في اول حديث لها لجريدة مصرية قالت رنا أبو مرعي والدة الطفلتين (زينة وآمنة) اللتين قتلتا مع الجد والجدة في بلدة كترمايا اللبنانية إنها عاشت لحظات مرعبة وقاسية لا يمكن أن تنساها أبد الدهر، وروت لـ «المصري اليوم» تفاصيل المأساة التي عاشتها لحظة بلحظة وسط بكاء لا ينقطع.
حكت رنا قصة اكتشافها لما جرى لحظة عودتها من المدرسة التي تعمل بها مدرسة، قائلة إنها عند مدخل القرية وجدت الأتوبيس المدرسي الذي يقل طفلتيها في طريق العودة، أدركت حينها أن «موني وزينة» لم تسبقاها كالعادة بتناول الغداء مع الجد والجدة، وأنها ستشاركهم هذه الوجبة، إلا أنها فور وصولها وجدت أبواب المنزل مقفلة، وهو أمر غير اعتيادي لأنها تبقى دائما مفتوحة كعادة الدأسرة.
وتضيف رنا: «اقتربت من الباب فوجدته مغلقا بالمفتاح، في تلك اللحظة «انتابني خوف شديد على أبي، فهو طاعن في السن وكذلك أمي، نظرت من الفراغ بين درفتي الباب محاولة أن أتمالك نفسي، ولما لم أر شيئا توجهت إلى شباك الغرفة ووجدت طرف السرير خاليا، فظننت أن أبي خرج بصحبة الأطفال وأطفأ الأنوار، ولما توجهت لباب خشبي آخر في زاوية البيت، وجدته مقفولا فتضايقت في قرارة نفسي وتساءلت كيف أقفلوا الباب وهم على علم أنني سأصل قريبا، وعندما اتصلت من هاتفي الجوال بالمنزل لم يجب أحد، فاتصلت بسائق الأتوبيس وسألته عما إذا كان هناك أحد في انتظار ابنتي لدى وصولهما، فأجاب بالنفي وقال إنهما دخلتا المنزل من الباب الحديدي.
وعندها استعنت بأحد الجيران وفتح لي الباب الحديدي فوجدت الكهرباء مقطوعة ولم أجد في غرف المنزل سوى حقائب الأطفال، وحينها جاء في خاطري الباب الخشبي أسفل المنزل، وطلبت من أحد الأصدقاء، الذي هرع إلي بعد عدة محاولات للسؤال عن أسرتي الغائبة، أن يرافقني لبحث سبب إغلاقه، وبعد كسر الباب وجدت جثة والدي مشوهة وبها آثار دماء».
تصمت لوهلة، ثم تجهش بالبكاء، وتقول: «الكل لازم يعرف شو صار في الحكاية، لأن الإعلام اللبناني متحامل على أهل الضيعة، يبقى الإعلام المصري هوه اللي يعرفهم الحقيقة».
وتضيف رنا: «ظننت في البداية أن أبي سقط وأصيب، لكن على بعد خطوات قليلة وجدت (قدم أمي) ممددة وغارقة هي الأخرى في الدماء، بدأت أبكي بشكل هستيري، وددت لو أستلقي على أبي أفحصه لكن خوفي من المجهول كان يستفزني للمواصلة، ها هي أمي ترقد قتيلة أيضا، هرولت إلى الحمام وأنا أنكفئ على وجهي، فظهر لي حذاء زينة، كنت قد أحكمت ربطه في الصباح، كانت تتدلل علي وتطلب مني أن أربطه لها، وجدته الآن ملقى في زاوية من الحمام، حيث ألقاها القاتل في زاوية منه بعد أن قام بطعنها، تخيلت حينها رغما عني محاولاتها اليائسة للدفاع عن نفسها كما كنت أعودها دائما لأنني كنت أطلب منها أن تدافع عن نفسها، فيما وجدت ابنتي الكبرى (مونة) في الزاوية المقابلة ملقاة على بطنها وقد قطعت أذنها اليسرى».
وتصمت رنا لفترة ثم تعود لتتحدث بثبات مثير للإعجاب «هناك مصادر في جهاز الأمن اللبناني تحدثوا بالنيابة عني، وأنا الآن أتحدث وأنا بكامل وعيي، أنا لم أتهم أحدا، وكل ما قلته هو (ربنا على الظالم)، أعني من قتل عائلتي، فأنا الآن وحيدة بكل ما تعنيه الكلمة، فمنذ انفصالي عن زوجي منذ 5 سنوات وليس لدي في الدنيا سوى أبوي وابنتي، وما حدث مع الشاب القاتل، والمدان بفعل تحليل الـ DNA ليس بالكثير على الإطلاق، ولو أني نادمة على شيء فهو أني لم أذهب إليه وهو معلق في عامود الكهرباء وأقطعه بأسناني، وليس هناك غرابة فيما فعل بالقاتل، فلو كان أحد أبناء كترمايا هو من ارتكب هذا الجرم لفعل به الشيء نفسه، المصريون هنا أصدقاؤنا وأحباؤنا، من جهة أخرى ترددت أنباء عن مجهول يتوعد السفارة اللبنانية بالقاهرة بالانتقام ردا على جريمة قتل المصري الا ان الخارجية اللبنانية نفت ذلك الأمر جملة وتفصيلا.
النائب العام التمييزي يوافق على تسليم جثة مسلّم للسفارة المصرية
الشرطة اللبنانية تحدد أسماء مرتكبي الجريمة.. والقضاء ينتظر اكتمال الملف
بيروت ـ يوسف دياب
تبقى جريمة كترمايا الانتقامية المتمثلة في قتل العامل المصري محمد سليم مسلم ردا على قتله اربعة اشخاص من عائلة واحدة في مقدمة اهتمام الاجهزة القضائية والامنية في لبنان، وتواصلت التحقيقات وجمع المعلومات بغية تحديد هويات كل المشتركين في قتل مسلم والتمثيل بجثته.
وفي وقت قرر فيه النــائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا الموافقة على تسليم جثة مسلم الى السفارة المصرية تمهيدا لنقلها الى مصر وتسلــيمها الى ذويها، تابعت القوى الأمنية في الشرطة القضائية وفرع المعلومات جمع المعلومات وتوثيقها لكشــف هويات مرتكبي الجريمة والبدء في استدعائهم الى التحقيق وتوقيفهم باعتبار ان فعلتهم بحسب المصادر القضائية تتخطى الجريمة الجنائية الى جريمة خدشت شعور الرأي العام اللبناني واساءت الى هيبة القانون واثرت سلبا على سمعة لبنان وصورته في الخارج.
واكدت مصادر قضائية معنية بالقضية ان القضاء سيلاحق مرتكبي جريمة كترمايا الانتقامية وانه ينتظر اكتمال معطيات الملف التي تجمعها القوى الامنية، وبعدها سيعطي الأمر بتوقيف هؤلاء بعد ان باتت اسماؤهم متوافرة لدى الاجهزة الامنية بالاضافة الى صورهم التي ظهرت على شاشات التلفزة عن تعليق جثة مسلم في عمود حديدي في وسط ساحة كترمايا.
واشارت المصادر القضائية الى ان تعقب هؤلاء الضالعين في الجريمة وتوقيفهم ينتظر تقطيع فترة الحداد والعزاء بالضحايا الاربعة يوسف ابومرعي وزوجته كوثر وحفيدتيهما آمنة وزينة الذين قتلهم مسلم بدم «بارد» وتبريد اجواء الاهالي وغضبهم ليصار بعدها الى ملاحقتهم كي يأخذ القانون مجراه، وجزمت المصادر أنه لا شيء يحول دون الاقتصاص من الفاعلين وتقديمهم للعدالة.
والدة «القاتل القتيل»: ابني بريء من الاغتصاب
التقت وكالة أنباء الشرق الأوسط في بيروت والدة القتيل المصري التي أشارت إلى أنها غادرت بلدة (كترمايا) وتقيم حاليا مع ابنها من زوجها اللبناني في منطقة أخرى لخشيتها من التعرض للاعتداء من جانب أهالي البلدة.
وأضافت أن ابنتها اتصلت بها وأخبرتها بأن ابنها قتل، مشيرة إلى أنها التقت القتيل قبل ساعات هي وزوجها اللبناني بمركز الشرطة قبل أن تقوم قوى الأمن باصطحابه إلى موقع الجريمة لاستكمال التحقيقات.
وأوضحت أنه قبل وقوع الجريمة توجه ابنها لقص شعره ثم توجه إلى منزل شقيقته قبل أن يعود إلى منزل والدته الذي كان يقيم به، ولم يخرج منه إلى أن تم إلقاء القبض عليه، مشيرة إلى أنها ظنت أن قوى الأمن جاءت لإلقاء القبض عليه على خلفية اتهامه بارتكاب جريمة اغتصاب قاصر التي سبق أن ثبت عدم تورطه فيها.