الرياض – خالد الشايع
أكد محللون سياسيون سعوديون وبحرينيون وسوريون على أن قرار تعليق اجتماعات سوريا في الجامعة العربية، والذي كان غير متوقع، أعاد ثقة الشارع العربي بالجامعة التي لم تعد أداة في يد الحكام العرب لقمع الشعوب، مؤكدين على أنها عادت للواجهة بعد غياب استمر لعقود طويلة، متوقعين أن يكون لها تأثير أكبر في القرار السياسي العربي مستقبلا.
وشدد الم…
الرياض – خالد الشايع
أكد محللون سياسيون سعوديون وبحرينيون وسوريون على أن قرار تعليق اجتماعات سوريا في الجامعة العربية، والذي كان غير متوقع، أعاد ثقة الشارع العربي بالجامعة التي لم تعد أداة في يد الحكام العرب لقمع الشعوب، مؤكدين على أنها عادت للواجهة بعد غياب استمر لعقود طويلة، متوقعين أن يكون لها تأثير أكبر في القرار السياسي العربي مستقبلا.
وشدد المحللون في تحليلاتهم للعربية.نت، على أن القرار، وإن كان لن يؤثر في سوريا بشكل مباشر، إلا أنه قد يعطي الدول العالمية الغطاء المناسب للتدخل لوقف حمام الدم السائل هناك، وسيساهم بشكل كبير في نزع الشرعية عن النظام السوري، الذي توقع هؤلاء المحللون سقوطه قريبا.
يؤكد رئيس تحرير جريدة الرياض السعودية تركي السديري على أن الجامعة العربية بقرار تجميد عضوية سوريا دخلت عصرا جديدا ستكون فيه اكثر تأثيرا وقوة ردع للأنظمة العربية التي تسعى لقمع شعوبيها.. ويقول في حديثة للعربية.نت :”قرار الجامعة العربية بتجميد عضوية سوريا، يعتبر حضورا عربيا قويا من الجامعة التي لم يكن لها أي حضور في الأزمات العربية على مدى سنوات طويلة جدا.. كانت تحدث أزمات وحروب ومشاحنات، ولم يكن للجامعة مع الأسف أية مواقف ايجابية تبرر أن تسمى بجامعة الدولة العربية”.. ويتابع :”لم يكن لها أي وسيلة لتوجيه أي دولة عربية أو اعتراف بخطأ أي نظام عربي، بقدر ما كانت مجرد عقد جلسات وتداول آراء غير إيجابية وآراء عامة لاتصل لحلول أبدا”.
مفاجئ وحاسم
الصحفي تركي السديري
ويعترف السديري أنه لم يكن يتوقع القرار الحازم ضد سوريا.. ويحذر الأنظمة المستبدة من المصير ذاته.. وأضاف: “كلنا كعرب فوجئنا بموقف الجامعة وهو موقف إيجابي وجاد، ولو تم اتخاذه في الأزمات العربية السابقة لكان من ضمن قوة الردع لهذه الأنظمة، يمنعها من أن تسيطر على شعوبها بطرق خاطئة تصل في بعض الأحيان لطرق إجرامية”.. وتابع:” لا يتوقف الحديث على سوريا وحدها.. لدينا في العالم العربي قرابة ست دول في أوضاع غير طبيعية، وتمر بأزمات شديدة.. وبدأت هذه الدولة حياتها السياسة منذ خمسين او ستين عاما، وهي تتحدث عن الحرية والديمقراطية وغير ذلك من الشعارات التي لم تنفذ إطلاقا.. ولو كان هناك في الماضي حضور للجامعة لأمكن ردع مثل هذه التصرفات وعدم الاستهانة بحقوق الشعوب كما نراه الآن في أكثر من دولة عربية.. المؤمل أن يكون القرار بداية لقرارات جديدة ستجبر الدول على أخذ حسابها ويكون توالي هذا الموقف قوة ردع للتجاوزات السائدة في الدول العربية”.
ويقلل أقدم رئيس تحرير في السعودية من الاتهامات السورية بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي من وقفت وراء القرار.. مشددا على أنه كان قبل كل شيء مطلبا عربيا ملحا.. ويقول: “دعنا نفترض ان الولايات المتحدة تتمنى صدور هذا القرار.. قبل الولايات المتحدة كان العالم العربي يتمنى صدور هذا القرار.. فالخلل لم يأت نتيجة صراع عربي او نزاع.. بل هو حدث داخل دولة عربية، ولهذا يفترض ان يأتي الموقف العربي بهذه الصورة”.. ويضيف: “كون أن الولايات المتحدة غير راضية عن الوضع في سوريا وأن هناك بعض الدول كفرنسا لها رأي في الوضع داخل سوريا فهذا موقف دولي وليس قرار دولي.. القرار هو ما أصدرته الجامعة العربية”.
عزلة سياسية
ويشدد رئيس صحيفة “عرب نيوز” الأسبق خالد المعيا على أن الجامعة استفاقت من موتها السريري، وبات لها دور أكبر.. ويقول للعربية.نت :”بدأت الجامعة العربية تتحرك بعد أن ظلت طوال الخمسين عاما الماضية عقيمة ولا دور لها.. الآن بدأت تتغير وتأخذ بآراء الشعوب بدلا من أن تكون آلة في يد الحكام العرب”.. وتابع: “ليس لقرار تجميد عضوية سوريا اي تأثير على سوريا ولا على الذين اصدروا القرار.. هم يريدون إيقاف حمام الدم السائل في سوريا، ولكن التجميد لن يكون مؤثرا.. لأن بعض الدول كانت سحبت سفراءها فعلا من دمشق.. ولكن القرار يمكن ان يزيد من عزلة سوريا السياسية”.
ويستخف المعينا، الذي استقال قبل شهر من رئاسة الجريدة الناطقة باللغة الإنجليزية للتفرغ للكتابة السياسية، بالاتهامات السورية حول علاقة الولايات المتحدة بالقرار.. ويقول: “ما قاله النظام السوري عن دور الولايات المتحدة في الجامعة العربية مجرد (كلام فاضي) ولا قيمة له.. ولكن الشيء الاكيد أن الولايات المتحدة بات لها تأثير في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية كالعراق مثلا.. ولكن ليس للولايات المتحدة قوة كعضو في الجامعة، والسوريون يضحكون على شعبهم بمثل هذا الكلام”.
نقلة تاريخية
من جانبه يؤكد الكاتب البحريني في جريدة الوطن القطرية عبدالله الكعبي أن القرار العربي تاريخا.. وسيغير من نظرة العالم للجامعة العربية وأن كان يعترف أن تأثيره سيكون محدودا. ويقول للعربية.نت: “قرار الجامعة العربية تاريخي ونقلة مهمة في تاريخها”. ويضيف: “نظرتنا كعرب وخليجين للجامعة العربية تختلف عن نظرة العالم لها.. فهم يرونها تعبر عن وحدة العرب واتخاذ الجامعة لهذا القرار الذي نراه محدود التأثير هم يرونه له دور كبير خاصة عندما يجمد نشاط دوله من مؤسسي الجامعة وستأخذ المنظمات الأخرى بهذا القرار اكثر مما نأخذ به نحن”.
ولا يعتقد الكاتب البحريني أن يكون القرار الأخير نتيجة دروس استفادتها الجامعة مما حدث في تونس ومصر.. ويضيف: “لم تستفد الجامعة العربية كثيرا من ما حدث في مصر وتونس لأنها بالأساس تأخرت كثيرا.. ولكن حجم الدمار والقتل الذي أرتكبه النظام أجبرها على هذا القرار”.. ويتابع: “منحت الجامعة النظام السوري فرص كثيرة ومهلة اكبر وهي وضعت في مأزق لم تستطع أن تضع حلول أو أعذار اكثر مما وضعت لهذا كان القرار إجباري وإلا لكان المسمار الأخير في نعش الجامعة”.
اتهامات واهية
ويشدد الكعبي على أنه لم يعد الأجماع العربي في القرارات المهمة مطلوبا في ضل الجرائم التي أرتكبها النظام السوري في حق شعبة.. ويقول: “الاتهامات السوري بأنها قرارات غير شريعة لا يمكن أن تؤثر على قيمة وأهمية القرار.. أعتقد أن الحديث عن ميثاق الجامعة وضرورة الأجماع على كل قرار لم يعد مجدي.. والآن أصبح غير مهم أمام الإرهاب الذي يحدث في سوريا وحجم القتل الذي ذهب ضحيته الآلاف من الأبرياء”. وتابع: “الحديث عن قانونية ومشروعية القرار يجب ألا يأخذ حيزا يغطي على الجرائم التي ترتكب ولا تعادل قرارا اتخذ هنا أو هناك.. لأن تلك الجرائم بشعة جدا وغير مسنودة لا بشرعية ولا بقرارات، ولهذا النظر فيها أهم من مشروعية القرار”.
ويتوقع الكاتب البحريني ان يلحق قرار التجميد قرارات أخرى بسحب السفراء على مستوى العالم.. ويضيف: “دعوة جامعة الدول العربية لسحب سفرائها من دمشق هو خطوة اولى ستتبعها خطوات أخرى من دول عالمية، وهذه هي الخطوة الرئيسة التي ستفقد النظام السوري شرعيته.. وأتمنى ان لا يطول الوقت لحدوث ذلك”.
غطاء دولي
من جهته، يؤكد المحلل السوري محمد كركوتي على أن النظام السوري دخل حيز بداية النهاية وأن القرار العربي سيعطي الغطاء اللازم لتحرك دولي تجاه النظام أسوة بما حدث في سوريا.. ويقول للعربية.نت: “أثبتت الجامعة العربية أنها تستطيع ان تتخذ قرارات مهمة متى ما رغبت في ذلك.. جاء ذلك بعد أن اقتنعت الشعوب العربية أنه ليس لها دور.. وأثبتت أنها عندما تريد أن تتحرك فهي قادرة على ذلك وتحقق خطوات علميه.. ولا اقول انجازات”.. ويتابع: “ما حدث ليس إنجازا عظيما ولكن خطوات علميه جادة في رطيق وجودها كهيئة وكيان يمثل العرب.. هي بلا شك خطوة تاريخية بكل المقاييس وكانت ضرورية.. اتذكر بعض تصريحات كبار المسؤولين الفرنسيين الذين اتهموا الجامعة بأنها تأخرت في اتخاذ موقف ما تجاه ما يحدث من مجازر في سوريا.. اتصور أن هذه الخطوة غير مسبوقة، وهو ما أكد عليه امين عام الجامعة نبيل العربي”.
ويشدد كركوني على أن الأهم في القرار أن كشف أن الجامعة العربية ماتزال موجودة.. ويضيف: “اهم نقطة في هذا القرار هو أن الجامعة أثبتت انها موجودة وليست ميته او غائبة.. وهي نقطة مهمة للجامعة.. أنا بالنسبة للشأن السوري فأتصور أن هذا سيمهد الطريق إلى تشكيل موقف عالمي جديد أكثر شجاعة واقداما لحل الازمة في سوري”.. ويتابع: “الدول الكبرى المؤثرة وصاحبه القرار على الساحة العالمية تحتاج لغطاء عربي حيال سوريا.. وهي احتاجت لذلك الغطاء عندما تعاطت مع الأزمة الليبية.. وهذا الغطاء مهم وسيوقف آلة القتل في سوريا.. وهو امر ضروري لموقف دولي اكبر سيتخذ عن قريب في هذا المجال”.
“إيران الضعيفة”
ويؤكد المحلل السوري المقيم في دبي على انه لم يتبق لنظام الاسد من داعمين سوى ايران. وهي لا تستطيع تقديم الدعم السياسي، لأنها محرومة منه..
ويضيف: “النظام السوري مازال يراهن على مواقف بعض الدول، وهذا واضح من تصريحات المعلم وآخرون.. ولكنه نظام يائس ويعيش ويعمل خارج الزمن”.. ويتابع: “مازال النظام يراهن على الموقف الروسي والصيني، ولكن المواقف السياسية للدول الكبرى غير ثابتة، وتتغير وشاهدنا كيف تغير الموقف السوري من ليبيا، فبعد ان كان ضد قرار ضرب ليبيا أيده في نهاية الأمر.. لهذا السلطة في سوريا تتمسك بحبال من الوهم، ولن تجد أي دعم سياسي في المستقبل.. والدولة الوحيدة التي يمكن ان تقدم لها الدعم الآن هي إيران، وهو دعم مادي وتخريبي.. لأن ايران لا توفر دعما سياسيا لسوريا لأنها أصلا لا تملك القدرة على ذلك، وليس لها نفوذ سياسي حقيقي، وهي ايضا تخضع لحصار كبير بسبب برنامجها النووي، لهذا أتصور أن بداية النهاية بدأت لبشار الأسد ونظامه، وكان الموقف العربي مهما لتدويل المشكلة السورية الكبيرة حتى وإن كان العرب لا يملكون حلولا للقضية السورية، ولكنهم يملكون حلولا مساعدة فقط”.