د. فايز أبو شمالة
إنه الشاعر المصري الصعيدي هشام الجخ، الذي فاض فيه القهر من سطوة الصهاينة على حياة المصريين، وسيطرتهم على منافذ مصر السياسية، فقال شعراً يسخر فيه من حاكم مصر المخلوع، ومن حكام الأنظمة العربية، الذين تقربوا من اليهود، والتقوا مع الإسرائيليين، وتبادلوا معهم التهنئة في ذكرى احتفالهم بالوبيل الفضي لقيام دولتهم، قال باللهجة المصرية:
خمسين سنة، عقبال يوبيلك الماسي
وأبقى هشام صهيون، ويبقوا اليهود ناسي
ولما حتجوز، ويجيني صهيوني، راح أجوزه بنتي
أنا خايف أديها لعربي يسرّحها
ما غار على بلده، حيغير على بنتي!
يلخّص الشاعر باللهجة المصرية وجع الأمة كلها، ويختصر الاحتقار لعشرات الخطب السياسية التي نادت بالتطبيع، وحسن الجوار، والمصالحة، والمفاوضات، والسلام المخادع، وكل ما تردده أبواق الدعاية الصهيونية ضد المقاومة، والتي كان آخرها مقولة: احذروا أن يفوز حزب الحرية والعدالة في الانتخابات المصرية، لأن فوز الإسلاميين مؤامرة ماسونية صهيونية أمريكية تهدف إلى توفير المناخ السياسي للتدخل الخارجي في شئون مصر، وعليه يحذر عليكم يا أيها المصريون انتخاب حزب الحرية والعدالة في الجولة الثانية من الانتخابات، وإلا ستكون أبواب مصر مشرعة للحرب الأهلية، وللتدخل الأمريكي، ولتمزيق مصر والاحتلالها!
هذا المنطق المتشكك بغد الأمة، وهذا الكلام الذي ينتشر في فضائيات مصر قد أصغينا له كثيراً في فلسطين، عندما رددت الأبواق الدعائية المستندة إلى المصدر ذاته، عندما رددت: إن انتخاب حركة حماس سيؤدي إلى وقف المساعدات، وقطع الرواتب، وتعرض الأراضي الفلسطينية للقصف الإسرائيلي، وما شابه ذلك من حرب إعلامية قذرة، تهدف إلى ربط السلام بالخنوع، ورغيف الخبز بالاستسلام، والهدوء بالخيانة، والراتب بقبول إسرائيل العظيمة، حتى صارت شروط الرباعية هي الشروط الفلسطينية لتحقيق المصالحة.
الشاعر المصري الصعيدي نطق بلسان كل جماهير الأمة العربية والإسلامية، واختصر الوجع الوطني في جملة واحدة تقول: إن الذي فقد كرامته، وانطفأت لديه شعلة الغيرة على بلده، ورضي بإسرائيل جارة، وطرفاً آخر، والتقى مع اليهود، لا يصلح لأن يكون رئيساً أو ملكاً عربياً، فمن فرّط بعرض الوطن يسهل عليه التفريط بعرضه الشخصي، ومن خان قضايا الأمة السياسية تهون عليه كرامته، وخيانة شعبه، وسيبقى ذليلاً، وهو يرفع من شأن الإسرائيليين.