شئون فلسطينية:حماس والانتخابات(1/3)
-الجزء الأول-
بقلم: سري سمور
((هذه –بعد مشيئة الله- سلسلة مقالات تتناول شأننا الفلسطيني، هي جهد المقلّ، ربما ستغضب البعض، وسترضي البعض، وسيتحفظ عليها البعض، ولست أدري ولا يهمني أي الفرق أكبر عددا، ولكن كإنسان ينتمي لهذا الشعب ويعشق أديم هذه الأرض أرى وجوبا علي طرح فكرتي لألقى الله بلا حمل يثقل صدري، وبلا مأثم نابع من سكوت أو تردد أو كتم علم…والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين))
فمن خدع السياسة أن تغرّوا*** بألقاب الإمارة وهي رق
وكم صيد بدا لك من ذليل *** كما مالت من المصلوب عنق
-أحمد شوقي-
(1) مع أبي هشام
في 27 أيلول/سبتمبر من العام الجاري 2011م كتب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني د.عزيز دويك على صفحته في موقع فيسبوك:« إن موجة الملاحقة والمطاردة والاعتقال مستمرة بحق النواب الشرفاء الطاهرين منذ فوز كتلة التغيير والإصلاح بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي في انتخابات حرة ونزيهة عام 2006. وهذا الثمن ندفعه وكلنا فخر وعز ولن يدفعنا إلا لمزيد من الصبر والثبات على الحق».
فكتبت تعليقا على هذا الكلام نصه:«وهذا يا دكتور يطرح سؤالا كبيرا جدا:كيف ستخوضون الانتخابات المقبلة وكل مرشح لكم مشروع اعتقال» وقد قام د.عزيز مشكورا بعمل «أعجبني،Like» على تعليقي، والحق أنني انتظرت من أبي هشام إجابة لا مجاملة، فأنا مذ كنت طالبا أعرف دماثة خلقه وتواضعه الجم وسعة صدره، وهي صفات يتفق عليها الجميع بمن فيهم كثير من خصوم أبي هشام السياسيين، لكن الأمر يحتاج إلى إجابة واضحة وعملية، وقد عقب آخرون على كلامه فكتبت تعليقا واضحا وصريحا:«أنا شخصيا أضع علامة استفهام حول الانتخابات في ظل سلطة الاحتلال».
(2) لغة ومقارنات غير موفقة
ساعات تـفصلنا عن اللقاء المرتـقب بين الأخوين عباس ومشعل في القاهرة، ومنذ أن أعلن عن الترتيبات لعقد هذا اللقاء انبرى المحللون المفترضون وتسابقت بعض وسائل الإعلام لوضع السيناريوهات عما سيسفر عن اللقاء أو القمة.
إلا أن اللغة التي استخدمت من بعض الكتبة والإعلاميين وحتى بعض السياسيين لم تكن موفّقة البتة؛ فما معنى تعبير«لقاء الفرصة الأخيرة» الذي تكرر هنا وهناك؟هل هو لقاء بين رئيسي دولتين عدوتين على شفير الحرب حتى تستخدم هذه اللغة؟فنحن وإن كنا نتحدث عن لقاء يجمع قائدين يختلفان وبدرجة كبيرة سياسيا وبرامجيا، إلا أنهما من شعب واحد قبل كل شيء، ولو فرضنا -لا قدر الله- أن اللقاء أخفق ولم يسفر عن النتائج المرجوة فهل معنى هذا العودة إلى نقطة الصفر وإلغاء ما تم الاتـفاق عليه؟تعبير«الفرصة الأخيرة» هكذا يـفسر،وعلى كل كاتب أو إعلامي أن يتق الله أولا ثم يتحرى دقة الوصف والتعبير فيما يكتبه أو يصرح به ثانيا، لا سيما وأن بعض الكتبة في بعض الصحف اليومية في الضفة حين يتناول موضوع المصالحة واللقاء يستخدمون أوصافا ومفردات ومصطلحات سادت غداة الانقسام، وهم أنفسهم كانوا قبل الانفراج المنتظر قد توقفوا عن استخدامها، فلماذا الآن؟!
ولم تكن المقارنات والاستنتاجات المسبقة حول اللقاء أوفر حظا، فهي لم تكن موفقة على الإطلاق؛ فقد حصرت اللقاء بالتوافق المفترض حول موعد الانتخابات، وروّجت إلى أن هذا هو غاية المنى وقمة الانجاز، وأخذ بعض من كتب وتحدث كمحلل عبر الفضائيات أو المواقع الالكترونية يعقد مقارنات لا تصح أبدا وتحليلات استباقية مفادها بأن الإسلاميين خاصة فروع حركة الإخوان المسلمين على وشك خوض غمار اللعبة السياسية في تونس ومصر وليبيا وغيرها وسيكون لهم شأن وموقع لا يمكن تجاهله في الخريطة السياسية لهذه الأقطار العربية وغيرها في المرحلة المقبلة، وأسقطوا -بسذاجة أو مكر- هذا الأمر على الحالة الفلسطينية دون النظر إلى خصوصية أرض وشعب تحت الإحتلال، ونسي هؤلاء أن لا جيش فرنسي في تونس ولا جيش ايطالي في ليبيا ولا جيش بريطاني في مصر منذ عشرات السنين، أقول نسوا مفترضا حسن النية بالتأكيد، ولا أحسب أن الاحتلال كائن مجهري لا تبصره أعينهم المجردة كي أذكرهم به!
(3) حماس والتجربة المستمرة
بعد الإفراج -الذي لم يستمر أكثر من شهرين- عن الشيخ بسام السعدي القيادي في حركة الجهاد الإسلامي وأحد الموقعين على وثيقة الأسرى التي عرفت لاحقا بوثيقة الوفاق الوطني ذكر بأنه حين كان في السجن جاءه الإخوة في قيادة حركة حماس الأسيرة وقالوا له بأنهم قرروا خوض الانتخابات التشريعية فقال لهم:هذا قراركم وأعرف أنكم درستم خياراتكم من جميع الجوانب وتشاورتم مع بعضكم البعض داخل السجون وخارجها ومع قيادتكم في الخارج، إلا أنني أرى أنه في المجلس التشريعي الحالي تعلّق صورتان واحدة لمروان البرغوثي والأخرى لحسام خضر،وبتقديري بأن قاعة المجلس التشريعي ستمتلئ بالصور، فأنتم لستم كغيركم خاصة وأنكم لا تعترفون بإسرائيل وتتبنون برنامجا واضحا في هذه المسألة!
هذا ما جرى فعلا، والأمر لا يتعلق فقط بالثأر والانتقام والابتزاز بعد عملية الوهم المتبدد التي أسر فيها الجندي جلعاد شاليط، فنحن نتذكر كيف أن قائمة كتلة التغيير والإصلاح قد عُدّلت قبيل الانتخابات بسبب الاعتقالات التي نفذتها قوات الاحتلال، و هنا لا أهدف إلى القول بأن خوض حركة حماس للانتخابات كان شرّا وخطأ فأناقض ما قلته وقتها، ولكن الكياسة تـقتضي تـقييم التجربة وعدم تكرار أخطاء الماضي، وحتى لا يقال بأنني أتحدث من وراء مكتب وأمسك بلوحة المفاتيح(الكيبورد) وبالقلم والورق ولا أعرف الظروف الموضوعية لتلك المرحلة؛ ولتجنب هكذا مزايدة مفترضة فأنا فقط أحيلكم إلى كتاب الأسير القسامي محمد عرمان، فرج الله كربته، وفك قيده، المعنون بـ«مهندسو الموت» وهو موجود بصيغة إلكترونية في أكثر من موقع، حيث يتحدث عن مسألة خوض حركته للانتخابات وملابساتها ورؤيته للمشاركة في السلطة ولعلنا هنا نتحدث عمّن حمل روحه على كفه، وقضى ويقضي سنينا وأشهرا وأياما وساعات من عمره في الأسر، لا عن محلل سياسي أو صحافي.
كان لتلك الفترة(2005-2006م) ملابساتها وظروفها، ولم يكن لحماس بدٌّ من خوض التجربة بحلوها ومرها، ولكن حماس بعد مرور هذه السنين، ومعايشة ومعاينة الأمور عن كثب، عليها أن تـفكر مليا، وألا تكرر الأخطاء لأنها هي التي دفعت قبل غيرها ثمنا مضاعفا وباهظا بكل المقاييس…..يتبع
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الأربعاء 27 ذي الحجة-1432هـ ، 23/11/2011م
من قلم:سري سمور(أبو نصر الدين)-جنين-أم الشوف/حيفا-فلسطين