أرشيف - غير مصنف

الصفاقة الإيرانية في المسألة الخليجية

زكريا النوايسة 

لا يمكن اعتبار العراق أول ضحايا المخلب الإيراني وبكل تأكيد لن يكون آخر هذه الضحايا التي تتفنن إيران بجلبها إلى حظيرة الموت وهي مستسلمة، بل وفوق ذلك على الضحية البائسة أن تسبح بحمد الولي الفقيه صاحب الحكم المطلق الذي  لا يجوز إلا لإله.

  وخيط الدم والألـم الممتد من طهران لم يستثن دولة عربية إلا وترك فيها بصمة،فما من مؤامرة أو اضطراب أو وقيعة شر إلا وإيران حاضرة بقوة، وكأنما تأبى هذه الدولة إلا أن تنذر نفسها لكل سيئ وقبيح لتحيله عذابا وموتا وخديعة ونفاقا ليس على الأمريكان والصهاينة بل على من صدّقهم وخدعته شعاراتهم الزائفة من عرب ومسلمين.

 ولإيران في الخليج حكايات وحكايات فامتدادها الشيطاني في الكويت يفقد هذا البلد صوابه ، فالحسينيات والمراكز المذهبية التي تسمى ظلما كويتية هي في أصلها إيرانية المنشأ والهدف ، هذا فضلا عن الشركات الكبرى التي تمثل إمبراطوريات اقتصادية ويملكها كويتيون من ذوي الأصول والهوى والنزعات الإيرانية ، ويصنعون منها مراكزا للتبشير بدولة المذهب الكبرى ، التي لا يشابهها في الطموح والأحلام والغايات إلا الدولة الصهيونية اللعينة.

 أما البحرين المبتلى بإيران الدولة وإيران الامتداد البشري الاستيطاني، فهي لا تكاد تزيل عنها غبار تصريح من هنا أو هناك بأصولها الإيرانية، حتى يأتي ثانٍ وثالث ورابع.. يعلنون حق الدولة الإيرانية بالمطالبة بعودة البحرين لها ،وبالرغم من الدعوات البحرينية العديدة التي تنم عن رغبة بإقامة علاقات حسن جوار ، إلا إن إيران تمعن في الإساءة والتعامل بالخبث المعهود عنها تجاه هذه الدولة الصغيرة التي لا حول ولا قوة لها.

 وتظهر صفاقة الطرف الإيراني بشكل جلي في اعتراضه على تشبيه وزير الخارجية الإماراتي احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث بالاحتلال الصهيوني لفلسطين، وكأنما المطلوب من الإماراتيين أن ينثروا الورود والرياحين تحت أقدام الإيرانيين وهم يعيثون بأرضهم فسادا.

 فإذا لم يكن التواجد الإيراني في الجزر الإماراتية احتلالا، فكيف إذن تريدنا إيران أن نراه ؟ هل المطلوب منا أن نصفه بأنه من باب صلة الرحم من قبل الأخ الإيراني لأخيه العربي ، أم وصلت الوقاحة في هذه الدولة بأن تطالبنا بالدفاع عن قضاياها وخبثها وعفنها ومشروعها المتوحش في الوقت الذي تغرس فيه أنيابها ومخالبها في أرضنا ولحمنا ، وتحيلنا إلى مجرد وقود في ماكنة مشروعها الأسود؟

 وفي السعودية تسعى إيران جاهدة لاستغلال كل المناسبات الدينية في محاولة للتغلغل في النسيج السعودي ، وأعوانها ومن يدين لها بالولاء هناك ينتظرون الإشارة دائما من طهران لرفع أصواتهم بالاحتجاج تارة للاضطهاد المذهبي الذي يمارسه الوهابيون ( كما تسميهم )ضد الشيعة ، وهي الذريعة التي طالما استخدمتها لفرض أجندتها وتوجيه ولاء الشيعة السعوديين لصالح إيران ومخططاتها في المنطقة ، وتارة أخرى من خلال معزوفتها المشروخة بدعم المقاومة ووقوفها في صفوف الممانعين للمشروع الصهيوأمريكي ، وكعادتها تحاول في كل مرة ستر علاقاتها المشبوهة مع الكيان الصهيوني وتفاهماتها المفضوحة مع الأمريكان والتي أفضت إلى ما أفضت إليه من نتائج كارثية لا زلنا نتجرع مرارتها.    

 ولا أحسب أن إيران معنية بمشاعر الدولة الشقيقة كما يحاول البعض أن يصورها لنا ، فقد أثبتت الأحداث على مدى ثلاثة عقود أن دولة الولي الفقيه لا تبحث إلا عن نفسها ، فتركيبتها المذهبية والقومية وأحلامها الأسطورية تجعلها بمنأى عن أي علاقة صادقة مع دول الجوار وبالذات منها الدول العربية.

 

   

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى