يخشى البعض من تغول البنايات العالية على الطابع التاريخي للمدينة
برج ساعة مكة هو أول ما تراه عين الحاج عندما يقترب من المدينة قادما من جدة لأداء فريضة الحج، حيث يناهز ارتفاعه قمم الجبال الشاهقة المطلة على البيت العتيق.
يتألف البرج من مجمع سكني وفندقي في مواجهة الحرم الشريف. وعلى مدار السنوات الخمس الماضية، أعطت الفنادق الفخمة وناطحات السحاب لمكة وجه…
يخشى البعض من تغول البنايات العالية على الطابع التاريخي للمدينة
برج ساعة مكة هو أول ما تراه عين الحاج عندما يقترب من المدينة قادما من جدة لأداء فريضة الحج، حيث يناهز ارتفاعه قمم الجبال الشاهقة المطلة على البيت العتيق.
يتألف البرج من مجمع سكني وفندقي في مواجهة الحرم الشريف. وعلى مدار السنوات الخمس الماضية، أعطت الفنادق الفخمة وناطحات السحاب لمكة وجها آخر حديثا، يختلف تماما عن وجهها القديم.
أحالت هذه البنايات العملاقة جبال مكة وتضاريسها إلى بروج مشيدة تعد من أغلى المناطق العقارية في العالم إن لم تكن أغلاها على الإطلاق، إذ يتراوح سعر الليلة في برج ساعة مكة من ستة إلى عشرة الآف دولار.
أغلب البيوت القديمة التي كانت تقف في طريق عملية التطوير تم هدمها بعد تعويض أصحابها، وتقوم شركات المقاولات الكبرى بأعمال هدم في الجبال المحيطة بالحرم المكي لإنشاء تلك الفنادق الفخمة، التي لا يقدر علي نفقاتها قطاع عريض من الحجاج.
لاس فيجاس جديدة
وتبدو الكعبة من أعلى هذه البنايات التي تحيط بها كقطعة صغيرة، فيما بدت المدينة كأنها منهاتن أو لاس فيجاس جديدة.
لكن أمين مكة د. أسامة البار، وهو ثاني أعلى مسؤول حكومي في المدينة، ينفي أن تكون الرياض تعمل على تغيير وجه مكة ليشبه هاتين المدينتين الغربيتين.
يقول البار لبي بي سي إن الحكومة السعودية “تريد وجها إسلاميا لمكة” وإن “هذه المشاريع هي التي سوف تنقل الصورة الحقيقية” بمجرد انتهائها “ونأمل ألا تكون مستنسخة لا من منهاتن ولا أي مدينة غربية”
ويصف البار هذه المشاريع بالحضارية التي تهدف إلى “تطوير المناطق العشوائية التي تحيط بالمسجد الحرام، وهو مشروع سوف يحقق التقدم والتطور العمراني لهذه المنطقة المهمة”.
وينفي أن يكون الحج قد تحول بسبب هذه الفنادق إلى ما يسمى بحج الخمس نجوم.
وأضاف البار “أريدك أن تقارن، وأنت قادم من لندن، بين أغلى فندق في مكة وفنادق الطبقة المتوسطة في العاصمة البريطانية وأخبرني بالإجابة.”
اختفاء مكة التاريخية
اختفت قلاع وأماكن تاريخية تماما في مكة في السنوات الأخيرة، ويبدى مثقفون ومؤرخون سعوديون تحفظهم على التحديث الأخير في مكة والذي جاء على حساب تاريخها.
ولا يزال د. معراج مرزا أستاذ الجغرافيا في جامعة أم القرى بمكة يحتفظ في بيته بمنطقة العزيزية بصور نادرة لمكة التاريخية.
ويقول الأكاديمي السعودي إن برج ساعة مكة على سبيل المثال بني في موقع قلعة أجياد التاريخية الشهيرة والتي تم هدمها تماما.
ويأسف د. معراج لاختفاء معالم مكة القديمة وإن التمس العذر للمسؤولين بسبب ازدياد أعداد الحجاج والمعتمرين عاما بعد آخر.
واضاف مرزا أنه أصبح من الضرورة بمكان “أن نسلم للواقع” الذي يتمثل في إنشاء العديد من الفنادق والمباني السكنية لاستيعاب الحجاج والمعتمرين.
واليوم، يجري العمل على قدم وساق في منطقة جبل عمر -نسبة إلى الخليفة عمر بن الخطاب- للانتهاء من مجمع فندقي ضخم في الناحية الغربية للحرم المكي.
وتبدو حركة الهدم في الجبل التاريخي أكثر تسارعا لإنشاء أبراج المشروع الاستثماري الضخم.
وإذا اتجهت شمالا، ستجد الحفارات والرافعات منتشرة لتنفيذ مشروع “الشامية” الذي يعد أكبر المشاريع الفندقية في مكة وفوق سفوح جبل الكعبة.