دعا داعية إسلامي سعودي بارز إلى مراجعة أبواب التكفير التي جاءت في الدعوة الوهابية. وقال الشيخ أحمد بن عبد العزيز بن باز إن على الوهابيين استيعاب المسلمين بمدارسهم ومذاهبهم المختلفة ومخاطبة الناس بما يحتاجونه وعدم تقديس العلماء والأئمة إذا أردوا تصحيح الصورة المشوهة عن الدعوة الوهابية العالقة في أذهان المسلمين.
وعلى الرغم من اقرار بن باز بأن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب قد تم تشويهها واعتبارها مذهب تكفيري، إلا أنه أكد على أهمية مراجعة نصوص الدعوة المتعلقة بأبواب التكفير لتمحيصها وتفسيرها وإضافة المزيد من الشرح عليها.
وذكر الشيخ وهو نجل المفتي الراحل الشيخ عبد العزيز بن باز أن ممارسات جماعة الإخوان الذين كانوا جزء من الجيش النظامي السعودي في الماضي واعتداءاتهم المتكررة على الحجاج من المذاهب الأخرى وانكارهم لما يقومون به من أعمال في موسم الحج زاد من حنق المسلمين على الدعوة الوهابية.
وقال بن باز في مقال بعنوان "دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب تعاني من التصنيف" نشرته صحيفة "الوطن" السعودية إن ما كان يقوم به الإخوان بحق الحجاج والمعتمرين مازال مستمرا إلى اليوم واعتبر غلظة وشدة رجال الهيئة تجاه حجاج وزوار الحرمين الشريفين يـُرسّخ بكل جدارة ما يتوارثه المسلمون من خارج السعودية عن آبائهم عن دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب، بحسب تعبيره.
وقال بن باز "حضرتُ بأم عيني لأحد أعضاء هيئة الحرم وهو يُخاطب امرأة عربية قد كبـّرت بخشوع للصلاة وهي متحجبة في كل شيء إلا في وجهها وهو الغالب على المسلمين خارج الجزيرة العربية، وهو يقول لها "يا فاسقة غطِّي وجهك، الله غني عنك وعن صلاتك".
وأضاف "أخبروني بالله ما هو شعور هذه المرأة التي قطعت آلاف الأميال واجتهدت وتعبت في الحصول على فيزة الحج أو العمرة، جاءت تائبة خاشعة ترجو رحمة الله، ما تظنونها قائلة زمن الإنترنت وجوجل وياهو وتويتر وبلاك بيري … هذا مثال والكثير يعلم ذلك ويشاهد ما يلقاه بعض الحجاج من الشدة والغلظة من بعض رجال الهيئة أو الدعوة أو المحتسبين في الإنكار عليهم في مسائل جارٍ بها العمل وعليها الفتوى في بلادهم مما يـُرسّخ لديهم فكرة أن دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب "مذهب سعودي" مبني على الغلو والتشدد والتكفير!
واقترح بن باز عدة خطوات لتصحيح ما علق في أذهان الناس عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وقال "ينبغي علينا أولا ألا نُنزِّل الفروع الفقهية والخلافات المذهبية منزلة الأصول. فدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله هي في الأساس تجديد لأصول الدين وليس لفروعه. ثم ثانيا علينا أن نسَعَ المسلمين بمدارسهم ومذاهبهم المختلفة. ثم ثالثا أن نخاطب الناس بما يحتاجونه. فبعض موضوعات الدعوة السلفية وخطاباتها زمن الإمام محمد بن عبدالوهاب في الجزيرة العربية قد لا تكون بالضرورة هي موضوعنا الآن في المملكة. فلكل زمان ومكان خطابه وموضوعه (…) ثم رابعا علينا مع تقدير العلماء والأئمة أّلا نـُقدّس أحدا فنرفعه فوق منزلته البشرية، فكلٌّ يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب ذلك القبر صلى الله عليه وسلم، وهذا ما جاءت به دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء".