المقاومة في قفص الاتهام !!
أ / محمد خليل مصلح
انه من غير الطبيعي أن ينحدر المستوى الوطني والقومي إلى هذا الدرك من الضعف ، وان تسلب الإرادة الوطنية و تغيب المصلحة الوطنية فتطوى في عباءات المصالح الحزبية ، وان ينظر إلى المشهد السياسي الكلي والمصالح القومية بمنظار المؤسسات ودكاكين الأحزاب ، البعض من العرب يصر على ملاحقة الجريمة الصهيونية بالحرب الأخيرة التي أطلقت عليها اسم الرصاص المصبوب ؛ ولكن ليس لمحاكمتها بل لإيجاد المبررات لها والأخطر من ذلك بواعث تلك الملاحقة للمقاومة ، هذه الدول لا يعنيها دم الأبرياء ولا الجرائم التي ارتكبها الشريك العبري ما يعنيها خفي وخطير الامتداد بين المقاومة في لبنان وفلسطين هذه الوحدة والتكامل الخطر الماثل أمام هذا النظام أو ذاك ؛ هذا الخطر في نظرهم يهدد الأمن الوطني والأمن العربي والاستقرار في المنطقة ؛ أحداث قد تكون عابرة عند البعض قبل المحاكمة وزيرة خارجية الدولة العربية في زيارة إلى لبنان وطن المتهمين بلد المقاومة الباسلة التي أذلت الاحتلال والغريب كما يقول المثل إن لم تستحي فاصنع ما شئت الدولة العربية التي تحاكم المقاومة في بلدها تحاول أن تتلاعب بمشاعر لبنان المقاوم ؛ لعبة دق الأسافين بين حزب الله والدولة لا تنم عن خير يحمله لتلك البلد ولا للأمة العربية .
الحصار والعزلة على المقاومة في غزة تجاوز كل المفاهيم والحدود والأبعاد النظام العربي لا يحاكم أفراد من تنظيم بل يحارب فلسفة وفكر وأبعاد وحدة المقاومة النظام العربي يتخوف من تطور تلك الفلسفة لتسقط الحواجز المصطنعة الجغرافية والمحرمات السيادية للتقسيم السيادي الموهوم لتلك الدول النظام العربي بعضه إلا ما رحم ربك يجهل هويته حتى أصبح يبحث في التاريخ القديم عن هوية له تنجيه من يوم الحساب التاريخي ليقول أمام تلك المحكمة أنني لست منكم ولا تهمني عروبتكم ؛ هل سيأتي اليوم الذي يقول البعض أنا من الهكسوس أو فرعوني أو بابلي أو فينيقي كنعاني أو من جزر باليستا اليونانية ؟ وهل نجحت الصهيونية وزرعت الرعب عند البعض ليحاكم وجوده وهويته في المنطقة ؟
ما يحزن أن البعض تنكر لأصوله وتاريخه من يحاكم المقاومة اليوم سيأتي اليوم الذي سيحاكم فيه ثورة 23 يوليو ؛ الثورة التي بفضلها هو في مكانه هذا ، الظاهرة الغريبة في الإنسان العربي انه لا يعي تاريخه ولا يقرأه جيدا فهو ما زال يحاكم كل من يتطهر – ليسمو بنفسه ووطنه وأمته إلى الأعلى من يرفض أن يرهن إرادته ومستقبل أمته للغير من يرفض أن يجلد ذاته – كقوم لوط إنهم أناس يتطهرون !! .
الثورة في الإنسان أصيلة ويجب أن تبقى متقدة لتحمي منطلقاتها وانبعاثاتها ، لتواجه عوادي الزمن ومتغيراته ، الانبعاث لا يحتاج إلا إلى الرماد الباقي من الثورة المتجذرة في اللاوعي ؛ في العقل الباطن ؛ لتشتعل في الذات الوطنية ؛ لذلك من يعتقد انه يجرم المقاومة ويتهمها يجرّم نفسه ؛ ويحكم عليها بالسقوط والنسيان .
النظام العربي ؛ بعضه هو الآن يحاكم نفسه ؛ وان ظن انه يحاكم المقاومة ورجالاتها !! الواقع كذلك ؛ هذه الدولة أو تلك التي وقفت تتفرج على الدم الفلسطيني والخراب والتدمير أو القوى التي شاركت في المهمة أو حرضت عليها هي الآن تحاكم نفسها بعد أن أسقط في أيديهم ؛ فشل المهمة ، مما يدفعني لأسال هل هذه المحاكمة فصل آخر من الفصول القادمة في المؤامرة لتمرير نكبة جديدة في ذكرى النكبة والاغتصاب لفلسطين وهم شهود على ذلك ؟!
الحدود العربية مفتوحة لكل من لا ينطق بالضاد ؛ للغرباء حتى وان تاه في الصحراء يرد إلى بلده معززا مكرما ، أما ملح الوطن محرمة عليهم حتى وان كانت أهدافهم نبيلة بواعث الخير والانتماء والأخوة والدين دفعتهم نصرة إخوانهم ليسدوا عجز هذا النظام أو ذاك ؛ فقفص الاتهام ينتظرهم وتتلاحق التهم خاصة تهديد امن الوطن وأركان النظام ولا يستبعد أن يقال أنهم عملاء للصهيونية والأمريكان .
أؤمن أن تلك الحقبة لن تطول وان هذا الليل حالك السواد نار الثورة ونورها يجليه ، المقاومة باقية والثورة قادمة سنن ونواميس كونية حتمية لن تخلف .