يتصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة بشكل متسارع و متصاعد ، في الوقت الذي أنجزت الوساطة المصرية ثلاث اتفاقات متتابعة لهدنة جديدة إلا أن إسرائيل تصر على سفك دماء المدنيين الأبرياء دون رادع أو أي احترام لحقوق الإنسان و الأعراف و القوانين الدولية لإدخال المنطقة في دوامة جديدة من العنف .. هذا التصعيد الإسرائيلي الخطيرة الذي استهدف الفلسطينيين تحت ذرائع متعددة تحاول إسرائيل من خلالها إيهام العالم بالحديث عن منظومة الدفاع عن النفس و لعل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال نتن ياهو التي قال فيها أنه سيتخذ كل الإجراءات اللازمة بشأن غزة سواء كانت هجومية أو دفاعية ، و كذلك أوفير جندلمان الناطق باسم حكومته أنه لا يستبعد بدأ إسرائيل الحرب على غزة خلال ساعات ، لم يقف الأمر عند هذا الحد و زاد عليه الناطق باسم الجيش الإسرائيلي افيحاي أدرعي أن الجيش الإسرائيلي يجري عملية تقييم لعدوان جديد على غزة ، في الوقت ذاته الاجتماعات المتواصلة لهيئة الأركان الإسرائيلية ، كل هذه المعطيات ترجمة على الأرض بغطرسة القوة الصهيونية و العدوان بحق عشرات المدنيين بين شهيد و جريح خلال ساعات و إسرائيل تخدع العالم بتلك التصريحات لخلق مساحة كبيرة لضربة قوية تستهدف غزة و أهلها و مقدراتها .
إسرائيل صنعت حالة التوتر و التصعيد مستهدفةً الحراك السياسي الفلسطيني على الصعيد الدولي من جهة و كذلك الحراك السياسي على الصعيد الداخلي الذي بدأ ينمو بشكل ايجابي على صعيد المصالحة الفلسطينية بمبادرة الرئيس أبو مازن التي دفعت باتجاه سلسلة لقاءات و تحركات مكوكية فلسطينياً و عربياً لإتمام ملف المصالحة الذي أصبح ضرورة ملحة و مطلب كل فلسطيني حر و بالتالي مطلب على الصعيد الداخلي و تماسك الجبهة الداخلية فلسطينياً باتجاه خلق حالة فلسطينية موحدة ، و لعل عجز إسرائيل عن مواجهة الدبلوماسية الفلسطينية دفعها نحو الزاوية على الصعيد الدولي و على مختلف الصعد بما فيها المفاوضات المتعثرة بسبب الاستيطان و الإجراءات أحادية الجانب إسرائيلياً و التصعيد اليومي الميداني و الحصار مما جعل إسرائيل و حكومتها تتجه نحو خطوة استباقيه تهدف لإفشال الجهود الفلسطينية على مختلف الاتجاهات مستغله انشغال العالم العربي بحالة التغيير و الثورة .
منطق الغطرسة و القوة الإسرائيلي الذي يوفر له الحماية الإدارة الاميريكة و الفيتو الأمريكي للأسف دفع إسرائيل لترجمة ذلك على الأرض من خلال نيران الطائرات و الدبابات و المدافع العسكرية تجاه المدنيين لفرض أجندة جديدة تهدف لعرقلة المصالحة و كذلك عرقلة الجهود الدبلوماسية الفلسطينية التي حققتها القيادة على الصعيد الدولي بشكل غير مسبوق.
في ذات الوقت إسرائيلي تعاني أزمة على الصعيد الداخلي و خاصة بعد إتمام صفة التبادل الأخيرة و الانتقادات الشديدة التي تعاني منها حكومة نتن ياهو و يريد التخلص منها بخلق حالة توتر و تصعيد تعيد إلى الواجهة الحديث عن الدفاع و المنظومة الأمنية ، و قد تُمكن هذه الحالة إسرائيل التنصل من الالتزام بالجزء الثاني من صفقة شاليط و إلا بما نفسر تصريحات وزير حماية الجبهة الداخلية متان فيلنائي لإذاعة الجيش الإسرائيلي (جالييه تساهل) بأن إطلاق النار على الأحياء الجنوبية في إسرائيل من الممكن بأن يؤدي إلى إعاقة المرحلة الثانية من صفقة شاليط.
ختاماً لا بد لنا من وقفة مع الذات فلسطينياً و إعادة تقييم الحالة الفلسطينية على أسس و قواعد الوحدة الحقيقية و و وضع إستراتجية موحدة للمرحلة المقبلة و إنهاء حالة الانقسام فوراً و الاتجاه نحو الوحدة كونها تمثل الطريق نحو الحرية و الكرامة و الاستقلال ، الفصائل الفلسطينية اليوم مطالبة بالتوقف عن حالة المزاودة التي اعتادت عليها فيما بينها و تقف أمام مواقفها اليوم من الهدنة مع الاحتلال و سعيها نحو تهدئة بأي ثمن و أنا لست ضد التهدئة بل أدعم تلك الجهود الساعية لمنع الوقوع في الفخ الاسرائيلي بالتصعيد ، و لكن هذا يدفعنا باتجاه أن الكل الفلسطيني أضحى يؤمن بالمقاومة الشعبية و المعركة الدبلوماسية سبيل لانجاز ما يعجز عن انجازه الرصاص و لا يعني ذلك أن المقامة المسلحة مشطوبة من القاموس الفلسطيني و لكن وضع إستراتيجية موحدة ممكن و يحقق حالة متميزة و انجازات كبيرة ، و بالتالي لا بد من انجاز المصالحة و تحديد الأولويات بعيداً عن المحاصصة و تقسيم الكعكة ، و الإجابة على سؤال مهم عرضه الرئيس الفلسطيني قبل أيام بحاجة لجهد الجميع للإجابة عليه ، و خوض المعركة الدبلوماسية التي ستلحق هزيمة مؤكدة بإسرائيل و حلفاءها ميدانياً و دولياً و ستضع حكومة الاحتلال الإسرائيلي في مواجهة مع المجتمع الدولي لتنتصر فلسطين على طريق الدولة و الحرية و الاستقلال.