هناك مؤامرة على مصر؟ نعم..ولكن من المنفذ لها ؟
كل من يقول او يصرح بأن هناك مؤامرة على مصر فهو صادق ، ولا غبار على كلامه ، واقولها بالفم الملئان هناك مؤامرة على مصر ، مؤامرة هدفها تفتيت مصر وتقسيمها ، وزرع الفتنة بين أبناء شعبها الواحد ، ليس هذا وحسب .. بل وصل سقف الأهداف الى إبعاد فكرة الديمقراطية ومبادىء الحرية والعدالة الاجتماعية نهائيا من قاموس السياسة المصرية ، وتجويع الشعب المصرى تجويعا يدفعه اما الى الموت أو الهروب من جحيم مصر الى بلاد الله لخلق الله مشردا وهائما على وجهه يستغل كعبد من عبيد امراء الخليج أو قن من أقنان الحظائر الصهيونية أو مهاجر تتقاذفه امواج المتوسط وتلتهم جسده أسماك القرش .
ان قال المجلس العسكرى الموقر ان هناك مؤامرة على مصر وشعبها فصدقوه ، وان صرح وزير الداخلية ان هناك مؤامرة على مصر صدقوه ، وان خرجت تهانى الجبالى تقول ان هناك مؤامرة على مصر صدقوها ، وان ادعى أشاوس الداخلية ان هناك مؤامرة على مصر أيضا صدقوهم .. وان بكت مذيعة الفراعين تستصرخ الاغلبية الصامتة ، لتحثهم ( ودموعها تنهمر من عينيها ) على الخروج الى ميدان العباسية تأييدا للعسكر .. أبكوا معها وتأثروا بدموعها الساخنة .. وصدقوها .
صدقوا كل من يدعى نظرية المؤامرة ، وكذبوا عيونكم التى رأت رجال الشرطة المدججين بالسلاح والعصى ينهالون على أجساد شبابنا ضربا وكأنهم فى ساحة قتال مع العدو الصهيونى يستأسدون عليه حماية للأرض والعرض ، ويطلقون الرصاص الحى والخراطيش لتخترق أجساد الشباب فتمزقها وتفقأ العيون فتفقد نورها ، ليهلل لهم الهبل والعبط والجهلة مصفقين ( جدع يا باشا جبت عين الولد ) ، صدقوهم فى ان هؤلاء الشباب الذين قتلوا ليسوا ثوارا بل جماعة مندسة ومخربين هدفهم خراب البلد ووقف عجلة الانتاج التى ( بسم الله ماشاء الله ) كانت دايرة من ايام مبارك وحتى ايام مولانا المشير طنطاوى ، وجاء هؤلاء المخربون أوقفوها وعطلوها ومنعوا الخير الذى أغرق كل بيت مصرى .
صدقوا وزير الداخلية محمود العيسوى الذى قال ان جنوده وضباطه لم يكن لديهم اى سلاح أورصاص حى ولا خرطوش ولا زجاجات مولوتوف ، وكذبوا كل ما رأته عيونكم بالصوت والصورة ، وكذبوا كل أم فقدت ابنها واستقبلته جثة هامدة مضرجة بالدماء ، فهذه ليست أم شهيد بل أم مخرب وبلطجى أختار لنفسه ان يكون مرتشى من جهات خارجية ، وقدم حياته ثمن الرشوة التى تلقاها .
صدقوا الاعلام المصرى البارع فى تكذيب الحقائق ، صدقوا مشاعره النبيلة ووطنيته التى دأبت على الطبل والزمر لكل من يتزوج امنا مصر ، وزوج امنا اليوم هوعمهم وتاج رأسهم المجلس العسكرى ..فلماذا لا يطبلون ويهللون له ؟ هى عادتهم ولا ح يشتروها من بره ؟
صدقوا الداخلية والمجلس العسكرى ان صرحا لكم ان الغاز الذى أطلق على المتظاهرين فى كل ميادين مصر ليس غازا ساما منتهى الصلاحية يصيب الشباب بالتسمم والاختناق والتشنجات ، بل غازا مفيد لصحة الشباب يعمل على إنعاشهم ويعطيهم القدرة على الصمود والتحدى فى اعتصامهم ، و كذبوا الصورة التى يظهر فيها ضباط الشرطة العسكرية والداخلية مكممين باجهزة الوقاية من الغازات وكأننا فى حرب كيماوية مع الاعداء المتربصين بمصر .
صدقوهم وكذبوا كل من يحاول تكذيب كل هؤلاء .. لان المؤامرة كبيرة جدا على مصر أم الدنيا ، تستهدف كما قال سيادة المشير أمن مصر وشعبها ، وفاته ان يقول لنا حضرة المجلس العسكرى الموقر : من هى الأطراف التى حاكت لمصر وشعبها تلك المؤامرات ؟ هل هم طلبة الجامعة الامريكية الثلاثة الذين تم إلقاء القبض عليهم ثم الافراج عنهم بالأمس ؟ أم هم عناصر البلطجية ؟ أم الكيان الصهيونى وجواسيسه فى مصر ؟ ومن هم هؤلاء الجواسيس الذين سخروا كل قدراتهم العبقرية وإماكانياتهم للوقيعة بين الشعب المصرى ومجلسه العسكرى العظيم وعناصر الداخلية البريئة من دم الشهداء ؟ صدقوا كل كاذب أفاق وقولوا له : صادق يا كداب
يا مجلس مبارك العسكرى ، يا سيادة وزير الداخلية .. رجاءا اخجلوا من أنفسكم ولو لمرة ومن تصريحاتكم الهزلية ، واحترموا عقولنا وعيوننا ، نحن لا نشكك فى أن هناك مؤامرة على مصر وشعبها ، وانتم أول من يعرف الأطراف التى تدير تلك المؤامرة وسأعددها لك :
انتم أول المتآمرين على البلاد والعباد ، والمسؤول الأول عن تنفيذ خيوط تلك المؤامرة على مصر وشعبها ، انتم من خان الأمانة ولم يحفظها ، انتم من عطل عجلة الانتاج بتعطيل تنفيذ أهداف الثورة التى تدعون انكم حماتها ، انتم من تلقيتم الأوامر بعدم تسليم السلطة لمن يختاره الشعب المصرى ليس خوفا على البلاد بل خوفا على أمن (اسرائيل) التى ترتعد من تطبيق الديمقراطية حتى لا تأتى بمن لا يوافق هوى ومصالح الصهاينة وكأنه كتب علينا ان تبقى مصر أسيرة هوى الصهاينة ، أنتم من دبر مؤامرة الوثيقة الفوق دستورية التى تضعكم فوق الجميع وكأنكم من قام بالثورة ومن صنعها وخطط لها وحماها وضحى بأبنائه من أجلها ، وأردتم الثمن : ان تكونوا دولة داخل الدولة لأنكم الطرف الوحيد الذى تثق به (اسرائيل) وامريكا ببساطة لأنكم تلاميذ مبارك وهو معلمكم الأول الذى شهدتم له زورا وبهتانا إنقاذا له من حبل المشنقة .
انتم من أعطى الأوامر لعناصر الداخلية واطلقتم يدها لضرب المعتصمين فى الميدان وقتلهم ، ظنا منكم ان الشعب المصرى نام ونسى ثورته واحلامه فى الحرية والعدالة ، واعتقدتم ان مخططكم نجح فى تلميع صورتكم ، وتقسيم الشعب المصرى وتفتيت قواه السياسية والثورية ، هاهم المصريون يخرجون اليوم لكم يدا بيد وكتف بكتف حناجرهم تستصرخ رحيلكم وحتما سترحلون .
أنتم من يصر على إرضاء الكيان الصهيونى حتى ولو كان على حساب الشعب المصرى بإعادة تصدير الغاز اليه ، وبناء سور يحمى سفارته ، واعتقال الشباب الذى هاجم تلك السفارة غضبا على أرواح جنودنا الشهداء الذين قتلوا برصاصهم بينما تستقبل انت وفود العدو لرسم مخططاتكم ، كمحاولة منكم لإفشال ثورة شعب ثار على الظلم ، واذا بكم تتحولون الى كيان ظالم يتستر وراء قناع الجيش ويتمسح بقدسيته ، ويلهث وراء شرعية لم ولن تكون لكم فى يوم من الأيام .
ان ثورة 19 نوفمبر ماهى الا ( قرصة ودن ) من الشباب الواعى اليقظ لكل كهل غطى شيبته بالسواد ، وأعتقد ان بإمكانه القفز على السلطة ، ونسى ان ينظر فى المرآة ليرى شيخوخته ويداه المرتعشتان ، وركبتيه اللتان تحملان جسده النحيل ، وخلايا مخه التى أصيبت بالتلف بفعل الزمن وأصابه الزهايمر ، مصر فى عز شبابها ، فتاة صبية جميلة لا نرضى لها بالزواج من كهل عجوز متصابى ، ولا بأموات خرجوا من قبورهم طمعا فى الحياة ، ولا بأصحاب الفكر الرجعى المتخلف الذين حزموا أنفسهم رقصا على أنغام أحلام السلطة لإعادتنا الى الوراء ، ولا لأصحاب المال والأعمال الذين أفسدوا الحياة فيها وسرقوا ونهبوا ولوثوا ثوبها الطاهر ، ولا مصاصى الدماء وتجار الأعراض ، ولا لعناصر شرطة ما هم الا قطاع طرق وقتلة وسجانين لايملكون سوى القيود والرصاص الحى وأقبية السجون يمارسون فيها شذوذهم وساديتهم وكذبهم ونفاقهم ، وماهم الا عبيد للأوامر ، هى دى مصر يا سيادة المشير وطلبك بعمل استفتاء للحصول على شرعية تواجدك فى السلطة مرفوض ..لانك خاين للأمانة ، وأضعف من ان تحمى مصر وأبناءها .. دع مصر لشبابها وولادها وشرفاءها يا سيادة المشير وإمض الى حال سبيلك لأن طلبك مرفوض .
وفاء اسماعيل
25 نوفمبر 2011م