حاولت كثيرا أن أضبط نفسى وأنا أكتب هذا المقال بسبب رجوعى من الميدان وإصابتى باختناق شديد وليس بسبب ” غاز التابون ” كما يطلق عليه أطباء التحرير لأنهم لم يكونوا قد أطلقوه على الميدان حين وجودى فقد تم إطلاقه حوالى الحادية عشرة والنصف مساء أمس بعد خطاب المثير طنطاوى…
أولا – كان أول ما استوقفنى وأصابنى بالاختناق قوله عن شهداءنا الذين قتلوا غيلة بيدى جنوده وتم إلقاءهم فى القمامة أسأل الله أن يحرمهم حسن الخاتمة وأن توضع أسماءهم فى مزبلة التاريخ كما يليق بهم..قال المشير لافض فوه على شهداءنا ” ضحايا ” فتعجبت عمن يتكلم هل هم ضحايا كارثة بيئية أم انقلبت بهم سيارة أم أصابهم وباء ؟؟
إنه بهذا ينفى تماما أن هناك قتلة ستتم محاسبتهم وبهذا يفلت العيسوى من مصير مشابه للعادلى ويفلت هو من مصير المخلوع ذلك أن المخلوع يحاسب على قتل شعبه وهو مثل المشير كان حاكما بيده الأمر والنهى وحقيقة لا أريد أن أظلم العيسوى الذى وضعوه ” بارافان ” للتخفى وراءه بينما هم الذين يعطون الأوامر..ولاعجب فقد عرف المخلوع والعادلى كيف يختارون رجالهم وتركوهم فى أماكنهم ليكملوا الإنتقام فقد ربوا وحوشا مصابة بالسعار ولاتصدق أن الشعب قام بثورة فأقسموا على الإنتقام وترويض الشعب …
ثانيا – هو يمشى على خطا المخلوع بالضبط نفس الكلام عن هروب الاستثمارات وهبوط البورصة وعجلة الإنتاج وكل الفزاعات التى اعتاد المخلوع أن يرعب بها المرتعشين من حزب الكنبة الذين مازالوا يصدحون بغثاءهم ونذالتهم وتعديهم بالقول على شباب التحرير فهم لم يكتفوا فقط بالاختلاف معهم والبقاء ببيوتهم ” وهذا حقهم ” بل يهاجمونهم ويؤيدون بمنتهى النطاعة قتلهم والتخلص منهم فقط من أجل أن يعيشوا كالعبيد نفس الحياة الخالية من الكرامة التى اعتادوها وشبوا فى كنفها..
والمشير ينسى أنه لن يأتى الإستثمار لبلد بلا رئيس ويحكمها العسكر أبدا وأن بقاءه فى السلطة واستمراءه لها وحكومته العاجزة التى نامت فى العسل وأمنه المنفلت الذى تعمد هو وداخليته أن يتركه منفلتا وهو القادر فى نصف ساعة على الضبط وجمع البلطجية الموالين لشرطته ..كل هذا هو سبب هروب الاستثمارات وليس الثوار..
ثالثا – يقول فى خطابه الممتع أنه عاون الداخلية على نشر الأمان ..!!ويذكرنا بأيام الثورة وافتقاد الامان ونسى أن اللجان الشعبية نجحت فى ما فشل هو فيه مع داخليته طوال عشرة شهور فاستطاع الشعب حفظ الامن وتنظيف الشوارع وتنظيم المرور بدون رئيس ولا حكومة ولا شرطة ولاجيش بالمناسبة فقد كنا نستغيث بمدرعاتهم فيردوا قائلين الأوامر حماية المنشآت..!! هذا فيما يخص الأمان الذى يدعيه المشير ..
رابعا – كل ما طالبنا به لم ينفذه ومازال يؤجل تسليم السلطة حتى يونيو 2011 ؟؟فما الذى تغير ؟ ولمن كان يوجه كلامه وهو الذى تجاهل الثوار رغم إنهم السبب الرئيسى فى خطابه وكأنه يقرر نفس كلام الفاشل الخانع المدعو ” احمد شفيق ” الذى تجرأ وقال عن شباب التحرير أنهم لايمثلون الشعب المصرى والرجل لديه حق فالتحرير لا يمثله فعلا ولايمثل كل الشعب وإنما يمثل ذوى الكرامة والشرفاء فقط من الشعب..التحرير هو النخبة التى لاتتفلسف وليس لديها أطماع سياسية ولا برلمانية ..التحرير هم من الذين يرفضون وقوع البلاد فى يد عصبة الشر مرة اخرى…
خامسا – يدعى المشير أن المحاكمات العسكرية توقفت وهو يعرف أن هناك 12 ألف شاب من خيرة شباب البلد ومن أشرف النشطاء والمدونين والأطباء وطلبة الجامعة تم محاكمتهم والصاق تهم كارثية بهم وكأن قوة خارقة قد حلت بهم فمنهم من هاجم ” مدرعة ” ومنهم من هاجم كتيبة وأوسع رجالها ضربا ومنهم من حملت شنطة سلاح وكسرت المنشآت مثل المرأة الخارقة فأى محاكمات عسكرية تلك التى توقفت أيها الصادق الامين على شعبك؟؟؟
سادسا – يريد المشير أن ” يتنحى ” بشرط إجراء استفتاء مراهنا على حزب الكنبة فى تقليد جميل بالرئيس اليمنى على عبدالله صالح والغريب أن ميدان التحرير هو الذى أتى بالمشير ولم يذكر المشير ساعتها إجراء استفتاء بخصوص المخلوع أو بخصوصه هو شخصيا فياللعجب وهو يعلم جيدا أنه بهذا يلاعب فتنة أهلية بين مؤيد ومعارض وكل ما طلب منه انشاء مجلس رئاسى وحكومة انقاذ وطنى..فى وقت قريب وهو ما يجعله يغادر بسرعة وهو قد أحب المكان وأصبح عشرة لمدة 9 شهور …
سابعا – قبل المشير إقالة الحكومة التى بح صوتنا شهورا عديدة لإقالتها وهو رافض صامد عنيد كالمخلوع تماما وبعد أن أقالها لم يسم لنا حكومة جديدة ولا حتى رئيسا لها لأن البرادعى اشترط صلاحيات يرفض المجلس أن يشاركه أحد فيها فهو يريد سكرتارية وليس حكومة محترمة رشيدة راشدة تتخذ القرارات المفيدة للشعب..وأبقى على حكومة شرف لتسيير الاعمال..!!
إذن فالحكومة تسير الاعمال كما هى وحتى الانتخابات وبشرطة تقتل المواطنين وشرطة عسكرية و تلقى بجثث شهداءنا فى القمامة وتسحل الفتيات فى الشارع وتتحرش بالطبيبات فى الميدان لإرغامهن على الفرار …وبقضاة يمارسون وظائفهم تحت مظلة المجلس …فيالها من انتخابات …
بالله عليكم ماذا قال المشير فى هذا الخطاب ؟؟ وماذا فعل من جديد لتهدئة الثوار ؟؟لقد كان خطابه بمثابة إشارة للهجوم على الثوار بشراسة أكثر وبدأ مسلسل تزوير التقارير الخاصة بالشهداء والمصابين مرة أخرى وأهالى الضحايا يستغيثون على بوابة المشرحة إذ يتم اخذ بصمة المتوفى على صحيفة حالته الجنائية..! فيصبح الطبيب الشهيد بلطجى والطالب القتيل مسجل خطر ورصاصة الرأس مشاجرة بآلة حادة مع بلطجية أصدقائه…
وإنى لأسأل السؤال الأهم ..من الذى شجع المشير وزين له خطابه هذا الخالى من الإهتمام بحياة شعبه والخالى من التعاطف مع ثورته الباسلة والملىء بالتعالى والعناد والتهديد الخفى لكل من تسول له نفسه ” نقد وتجريح المجلس ” الإلهى وكأنهم آلهة وأنبياء معصومين وأستغفر الله الواحد الأحد الفرد الصمد ومن زين له كلامه الخالى من أى قرارات حاسمة بشأن وقف ضرب المتظاهرين وبشأن كل المطالب العادلة للثوار؟؟؟
من الذى شجعه على التجرؤ على ترك قواده يمارسون بعشق وأريحية قتل وضرب وسحل واعتقال الشعب المصرى؟؟؟ الإجابة بكل بساطة إنها الوجوه المنبطحة التى وافقت على الإجتماع به من مرشح للرئاسة طاعن فى السن ضالع فى عهد المخلوع ومازل يريد التأرجح على الحبل فى سيرك السياسة والمرشح الإسلامى الذى يغازل الكرسى والمجلس فى آن واحد والأحزاب الشائخة العتيقة وعينها الزائغة على الكرسى والمقعد ..إنها مخلوقات طفت على سطح الثورة وهى لا تمثل الثورة بل ركبتها ركوبا بمنتهى التبجح والتطاول ..
إنها مخلوقات شقت وحدة الصف الشعب والشارع ولعبت دورها ببراعة ..
مخلوقات أرفض أن أصفها إلا بالمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة …وكلها تعافها النفس وترفضها الفطرة السليمة ..و…حرمها ربى…