتواجدوا. ولكن المرء يجب أن يكون حذرا مع دور إيران هنا . فبالرغم من الخطاب المتوهج المضاد لإسرائيل بلسان أحمدي نجاد، فان إيران بكل وضوح هي الأقل تأثراً مباشراً بسياسات القوة الإسرائيلية والقلق الإيراني الرئيس ، هو السعي الى تحالفات ضد هيمنة الولايات المتحدة في المنطقة وحلفائها العرب. وليس هناك سبب افضل للبطولة اكثر من الصراع ضد اسرائيل وهو دور تم التخلي عنه من الأنظمة العربية ولكنه يرن بعمق مع مشاعر الأغلبية من العرب (بينما على الجبهة الداخلية يبقى الشعب الإيراني بمعزل عن ذلك). ويتساءل إيتفيك قائلاً: ماذا إذن وراء الإثارة بالذعر من بعض العواصم العربية؟. في أحد المستويات –بحسب إجابة الخبير السياسي- يعكس الخوف من تنامي المعارضة الداخلية، والغالب الأكثر من ذلك الذي يقوده الإسلاميون. وحركات مثل حزب الله تظهر بأنها تبذل تأثيرا خطيرا في جعل العناصر المقاومة تنبه إلى أن التغييرات ممكنة. ومن موقعها المتحدي لإسرائيل ، فإنها ترمي الى تأكيد عدم رغبة معظم الحكومات العربية للعمل في نطاق حقيقي من أجل الدفاع عن القضية الفلسطينية. ومن خلال تصوير هذه الحركات بأنها مجرد وسائل بأيدي إيران التوسعية غير العربية وغير السنية ، تأمل الحكومات بتقويض الشرعية الشعبية للإسلاميين.ويقول: في مستوى آخر، فما عليه الرهان هو عدم الرغبة التاريخية في قبول التعايش مع إيران كقوة إقليمية كبرى . وفي أي شرق أوسط مستقبلي مستقر فإن إيران مع سكانها الذين يعادلون سكان العراق وست دول خليجية متحدة سوف يكونون الكثير من الوزن بمجرد حجم اقتصادهم. ولها أيضا صلات تاريخية ودينية وثقافية مع الجانب الآخر من الخليج ومع العراق بصورة خاصة. وتنتسب أغلبية الشعب العراقي الى الفرع الإسلامي نفسه مثل 90 % من الإيرانيين. وقد فتح إسقاط صدام حسين الاتصالات عبر الحدود والعديد من القادة العراقيين الرئيسين الحاليين قضوا سنوات طويلة في المنفى في إيران. وبوضوح –يؤكد الخبير- فان السلطة الحاكمة الحالية في إيران لا تمثل أشخاصا مهذبين في اصطلاح سياساتهم الداخلية. وليس من شك بأنهم نشطون في العديد من المستويات. وليست كل السلطة شرعية، لزيادة نفوذهم على العملية السياسية في العراق . ولكن لتفسير كل الأدلة على النفوذ الإيراني في الإقليم كإشارة الى خطة التوسع التهديدية من الجانب الإيراني، فهي تشير الى الافتقاد الخطير المحتمل للاستعداد لمستقبل الشرق الأوسط. ولن تحجب أية قوة عظمى القوى المحلية من أن تتمكن من التعامل مع القوة المحلية بعضها مع البعض.