أرشيف - غير مصنف

أهي مفاوضات أم إفلاس سياسي أم إستعمار ذكي ؟!

أ / محمد خليل مصلح
واضح أن البعض لا يميز بين المفاوضات والإفلاس السياسي؛ إن اعتقدوا أنهم أحسن حالا من الشق الآخر من الوطن المحاصر فهذا سوء تقدير منهم ؛ ناتج عن تحليل سطحي لتعقيدات الصراع الإقليمي والدولي وفهم خاطئ لمرتكزات الدولة العبرية في المنطقة والدور الاستراتيجي الفعال في حماية المصالح الأمريكية في المنطقة .
 أن إستراتيجية نتنياهو المرحلية التكتيكية تقوم على عنصرين مهمين العنصر الأول : أبو مازن وجماعته  ؛ الحلقة الأضعف في العملية السياسية لإنهاء ملف الصراع مع الفلسطينيين في المرحلة الحالية المبنية على أساس تجميد النزاع مع تلك الجماعة باستغلال حالة الإفلاس السياسي لديهم وعدم القدرة على التحرك خارج الدائرة السياسية المرسومة لهم داخليا وخارجيا السقف السياسي المتدني للمطالب الفلسطينية والحق الشرعي للوجود الفلسطيني ؛ هذا وان بدا للبعض أن أبو مازن بهذا التفويض – من جماعة الدول العربية واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير –  سيذهب بعيدا في مباشرة المفاوضات .
 أبو مازن و نتنياهو كل منهم يناور الآن على الأخر ؛ أبو مازن يدرك انه الآن في اشد حالات ضعفه  وعجزه السياسي ولا يملك القوة للاستمرار في المفاوضات بلا طائل ؛ وبلا انجازات يستعرضها أمام الشارع الفلسطيني والرأي العام ، وهو يدرك أن نتنياهو في نفس الوقت ؛ لا يملك اليوم أي ورقة سياسية ذات قيمة يقدمها لأبي مازن وجماعته ؛ للاستمرار في المفاوضات المباشرة أو الغير مباشرة ، ولا ريب في ان الولايات المتحدة تدرك حجم وتعقيدات الصراع بين الأطراف في المنطقة لذلك فهي رأت من الضروري وضع سيناريو الفشل وانعكاساته على المنطقة وعلى مصداقية الولايات المتحدة ما يفقدها قدرة التأثير في مجريات وتطورات الصراع في المنطقة بما في ذلك ما سيتحقق من فوائد ستعود على محور الممانعة والمقاومة بما في ذلك إيران والملف النووي إذ ستتعقد عملية معالجة هذا الملف ، وهذا بالتأكيد وضع في الاعتبار للولايات المتحدة وإسرائيل والشركاء في المنطقة ؛ ما يتطلب بدائل أخرى او ما سمته الولايات المتحدة شبكة الأمان ، شبكة الدولة ذات العلاقة بالإطراف في المنطقة التي بلا شك ستمارس ضغطها على الطرف الضعيف ابو مازن والدول العربية الشريكة للجم تداعيات الفشل داخليا ، ما يعني خطة بديلة تضع في الحسبان العنصر الآخر في العملية سوريا حزب الله وحماس ؛ أبو مازن الإحساس بالخوف وعدم الأمان ؛ ناتج عن معارضة حماس وخشيته من سقوط الضفة في آخر المطاف بأيدي المقاومة الإسلامية وحماس إذا وصلت المفاوضات نهايتها المحتومة ؛ لذلك هناك تفاهمات غير مكتوبة شفهية من إسرائيل والولايات المتحدة وبعض الدول العربية بالتكفل بملف حماس في قطاع غزة ؛ إسرائيل عاجزة عن معالجة ملف حماس بكل السيناريوهات المحتملة السياسية والأمنية العسكرية سيناريو التصفية التي خضعت لها حركة فتح والمنظمة في لبنان تفتقر اليوم إلى الناحية العملياتية والبيئية الجيبوليتكيا ، عامل الجغرافيا والسياسة غير متوفرتين لخدمة سيناريو الحرب للقضاء على حماس أو حزب الله لذلك قد يكون العنصر الآخر في سياسة نتنياهو سوريا الحليف الأقرب اليوم سياسيا وجغرافيا في المنطقة غزو سوريا على غرار لبنان او بيروت سابقا سيناريو جنوني نتائجه غير محسوبة وخطير قد تخرج المنطقة من السيطرة وهي في نفس الوقت اختبار للموقف الإيراني الداعم لسوريا والمقاومة ما يفتح جبهة من الصراخ تصل مرحلة الغليان أو نشوء حرب في المنطقة سيناريو تحدثت عنه بعض المصادر الأمنية والبحثية في الدولة العبرية مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا السيناريو لا يخدم  الدول الحليف للولايات المتحدة و المؤيدة للوجود الإسرائيلي في المنطقة .
المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وبعكس المؤسسة السياسية تدرك حجم المشكلة الأمنية اليوم  لذلك هي تدفع أو تنصح السياسيين بفتح القناة السياسية مع سوريا  لإجراء مفاوضات وذلك لاعتبارات أمنية سياسية خطيرة المؤسسة الأمنية والعسكرية وبناء على تجربتها الأمنية في الحرب الأخيرة سواء مع حزب الله وما تشكله سوريا من دعم لوجستي سياسي في لبنان وتجربتها مع حماس في الحرب الأخيرة تعي جيدا حقيقة ما يجري من تطورات أمنية لبنيت المقاومة ستعجز الدولة العبرية في حسم الموقف لصالحها سياسيا كل يوم يمر الآن يعمل لصالح المقاومة إذ يعزز من وجودها وقوتها لذلك فهي ترى أن الطرف العربي القوي لمعالجة هذا الخطر ؛ هي في التصعيد مع سوريا لجرها إلى المفاوضات ؛ التي بالتأكيد سيتضمن بند معالجة ملف حزب الله في لبنان وحماس والمقاومة في فلسطين ، بذلك تكتمل دائرة الطوق على المقاومة من جميع الأطراف ، المفاوضات مع سوريا إذا نجحت الأطراف الدولية والولايات المتحدة ؛ من جرها لهذا المربع الضعيف سيمكنها أيضا من معالجة تنامي القوة الإقليمية في المنطقة المتمثلة بإيران وملفها النووي سيبعد تهديد إيران كما يتصوره البعض عن المنطقة سيخفف من وطأة التواجد الأمريكي في العراق ويعجل من إخراجها من العراق ما يصب في مصلحة الرئيس اوباما ووعوده بإنهاء الملف العراقي والتواجد الأمريكي للجيش ؛ هذا التصور الأمريكي الصهيوني المشترك سيفتح الباب لإعادة صياغة المنطقة من جديد تعيد التوازن لصالحهما تنهي فيه ما تسميه جبهة التمرد داخل المنطقة تتلاشى فيه عناصر المقاومة الداخلية لمشروع الاستعمار الذكي على غرار القنابل والسلاح الذي الأمريكي .   
 

زر الذهاب إلى الأعلى