عندما تتبجح الغانية ؛ تتشدق دائما بالشرف و العفة بمناسبة و غير مناسبة ؛ فى محاولة واضحة منها لنفى ما يتردد عنها فى الاروقة ؛ و هذا بالضبط ما كان يفعله غوانى الحزب الوطنى المصرى بداية من صفوت الشريف الامين العام السابق للحزب و انتهاء بالكومى المجهول قائد حملة جمال مبارك رئيسا ً ؛ فعادةً ما كان يتغنى هؤلاء بالديموقراطية و نزاهة العملية الانتخابية فى كل مرة يتم فيها تزوير ارادة الصامتين .
بعد ثورة الخامس و العشرين من يناير لم يختلف الامر كثيراً عن ايام الديكتاتور ؛ اللهم الا اختلاف بسيط فى الوجوه ؛ فبدلا من صفوت الشريف ظهر احمد ابو بركة المتشدق بكلمات فضفاضة عن الديموقراطية و الحرية و المشاركة و خلفه جنود تزوير ارادة الناخبين بلباس جديد …. لحى .. ملابس قصيرة … و مصحف بسوستة …. و اختفى احمد عز و جاء بديله محمد المرسى يتحدث عن الاتهامات الموجهة اليهم من قبل الاحزاب السياسية بشأن التزوير و المخالفات على انه حديث “الفاشلون” تماما كما قال مبارك عن اتهامات المعارضة لحزبه بالتزوير ” خليهم يتسلّوا ” .
اذا كانت الجماعة تتحدث عن الديموقراطية و حق الاختلاف … فكيف بهم لم يقبلوا خلاف ابنائهم من شباب الجماعة فى صغائر الامور ؛ واتخذوا قراراً بفصلهم لانهم لم يمتثلوا لمبدأ السمع و الطاعة لامر المرشد العام دون نقاش … و هذا ما يجعلنى اطرح سؤالاً حول تصرف الجماعة السياسية مع التياراتالسياسية و الدينية الاخرى ؟ فاذا كانت الجماعة لم تستطع ادارة الخلافات بين افراد الجماعة .. فكيف تدير دولة ذات تعددية ثقافية و دينية و عرقية ؟
امر آخر ؛ ان خطيئة الجماعات الاسلامية فى مصر باتت واضحة لا لبس فيها ؛ او هو ما يستدعى دفاعهم عن الديموقراطية دائما فى كل احاديثهم – كما ذكرت آنفاً – مستغلين انقياد اكثر من من 40% من الاميين بالعاطفة ؛ ففى الوقت الذى يتحدث فيه ابو اسماعيل و أبو بركة عن عدالة التيار الاسلامى الذى يمثلونه ؛ تقف جنودهم الملثمة امام لجان الاقتراع ليزوروا ارادة الناخبين ؛ اما بالشوة السلعية ( لحوم و زيت و سكر ) ؛ او بالترغيب فى دخول الجنة بالتصويت لهم نصرةً للسلام ؛ اوبالترهيب من عقاب الله ذا صوتو لغير الاسلامييين مع الترويج لفزة المسيحيين بالتصويت للبراليين و العلمانيين للقضاء على الاسلام ؛ فكان كل هذا كفيل بتحويل العملية الانتخابية من معركة لانتصار الديموقراطية و التعددية الى معركة من اجل الرب .
اما الكارثة الكبرى التى ارصد لكم فيها تفاصيل الصفقة السرية للاخوان المسلمين مع القوى الدولية لبيع القضية الفلسطينية فى مقابل السماح لهم بالجلوس على مقاعد البرلمان و السلطة فى مصر ؛ فهناك حقيقة واقعة و مرة مؤداها ان المجتمع الدولى يتدخل بطريق مباشر و غير مباشر فى شئون الشرق الاوسط ؛ و لن يكون هناك توفيق لاى فصيل سياسى لتولى زمام الامور فى مصر الا من خلال اتفاق المجتمع الدولى على ذلك ؛ فتحول مرشد جماعة الاخوان المسلمين محمد بديع الى مبارك آخرعندما ادرك تلك الحقيقة ؛ بعد ان فطن الى اللعبة الدولية و الاقليمية ؛ فاما ان يكون مع طرف الممانعة و هو ما سوف يعرقل ظهور شرعيته على المسرح السياسى المصرى ؛ او ينضم الى دول الاعتدال بالاتفاق مع الولايات المتحدة و اسرائيل لضمان حصول اتباعه على السلطة ؛ وهو ما يؤكد ذلك الخلاف الحاد الوليد بين قائد التنظيم الدولى كمال الهلباوى و جماعة الاخوان المسلمين خلال الاونة الاخيرة ؛ حيث جاءت تصريحاته كاشفة لحقيقة الاخوان المسلمين متهما اياهم بالانتهازية و الطمع فى السلطة و مذكراً الجماعة بسلوك امامهم حسن البنا (الذى لو كان موجوداً لنزل الى ميدان التحرير و اعتصم ببطانيته ) على حد وصفه .
لقد زار الهلباوى طهران فى اعقاب الثورة المصرية ليختار جانب المقاومة متفقاً مع كل من يدعم المقاومة الاسلامية على اختلاف توجهاتهم ؛ و داعياً الى ضرورة التحالف بين القوى الاسلامية لأجل هدف سياسى دولى يدعو الى نشكيل مجتمع دولى جديد ترفع من خلاله القوى العربية و الاسلامية الجديدة الظلم الواقع على دول الشرق الاوسط و تحقيق العدالة الدولة بعد سقوط الطغاة المتواطئين مع امريكا و اسرائيل .
ان بداية ظهر رائحة الخيانة جاءت مع اعلان اوباما ضرورة اجراء الانتخابات البرلمانية المصرية “فوراً” ؛ الامر الذى استغربه الكثير من المحللين الذين يؤكدون على اكتساح التيار الاسلامى للانتخابات اذا ما تم اجرائها فى هذا التوقيت ؛ و هو ما يؤكد من ناحية اخرى وجود صفقة سرية بين التيار الاسلامى المصرى ممثلاً فى جماعة الاخوان المسلميتن و امريكا و اسرائيل و التى كانت شروطها واضحة متجسدة فى توسط الاخوان المسلمين لدى قادة حماس للقبول بعروض التهدئة بل و فرض التحول من نموذج المقاومة المسلحة الى نموذج اخر هو المقاومة الناعمة بحسب تصورهم ؛ و هذا الامر بالتأكيد يضمن اذعان حماس و جميع فصائل المقاومة للشروط الاسرائيلية الساعية لتحقيق امنها الداخلى و ضمان استقرار الدولة الصهيونية .
لقد باعت الاخوان المسلمين القضية الفلسطينية باقناع فصائل المقاومة بالتخلى عن الجهاد المسلح فى مقابل وجود توافق امريكى اسرائيلى على اعتلاء الاخوان المسلمين لمقاعد السلطة فى مصر فتحولت الجماعة من معارضة لنظام مبارك المتواطئ مع اسرائيل من اجل الحفاظ على معد السلطة الى نظام مباركى جديد يتعاون مع الصهاينة و يبيع اى شئ مقابل السطة .
اذا كان الله جل شأنه قد امهل مبارك و لم يهملة فذلك لان مبارك كان سياسى ليبرالى يلعب بقواعد سياسية مشبهة و لكن الله عز وجل لن يمهل من يستغل اسمه و دينه كثيراً من الوقت؛ فاللهم عجل بناهية من يستغلون دينك و يضللون عوام المسلمين ؛ يمهل و لا يهمل .