تأمل أميركا أن تكون وجدت مخرجا مشرفا من أفغانستان إثر تغيير الإستراتيجية (رويترز-أرشيف) |
بعد عشر سنوات على دخولها الحرب بشكل سريع تأمل الولايات المتحدة أخيرا أن تكون وجدت مخرجا مشرفا من أفغانستان إثر تغيير الإستراتيجية التي فرضها تكثف تمرد حركة طالبان. وإن كانت واشنطن تؤكد علنا أنها لا تريد إبقاء قواعد دائمة بأفغانستان، إلا أن هذا الموقف…
تأمل أميركا أن تكون وجدت مخرجا مشرفا من أفغانستان إثر تغيير الإستراتيجية (رويترز-أرشيف) |
بعد عشر سنوات على دخولها الحرب بشكل سريع تأمل الولايات المتحدة أخيرا أن تكون وجدت مخرجا مشرفا من أفغانستان إثر تغيير الإستراتيجية التي فرضها تكثف تمرد حركة طالبان. وإن كانت واشنطن تؤكد علنا أنها لا تريد إبقاء قواعد دائمة بأفغانستان، إلا أن هذا الموقف الرسمي لا يعكس حقيقة أهدافها حسب محللين ومراقبين.
وتمكنت الولايات المتحدة بعد اجتياح أفغانستان في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2001 من الإطاحة سريعا بنظام طالبان لأنه كان يؤوي قيادة القاعدة.
ولم يكن وزير الدفاع الأميركي آنذاك دونالد رمسفيلد يعتزم الخوض في مسألة استقرار البلاد مستقبلا, مؤكدا في مذكرة أن “إقامة دولة عصرية (إي بناء الدولة) ليس هدفنا الإستراتيجي”.
ويرى الخبير السياسي سيث جونز أن قول رمسفيلد حينها “كان ذلك يعكس قرار الحكومة الأميركية بعدم البقاء لفترة طويلة”.
ومع أقل من عشرين ألف عنصر في أفغانستان فوجئت الولايات المتحدة بحدة هجمات طالبان التي استؤنفت بشكل خطير في العام 2005. ورأى جونز أن بعض الأخطاء ساهمت في إطالة أمد النزاع.
وأضاف جونز أن طالبان تمكنت من إقامة ملاذات بدون أي عقاب قائلا “كان بإمكانهم الاستعداد للمعركة في المناطق التي لم يمكن الوصول إليهم فيها”.
وارتكب الأميركيون والمجموعة الدولية خطأ توقع أن تكون الحكومة المركزية هي الحل. وقال جونز إن ذلك كان فهما خاطئا للواقع الأفغاني، مشيرا إلى أنه “لم يكن هناك أي حكومة مركزية في التاريخ الأفغاني”.
أقر الأميرال مايكل مولن رئيس أركان الجيوش الأميركية في 2007 بأنه “في العراق نقوم بما يجب علينا القيام به. أما في أفغانستان فنقوم بما نقدر عليه”
حركة التمرد
وتكثف حركة التمرد ناجم أيضا جزئيا عن الاعتقاد بأن الولايات المتحدة على وشك الرحيل. لكن كان من المتعذر لواشنطن أن تعزز انتشارها فيما الجيش الأميركي كان غارقا في مستنقع العراق.
وأقر الأميرال مايكل مولن رئيس أركان الجيوش الأميركية في 2007 بأنه “في العراق نقوم بما يجب علينا القيام به. أما في أفغانستان فنقوم بما نقدر عليه”.
وبعد ضبط حركة التمرد في العراق تم إرسال تعزيزات إلى أفغانستان، وسيتم تطبيق برنامج واعد لكي يمكن للقوات الأفغانية أن تتولى أمن البلاد في نهاية 2014.
لكن التحدي الذي تواجهه أميركا “هو التمكن من مغادرة أفغانستان والمنطقة في وضع كاف لا يجعلها تسقط مجددا في عدم الاستقرار والحرب الأهلية” وفق ما يرى الجنرال المتقاعد ديفد بارنو قائد القوات الأميركية بين 2003 و2005.
قاعدة بغرام
وتتساءل كابل وواشنطن في سياق المفاوضات الشاقة الجارية بشان “شراكة إستراتيجية” بين البلدين في المستقبل، عن مسألة إبقاء حوالي عشر من هذه القواعد التي توازي بحجمها مدنا أميركية صغيرة، في وقت لا تبدو فيه القوات الأفغانية قادرة وحدها على منع عودة طالبان إلى السلطة.
وإن كانت الولايات المتحدة تؤكد علنا أنها لا تريد إبقاء قواعد دائمة في أفغانستان، إلا أن هذا الموقف الرسمي لا يعكس حقيقة أهدافها.
ويرى عدد من الخبراء في شؤون أفغانستان أن واشنطن تستعد لترسيخ وجود قواعد مثل قاعدة بغرام شمال كابل, التي تؤوي أكثر من ثلاثين ألف شخص من جنود ومدنيين متعاقدين مع الجيش.
وانطلقت المفاوضات بين كابل وواشنطن بشأن الشراكة الإستراتجية ما بعد 2014 في فبراير/شباط غير أنها تصطدم على ما يبدو بعقبات.
وأعلن الرئيس الأفغاني حامد كرزاي مؤخرا أن الولايات المتحدة ترفض عددا من الشروط التي تعتبرها كابل أساسية للحفاظ على وجود دائم بعد العام 2014، ومنها يجب أن تكون تحركات القوات الأميركية ضمن إطار القانون الأفغاني وألا تتصرف إلا بموافقة السلطات الأفغانية.
وردا على سؤال عن ما إن كان هذا الموقف الأفغاني يهدد بإثارة عداء الأميركيين بشكل نهائي، رد كرزاي ضاحكا “لا تقلقوا، فهم لن يغادروا أفغانستان”.
وقال السفير الأميركي في كابل رايان كروكر إنه “خلال مفاوضات يطلب كل من الطرفين المستحيل ويتم التوصل إلى تسوية في منتصف الطريق بينهما”.
أفاد مسؤول أميركي كبير طالبا عدم كشف اسمه بأن واشنطن وكابل مختلفتان أيضا بشأن حجم الدعم المالي الأميركي المقبل للقوات الأفغانية, بعدما بلغت كلفة تدريبها 11.6 مليار دولار عام 2011.
واشنطن وكابل
وأفاد مسؤول أميركي كبير طالبا عدم كشف اسمه بأن واشنطن وكابل مختلفتان أيضا بشأن حجم الدعم المالي الأميركي المقبل للقوات الأفغانية, بعدما بلغت كلفة تدريبها 11.6 مليار دولار عام 2011.
وأقر مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف اسمه أن الاتفاق على ما بعد 2014 سينص بالتأكيد على “منشآت مشتركة” تضم جنودا من الأميركيين والأفغانيين.
وأوضح أن دور الأميركيين سيقتصر فيها على دعم الأفغانيين من خلال إمدادهم بالمعلومات وتأمين حماية جوية ودعم لوجستي لهم.
وبالرغم من الاحتكاكات والعثرات، يؤيد قسم من المسؤولين الأفغانيين فكرة شراكة بعيدة الأمد مع الولايات المتحدة. وسيكون لمدة الوجود الأميركي انعكاس على أي مفاوضات يمكن أن تجرى مع حركة طالبان والتي يعتبرها العديد من الخبراء ضرورية لإنهاء النزاع.
وكان معهد راند كوربوريشن الأميركي اعتبر في تقرير صدر مؤخرا أنه من الضروري أن تبقي الولايات المتحدة على وجود بعيد الأمد في هذا البلد لإرغام طالبان على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.